23 ديسمبر، 2024 12:01 م

حكومة عبد المهدي . . مات الملك عاش الملك

حكومة عبد المهدي . . مات الملك عاش الملك

بعد اخذ ورد وتدافع على المناصب قدم السيد عادل عبد المهدي وزارته الجديدة لمجلس النواب ، واذا الجميع يتفاجأ باسماء وزراء ومسؤولين قدامى عليهم فيتو من قبل كثير من المشاركين في العملية السياسية ولا اقول من الشعب لان الشعب قد علم مسبقا ان من شارك بالانتخابات ودفع اموالا طائلة للحصول على مقعد لايمكن ان يكون مؤهلا لاختيار وزير نزيه لم يلوث يديه بالمال الحرام وبالدم الحرام . ونتيجة لتواطئ رئيس مجلس النواب مع عرابي النظام السياسي الذين سبق وان رفعوه للسلطة مقابل خدماته في نصرتهم عند الحاجة ، فقد تم حسم منح الثقة لرئيس الوزراء المكلف بعجالة . وكانت الفضيحة بجلاجل على قول المصريين . حيث تم التصويت على اربعة عشر وزيرا اغلبهم جاء نتيجة المحاصصة وتوزيع المناصب على وفق مايدعى بالاستحقاق الانتخابي رغم علم الجميع بان اغلبهم جاء نتيحة التزوير وشراء الاصوات . كما تم استبعاد ثمانية من المرشحين لا لانهم فاسدين او انهم قد تبوءوا مناصب سابقة بل لان هناك خلافات قديمة بين الاخوة الاعداء حالت دون قبولهم وخصوصا من قبل تحالف الاصلاح وجناحه الرئيسي سائرون

لقد صوت المجلس على الوزراء دون معرفة عدد الحاضرين وعدد
المقاطعين ودون معرفة من صوت لهذا الوزير ومن امتنع عن التصويت . فاصبح مجلس النواب مزادا علنيا لمنح الثقة لمجلس الوزراء العتيد . والخيبة لم تكن في مجلس النواب فقط ولا في الكتل والاحزاب المشاركة بالكابينة الوزارية . وانما الخيبة كانت برئيس الوزراء الذي سبق وان تحدث بنظريات افلاطونية لانقاذ العراق من المحاصصة ورغبته بتشكيل وزارة من اشخاص مستقلين اكفاء غير منحازين لاي حزب . وقدم مسرحية الترشيح الالكتروني وفرز المؤهلين وغيرها من الالعاب السحرية كما يجري في اي سيرك عادي ، وقد ظهر رئيس الوزراء الجديد مهزوزا مترددا امام اللاعبين الكبار الذين يحركون الدمى الجالسين في مجلس النواب كما في مسرح العرايس بعد ان سوق نفسه كرجل مبدأي لايقبل بالضغوط الحزبية او هكذا صوروه لخداع الشعب باصلاح العملية السياسية وتقديم الخدمات الاساسية وحتى الترفيهية للمواطنين ، واذا هو مجرد بيدق على رقعة شطرنج للاعبين كبار في الدولة العميقة

وهكذا جرى تمرير العدد الاكبر من الوزراء بعد اتفاق الكتل السياسية على تقاسم الغنائم الوزارية على وفق المحاصصة ، وزادت عليها بالعلاقات العائلية لكثير من الوزراء مثل وزير الصناعة والمعادن ، ووزير الرياضة والشباب ، وكذلك وزيرة التربية ، بالإضافة إلى مرشحة وزارة العدل وهي شقيقة ريان الكلداني أمين عام كتائب بابليون المنضوية في ميليشيات المالكي

وقد ترشحت اسماء مثل فالح الفياض عراب الميليشيات الحزبية وغطاء الدولة العميقة ، وقد رفض لا لاسباب موضوعية وانما لتصفية حسابات قديمة ، ومع ذلك مازال السيد عبد المهدي مصرا على توزيره . وسنرى في الجولة الثانية وزراء اكثر فسادا وتخلفا من وزراء الجولة الاولى ، كل هذا وكأن العراق قد خلا من الشخصيات الكفوءة والنزيهة المخلصة لضميرها ولشعبها

وهكذا انتصرت الدولة العميقة بعدما ضمنت ولاء السلطات الثلاث ورئيس الجمهورية . وبقيت استقالة عبد المهدي في جيبه ولم يرفعها رغم كل الخيبات التي اصابته . وربما سيجبر في وقت لاحق على اخراجها ، ان كانت له بقية من الموضوعية التي كان يدعي بها . ولذلك نتسائل هل هو حقا هذا الرجل الحازم ، القوي والشجاع الذي كنا ننتظره
فقد اظهرت كابينته الوزارية بما لايقبل الشك بانها امتداد لسياسة حزب الدعوة في تنفيذ اجندة تجريد العراق من كل القيم والروابط الاجتماعية السوية ، وتصفية كل الناشطين والمعارضين للنظام السياسي المبني على التفرقة العنصرية والطائفية . مع استمرار نشر السلاح والفوضى في كل المحافظات . وهكذا سيستمر الوضع على ماهو عليه من انعدام الخدمات وضعف الامن والبطالة والامية . فلا احد يمني النفس بتحسن الوضع الامني او الخدمي او الصناعي او الزراعي . وسيبقى العراق الى ماشاء الله بلا كهرباء ولاماء صالح للاستهلاك البشري ولا مشفى يعالج الناس ، ولا مدرسة فيها كتب ورحلات ، ولا شارع مبلط ولا مجاري سالكة . وستبقى الاحزاب تسرح وتمرح وتقتل باسلحة كاتمة في شوارع العاصمة والمحافظات ، مع الجريمة المنظمة ، وهي تسرق قوت الشعب وتتربع في قصور صدام ، وتبث سمومها الطائفية والشوفونية والقبلية من محطات فضائية تمول من عرق ودماء الشعب المغلوب على امره . حتى يعود الوعي لهذا الشعب من كبوته ويديم زخم الانتفاضات التي مازالت كالقبس تحت الرماد ، وستتوهج شعلتها من جديد سواء طال الزمن او قصر . وعندئذ سوف لن يستطيع عبد المهدي ولاعرابي النظام من ايقاف زحف الشعب الغاضب
عاشت حكومة المحاصصة ، عاشت الدولة العميقة . ويسقط الشعب ولو الى حين