23 ديسمبر، 2024 8:53 ص

حكومة كوردستان السابقة، لاتستحق أن تذكر بسوء

حكومة كوردستان السابقة، لاتستحق أن تذكر بسوء

دون مراعاة للالتباسات والمقاربات الكثيرة التي تطرح هنا وهناك بإسم الديمقراطية، والتي تجعل مهمة الحفاظ على مكتسبات الكوردستانيين ليست باليسيرة، ولاسيما أمام تعنت وتعصّب الطائفيين والشوفينيين الذين يكفّرون الفدرالية وجميع الممارسات الديمقراطية ومفاهيم حقوق الانسان المثبتة في كل الشرائع. يطرح المبتلين بما هو سيئ في الإعلام والسياسة، في مجالسهم ونقاشاتهم الخاصة، وكتاباتهم في المواقع الألكترونية البسيطة والعميقة، كلمات وعبارات سماتها الرئيسية الوعي المشوه الملتصق جملة وتفصيلاً مع المخططات المعادية لمصالح الشعب الكوردستاني، ومضامينها، وإرضاء أشخاص يرتبطون معهم في حلف غير مقدس لزرع اليأس ورعايته، من خلال شطب ما قامت به الحكومة السابقة لإقليم كوردستان، برئاسة السيد نيجيرفان بارزاني، طيلة الأعوام الماضية.

ومن سخريات القدر، ان بعضهم يصهلون ببعرانهم في المستنقعات الآسنة، ويعملون بتواطؤ مكشوف من خلال مزاعم وافتراءات مهزوزة وساذجة تثير السخرية وحتى الخجل كأذرع للتطاول والهجوم الغادر في سبيل إلحاق الإساءة بالأبطال الذين أضيفوا الى قائمة الشهداء الذين افتدوا كوردستان بدمائهم وأرواحهم، وبأهاليهم الذين دعموا وساندوا واصروا بثوريتهم المعهودة على ثبات الحكومة وديمومتها، وكنس أعدائها وإلقاءهم في قاع مزبلة التاريخ.

وفي سبيل تأويل وكشف العلاقة بين الحق والأخلاق، وليس دفاعاً عن الحكومة السابقة ومساراتها، لابد من التطرق الى الظروف التي تشكلت فيها، والعقبات والمشكلات والأزمات التي واجهتها، والإنتصارات والمكاسب التي حققتها، ولو بشكل سريع.

الحكومة السابقة، تشكلت برئاسة نيجيرفان بارزاني بعد إنتخابات برلمانية، وبعد جولات تفاوضية ماراثونية إستغرقت عدة أشهر، وبعد أن تنازل الفائز الأول (الحزب الديمقراطي الكوردستاني)، عن الكثير من مستحقاته القانونية والإنتخابية من أجل مشاركة جميع الأحزاب الكوردستانية الفائزة في الإنتخابات في تشكيلها.

بدأت مهامها، وكانت حكومة بغداد قد قطعت موازنة الإقليم ورواتب الموظفين والمتقاعدين. وجاء داعش الإرهابي ليؤسس دولته المزعومة بجوار الإقليم، وكان عليها التصدي له على جبهة تزيد طولها عن ألف كيلومتر، كما لزم عليها تأمين السلاح والرواتب والمسلتزمات الضرورية للبيشمركه.

وفي الجهة الأخرى، إستقبل الإقليم ما يقارب مليوني نازح ولاجىء من غرب كوردستان والمدن العراقية التي إستولى عليها داعش، وكان عليها ضمان الأمن والإستقرار والخدمات الضرورية لهؤلاء، كما هبط سعر النفط الى أدنى مستوياته.

أما المعارضة التي شاركت في الحكومة، وبدلا من المشاركة في تخفيف المعاناة وتحمل المسؤولية وجزءاً من الأعباء الثقيلة، فقد إستمرت في إنهاك الحكومة ومعارضتها الشرسة، وفي محاولاتها غير الرحيمة لعرقلة أداء المؤسسات لأدوارها وواجباتها وتلغيمها عبر إفراغها من مضمونها القانوني، وتشويه صورة الحكومة في الداخل الكوردستاني والخارج.

وعندما تهيأ للكوردستانيون فرصة التوجه نحو صناديق الإقتراع لتقرير مصيرهم في إستفتاء شعبي عام، بعضهم وقف ضد أماني وتطلعات الشعب الكوردستاني، وتخلى عن الشعب وإنسحب من الحكومة معتمداً على تبريرات واهية، وغيرهم سلكوا طريق بغداد ليعلنوا براءتهم من الإستفتاء ونتائجه، والكثيرون منهم، بعد فرض الحصار الإقتصادي والسياسي، وغلق مطارات الإقليم، ودق طبول الحرب ضد الكورد وشن الهجمات على قوات البيشمركه في محاور كثيرة، حاولوا إغراق الإقليم في الفتن الرهيبة وتغیب الشرعية، وتحريك الشارع ضد الحكومة، ونادوا بإسقاطها وتشكيل حكومة إنقاذ.

مع ذلك بقيت الحكومة السابقة صامدة، وإستطاعت، بشكل سريع كالبرق الخاطف، توفير مستلزمات الحياة المطلوبة للشعب، وكسر الحصار، وإعادة ترميم علاقات حسن الجوار المبنية علي مباديء الإحترام المتبادل والمنافع المشتركة، وإجراء إنتخابات برلمانية ناجحة، كما إعادت الحركة لعجلة التنمية والحياة المدنية.

وأخيراً نقول، الحكومة السابقة، كأي حكومة أخرى، لم تكن معصومة من الأخطاء، ولكنها حفظت للكوردستانيين كرامتهم ووحدتهم وحقوقهم الدستورية، وقدمت الكثير بآليات مدروسة ومنظمة، وكانت تمتلك رٶیة وأهداف مستقبلية تستند على القيم الإنسانية التي تضمن الأمن والاستقرار المجتمعي وتعزز الحرية والتسامح والتعايش واحترام وحماية حقوق الإنسان، لذلك لاتستحق أن تذكر بسوء .