18 ديسمبر، 2024 9:52 م

حكومة عبد المهدي.. مَنْ سيكون مرمىً لكرة مَنْ ؟

حكومة عبد المهدي.. مَنْ سيكون مرمىً لكرة مَنْ ؟

معظم القوى السياسية تتحايل الآن للالتفاف على مشروع أن تكون الحكومة الجديدة حكومة كفاءات نزيهة وذات خبرة، فهي تضغط على رئيس الوزراء المكلّف للقبول بمرشحين عنها.
هذه ليست تسريبات وإنّما معلومات تدعمها تصريحات ممثلين لبعض هذه القوى يردّدون كلمة حق يراد بها باطل بشأن “التكنوقراط السياسي” الواجب ضمّه الى حكومة عادل عبد المهدي.
المنصب الوزاري منصب سياسي .. هذا أمر لا يحتاج الى تكرار الكلام فيه، والمشكلة مع كل الحكومات التي تشكّلت منذ 2004 حتى الآن أن القوى المتنفّذة في السلطة كانت تقدّم الى الحكومات عند تشكيلها أفراداً منها لا يتحلّى أغلبهم بالكفاءة ولا بالخبرة ولا بالنزاهة.. الغاية الأساس من توزيرهم كانت تأمين موارد مالية للأحزاب مأخوذة من ” البقرة الحلوب”، الدولة ومالها العام، وهو ما نظّمته وأدارته بـ “كفاءة” عالية اللجان الاقتصادية الحزبية التي افتضح أمرها ولم ينكرها أحد، وقد انسحب هذا على الكثير جداً من وكلاء الوزارات ورؤساء المؤسسات والمدراء العامين وإدارات الهيئات والمحافظات وذوي المناصب الدبلوماسية .
النتيجة كانت هذا الفشل التام والخراب الشامل الناجمين بالدرجة الأولى عن الفساد الإداري والمالي الذي عن طريقه استحوذت الأحزاب على عشرات المليارات من الدولارات التي كانت مخصّصة في الأساس لمشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما دفع الشعب العراقي للانتفاض مراراً وتكراراً منذ العام 2010، ولم تقدّم له الحكومات والبرلمانات المتعاقبة غير الوعود والمزيد من الفساد!
بالتأكيد يحقّ للأحزاب الفائزة في الانتخابات أن يكون لها ممثلون في الحكومة، إن أرادت وإن كانت على قدر المسؤولية، وقدر المسؤولية يعني ترشيح وزراء يتحلّون بالصفات الأساس المطلوبة في الوزير وسواه من متولّي الوظيفة العامة: النزاهة والكفاءة والخبرة. لكن في ضوء تجربة الدورات البرلمانية والحكومية الثلاث السابقة، وفي سبيل عدم إعادة إنتاج الفشل التام والخراب الشامل، يتعيّن على هذه الأحزاب الآن ترشيح أفضل ما لديها من الكفاءات النزيهة ذات الخبرة، وليست “الكفاءات” التي تؤمن لأحزابها المال المنهوب من لقمة العيش والخدمات الأساس الواجب على الدولة توفيرها لمواطنيها.
أظنّ أن أفضل أسلوب يمكن ان ينتهجه السيد عبد المهدي مع الاحزاب ومرشّحيها الى الوزارات هو أن يُخضعهم للمعايير والمقاييس ذاتها التي سيختار على أساسها أعضاء حكومته من غير الحزبيين ممّن يعرفهم هو شخصياً ويطمئن الى جدارتهم لتولي مناصب في حكومته، وسواهم من الذين تقدّموا عبر النافذة الالكترونية التي فتحها رئيس الوزراء المكلف. أي أن يجمع مَنْ يعرفهم هو ومَنْ ترشّحهم الأحزاب والمرشحين المُنتخبين من النافذة الالكترونية في سلّة واحدة ثم تجري المقارنات والمفاضلات من أجل اختيار الأكفأ والأنزه والأفضل خبرة بصرف النظر عمّا اذا كان حزبياً أو غير حزبي. بهذا الاسلوب يستطيع السيد عبد المهدي، إن كان جادّا في تشكيل حكومة ناجحة، أن يدافع براحة عن اختياراته عندما يتقدّم بتشكيلته الوزارية الى البرلمان، وبذا يمكنه أن يُلقي بالكرة في مرمى الأحزاب بدلاً من أن يكون هو مرمىً لكُرات الأحزاب.