18 نوفمبر، 2024 3:11 ص
Search
Close this search box.

حكومة عاجزة .. وبرلمان متفرج على الازمات..!!!

حكومة عاجزة .. وبرلمان متفرج على الازمات..!!!

مما لاشك فيه ان الوضع السياسي بشكل يمر بظروف عصيبة ، حيث الازمات تلاحق بعضها البعض دون ان يلتمس المواطن في الافق حلولا أو معالجة  ، ولو لجزء بسيط منها للحيلولة دون اتساع رقعة الاخريات منها ، والتي بدأت الاخيرة من تلك الازمات تأخذ طابعا مخيفا تهدد مسار العملية السياسية برمتها ، بل وتهدد الوحدة المكوناتية لهذا الوطن الذي لم ينعم بالامان والاستقرار منذ اربعة عقود وأكثر ،  بسبب انصهار العقليات المتخلفة التي حكمت العراق في بواطن لغة السلاح والقسوة والعنف ، والتي تمخضت عنها صورة وطن على هيئة مقابر تتزين كذبا و نفاقا بعلم العراق ، حتى دون ان نجد مكانة لهذا العلم في قلوبهم الشريرة وعقليتهم الفاسدة ، ناهيك عن شرائح مجتمعية واسعة ، وقد فقدت من كان يوفر لها الزاد والعيش والامان ، بل ويحسهم بالدفء والحنان…
اليوم في عراقنا المضطرب نجد ان الذين عاهدونا على حمايته من كيد الاعداء ودسائسهم وضعوا انفسهم بالنيابة في خلقهم للازمات التي تحول البلاد من جراءها الى بلد الازمات الخانقة ، بحيث لم تمر ازمة الا  واطلت الاخرى براسها دون سابق انذار، في وقت ونحن نتباهى ببرلمان انتخبناه بإرادتنا الوطنية دون ان يفرض علينا أحد من املاءات ووصايا  …
الغريب والعجب في هذا البرلمان انه بمتفرج جيد على وصل اليه البلاد والعباد ،  وما يتعرض من تحديات كبيرة تنذر بالتفكك وتمزق نسيجها الاجتماعي والثقافي لأسباب يعرفها المواطن رغم بساطة وعيه الفكري والثقافي الذي استلهمه من واقع سياسي متردي ومزري ، تحول بمرور الايام الى حلبة لصراع الكبار على الغنائم والثروات ، تحت مراىء ومسمع هذا البرلمان ، الذي يعتبره الشعوب والامم منبرا لصوتها وحال لسانها الصادق ، ودعامة من دعامات لحمتها الوطنية  التي ترفض الكذب والرياء والنفاق ، عكس ما عليه نوابنا في هذا برلماننا ((المنتخب)) الذين يتصورون الحضور لجلساته المعتادة استهانة بمكانتهم الحزبية  والسياسية ، حتى غدا انقطاعاهم وغيابهم للبرلمان بالنسبة لهم نشوة انتصار سياسي لكتلته وقائمته ،ولهذا نجدهم وبكل اسف  يستمدون قوتهم من الكم الهائل من سرايا حماياتهم الخاصة المدججة بالسلاح والحراب ،ولا ينتقلون من مكان الى مكان والا اغلقت الشوارع كاملة بوجه المواطن ، والمصيبة حين يتابع المواطن جلسات هذا البرلمان يصطدم  بان العديد منهم لا يجد ما يشغله في الجلسة سوى الالتفات يمينا ويسارا مصحوبة بتوزيع ابتساماته على المقربين منه ..!!وكأنهم في حفلة سمر ليلية ارهقتهم الارق والملل من اجوائها المشحونة بالصراخ والوعيد..!!
 هذه هي اذن هي صورة البرلمان الذي يشغل مقاعده الباحثون عن الذات دون ان نجد موقفا وطنيا شجاعا يدل على حسن اختيارنا لهم كممثلين لشعبنا الغارق في بحور الهم والاسى منذ عشر سنوات ، بل ولم نجد له حضورا وسط  الازمات العاصفة يطمئننا على مستقبل ننشده  ، كسائر الشعوب في دول جوارنا الذين ينتظرون منا يد العون والمساعدة ، ولكن برغم كل معاناتهم يحتفظون  بخصلتهم الفريدة التي يميزون بها عنا ، هو انتمائهم الحقيقي وارتمائهم في حضن الوطن الدافىء ، ولا يجدونه في غيره ، لذا نراهم  لا يترددون في التعبير عن رفضهم  للفاسدين والمرتشين والسارقين لقوتهم ، واصحاب الحيل والخداع ، والنزوات والشهوات الصبيانية الذين يستغلون الامانة الوطنية ، ويتخذونها وسيلة للإشباع والثراء الغير المشروع..
