حينما يتم تكليف شخصية سياسية بتشكيل حكومة فأنه يعمد بالدرجة الاولى إلى إختيار شخصيات تتسلم حقائب وزارية بالإستناد إلى عاملين مهمين أولهما الخبرة السياسية في اﻹدارة العامة للوزارة بصفته المسؤول الأول والثاني التخصص في مهام الوزارة المزمع إسنادها اليه ليكون على قدر المسؤولية والمهام الملقاة على عاتقه بحيث يستوعب طبيعة عمل الوزارة وينهض بواقع الخدمات المقدمة للشعب كأن يكون مهندسا” او طبيبا” او اقتصاديا” او قانونيا”..أو دبلوماسيا”مشهودا له بحنكته السياسية والدبلوماسية الخارجية وليثبت في الوقت نفسه حكمة وحنكة رئيس الوزراء الذي اختار وزراءه خدمة للصالح العام ويصب في نجاح الحكومة.
على مدى 12 عاما ومنذ عام 2003 ولغاية العام 2014 شهد العراق تشكيل 4 وزارات إبتداء” من وزارة إياد علاوي قصيرة الأمد ووزارتي نوري المالكي وأخرها وزارة حيدر العبادي لم يتم إختيار اي وزير وفقا لأي معيار من معايير الخبرة السياسية والمهنية والاحترافية في مجال العمل السياسي العام او التخصصي في مجال عمل الوزارات، فبالرغم من أهمية كل الوزارات الخدمية والمهنية في تقديم عملها بالشكل السليم للمجتمع والنهوض ببرنامج رئيس الحكومة الذي وضع في أول يوم لتشكيل الوزارة إﻻ أن من أهم الوزارات التي تتجاوز بتخصصاتها ومهنيتها الحدود الداخليه للدولة والمجتمع لتعكس سياسة الحكومة وتوثق عرى المصالح والتفاهمات السياسية وعلى مختلف الأصعده مع دول العالم هي وزارة الخارجية فهي التي تعكس وجه وحضارة البلد المشرق وتعلي من شأنه في المحافل الدولية وترسم صورة الدولة أمام دول العالم أجمع لذى ينبغي إختيار وزير يتولى هذا المنصب بحيث يتمتع بمواصفات تفوق المواصفات الاعتيادية ﻷي وزير أخر على المستوى العام والخاص يكون ملما” بتاريخ وحاضر الدولة ولديه استيعاب كامل لسياسة الدولة حتى يتمكن من إيصالها للعالم ويعكس السياسة الخارجية للدولة وتوجهاتها ويفرض الاحترام والهيبة التي يجب ان يحضى بها العراق في جميع المحافل الدولية وبما يتناسب وحجم العراق واهميته واعادة الهيبه لتاريخ الدولة العراقية كونه اي وزير الخارجية المتحدث الرسمي بأسم العراق ومرآة لسياسة الحكومة.
بطبيعة الحال هذه المواصفات والحنكة السياسية لاتنطبق ولايمكن تسقيطها على خريطة الواقع السياسي الحكومي العراقي منذ عام 2003 ولغاية يومنا هذا فلم يتولى حقيبة الخارجية أي شخص عكس حال ووضع العراق والازمات التي يمر بيها ولم يعبر عن حقيقة مايواجهه العراق من محن ومآسي بل كل وزير تخبط وانعزل بسياسيته الخارجية وكأنه دولة مستقلة يعبر ويصرح كيفما يشاء وفقا” لاهواءه وافكاره .
فحال وزارة الخارجية العراقية من سيء الى أسوء فقد أبتليت هذه الوزارة المهمه بمسك الختام في حكومة العبادي بوزير لايعرف ولايعي مايقول في مؤتمرات صحفية مهمة ويعيش في حالة رومانسية ملائكية فريدة من نوعها في ظل حكومة وبلد ينخره الفساد من اعلى قمة الهرم الحكومي الى ادنى مستوى منه، بل ونرجسية من الآنا وحب الذات كما شاهد الجميع في إحدى لقاءاته الاخيرة على قناة البغدادية فالعراق يسير في وادي وهو يسير في وادي اخر واختتمها قبل أيام بفضيحة على المستوى الدولي عند زيارته الكويت وحضور محفل دولي اسلامي مع افراد حمايته الذين اعتادو على مهاجمة العراقيين وضرب القوانين في العراق عرض الحائط فلا عجب وتصرفهم الهمجي في الكويت حيث أنهم إعتادو الإساءة للشعب العراقي والإستهتار بحقوق الاخرين كونهم حماية السيد الوزير فلا رقيب عليهم ولاحسيب فوقهم داخل الوزارة وخارجها فهذا الوزير الملائكي وحمايته الملائكية يعكس حال حكومة ووزراء العراق في هذا التاريخ المظلم من عصر النكسة العراقية فهو لايدرك شيئا في البروتوكولات الدبلوماسية وكأنما هم مليشيا في حلهم وترحالهم يفعلون كما يحلو لهم وحاولوا نقل تصرفاتهم خارج العراق فعكسو الوجه السيء لوضع العراق الداخلي وعبروا عن ظاهرة المليشيات المتسيدة والمتسلطة على رقاب العراقيين المغلوب على أمرهم والذين ابتلو بساسة لم يكونوا سوى عناصر مبعثرة في بقاع الارض جاء بهم غول العصر بوش ونصبهم على رقاب الشعب العراقي.
كان الاجدر برئيس الوزراء وبعد هذا الحادثة التي أساءت لهيبة وإحترام العراق أن يقيل وزير الخارجية من منصبه مباشره ويأتي بمن هو أهل لها على الصعيدين الداخلي لخدمة المواطن والخارجي لخدمة سمعة وهيبة العراق واحترامه .
فكيف نستجدي إحترام العالم لهيبة وسمعة العراق في المحافل الدولية في ظل حكومة لاتحترم مسؤولياتها الداخلية والخارجية ووزير لايعكس ولايمثل سياسة العراق الداخلية والخارجية بل يعيش داخل نرجسيته وحبه لنفسه ، فالاولى بالحكومة العراقية أن تحترم مسؤولياتها حتى تفرض الاحترام على الدول الاخرى في المحافل الدولية .