17 نوفمبر، 2024 2:46 م
Search
Close this search box.

حكومة كفاءات لا مكونات

من البديهي ان الية اختيار موظف ما لشغل منصبٍ او موقعٍ وظيفي معين يحتم على المعنيين اجراء مفاضله بين المرشحين من خلال اخضاعهِم لمعايير و اجراءات فنيه لتقييم قابلية المرشح على القيام بواجبهِ في اكمال المهام المناطة به و بأكملِ وجه و هذا ما معمول به في اغلب دول العالم ، و انطلاقاً من هذا المفهوم اود ان اتناول اليات تعيين الوزراء و المسؤولين في حكومات ما بعد ٢٠٠٣ ، فلا ابالغ اذ اقول ان اغلب التعيينات كانت لا تعتمد على معايير الكفاءه و النزاهه بقدر اعتمادها على المحسوبية و الانتماء الحزبي و المحاصصة الفئوية التي كان ثمنها الاخفاقات المتتالية للحكومات المتعاقبه ، و ما رسخ هذهِ الاليه الاعتباطيه في تعيين المسؤولين هو اصرار الكتل على مبدأ المحاصصه في اختيار الوزراء بعيداً عن المعايير الفنيه حتى اصبحت بعض الكتل تعتقد ان هذه الممارسات مشروعه و جزء من مرتكزات الانظمة الديمقراطيه و ان الاخلال بمبدأ المحاصصه يعني الاخلال بالنظام الديمقراطي و الشراكه و ذهب البعض الا ابعد من ذلك فمنهم من يظن انه المُمَثِل الوحيد و الحصري للمكون و ان أي مسؤول لا يُرشح من قناته الحزبيه لا يعد مُمَثلا عن المكون في الحكومة مهما بلغ من كفاءه و خبره و تمادى البعض حتى صار يحدد تمثيل المكون بالوزارة سين او صاد و يرفض ان يُمَثل المكون بوزارة خارج ارادته الحزبية! و في الحقيقه كل هذه الادعاءات باطله و لا اساس لها في نفوس العراقيين الطامحين بحكومة عادله تنظر الى مصالحهم واستحقاقاتهم بعين الانصاف و تأخذ على نفسها انقاذ العراق من تداعيات فشل و اخفاق الحكومات السابقة. في ضل التسريبات التي يتناقلها ناشطون و مقربون من السيد علاوي و فريقه التفاوضي يتضح جلياً ان غاية ما يطمح له السيد علاوي هو تشكيل حكومة من وزراء مستقلين غير متحزبين مع الاخذ بنظر الاعتبار تحقيق توازن مكوناتي في حكومته, و على الرغم من ان السيد علاوي يبدو جادا في احدث تغيير في قواعد اللعبة البائسة الا ان التغيير الحقيقي و الجوهري يتحقق عندما يتجرد رئيس الوزراء في خياراته من كل البدع التي روجت لها الاحزاب و الكتل و منها بدعة “تمثيل المكون و حصة المكون” و يعتمد المعايير الفنية المعروفة كالكفاءة و النزاهة و قابلية تنفيذ البرنامج الوزاري في تعيين الوزراء .
مهام الحكومات بصورة عامه هي مهام فنيه متعددة التخصصات لذلك لا يوجد معيار يسمى تمثيل المكون او الفئه او الطائفة و ومن الامثلة التي تعزز ذلك ان في التاريخ المعاصر هنالك تجارب حية لحكومات استوزرت شخصيات من جنسيات مختلفة للعمل حكوماتها و خير مثال المرحوم الدكتور عدنان الباججي الذي عمل وزيرا لخارجية دولة الامارات و كذلك الدكتور أرا واركيس دارزي العراقي الذي عمل وزيرا للصحة في حكومة بريطانيا والامثلة كثيره بهذا الصدد, و في الختام اود ان اشير الى ان المكان الطبيعي لتمثيل المكونات هو البرلمان العراقي الذي يجمع تحت قبته كل اطياف الوطن اما يروج له الساسة من بدع و خرافات ما لها من حقيقة و الغرض منها هو المتاجرة بأسم المكونات للحصول على مكاسب حزبيه ينتفعون منها.

أحدث المقالات