المشكلة التي نواجها هي ان المجاملة على حساب معاناة الوطن وابنائه سارية تحت قبة هذا البرلمان  حتى تحول من جراءها الى منتجع سياحي  لا يجدون في اروقته سوى الحديث عن الامتيازات الخاصة من حيث الراتب ومخصصات الخطورة على حياتهم وحياة أولادهم واسرهم ، مجردين بذلك من القيمة المادية والمعنوية لصفتهم القانونية والدستورية كممثليين للشعب والوطن..
المعضلة التي نواجهها هي اخلاقية قبل ان تكون وطنية ، لذلك فحين نستند على الاحاديث النبوية الشريفة  الذات الصلة بالأخلاق ((جئت لأتمم مكارم الأخلاق)) ندرك تماما ان الاخلاق الجميدة هي التي تحصن الفرد من الوقوع في المزالق ، وهي التي تمكنه من الحفاظ على استقامته داخل المجتمع ليكون طهارته بمستوى خلقه الرفيع الذي يأبى ان يستسلم للمغريات التي لا تنفعه يوم يقوم الحساب  ، ولهذا لو امعنا النظر جيدا في الحديث لوجدناه ثورة حقيقية على بؤر الفساد ،  أراد به الرسول الكريم ان يخلق به مجتمعا متجانسا في الخلق والآداب ليكون رديفا انسانيا لدعوته الربانية ورسالته السامية التي اراد البعض ان يشوه صورتها الحقيقية لضمان ديمومة مصالحهم الشخصية ….
وهذا يعني ان الآمال التي راود العراقيون بعد عملية سقوط النظام قد تناثرت مع هبوب الرياح التي رافقت تشكيل مجلس الحكم وانتخاب برلمان ((هش)) البنية والتكوين خصوصا حين وجدتها الاحزاب فرصة ((لكرف))ما هو موجود في خزائن الدولة الخالية من رقيب ومؤتمن على اموال الشعب والوطن ، في ظل الموافقة الامريكية على مجريات الفوضى التي اصابت البلد ، وكل مؤسساتها بما في ذلك سرقة المعامل والورش الانتاجية التي لا تعد ولا تحصى ، والتي اصبحت بلادنا من جرائها من البلدان (الصحراوية) التي لا تستطيع ان تنتج (صابون غسيل) ، في حين كانت منتوجاتنا الصناعية والزراعية تملاء اسواقنا المحلية على اقل تقدير رغم بعض من تحفظاتنا على مستوى جودتها ،
ولهذا انه ليس من الغرابة ان نجد البعض الان بدأ يترحم همسا على الزمن السابق خوفا من ان يقتص منه قانون رقم (4) ارهاب ليجتثوه من على سريرته ليشمله قانون المسالة والعدالة ، ويصبح صداميا في ظل حكومة المالكي الذي يعمل بازدواجية واضحة بهذا الخصوص حين لا يتردد في ان يفرش الارض وردا ورياحيين لمن هو بحاجة لخدماتهم في اجهزة الامن والمخابرات ، ويتعامل بالعكس تماما مع من لا ينفذون رغباته ولا مع نهجه المغابر لمصلحة البلد الذي يتعرض للضغوطات السياسية من كل صوب التي وفرت الاجواء للمزيد من التوتر التي ربما ستفتح  المجال مجددا للمزيد من القتل والعنف في المدن العراقية كافة ، وفي ظل عودة المجاميع المسلحة التي باشرت  بلملمة شتاتها من جديد في بغداد على وجه الخصوص ، وهذا يعني ان الحكومة عاجزة تماما عن مواجهة التحديات التي تجاوزت حدود المطالبة بالحقوق المشروعة الى المطالبة بإسقاط النظام  على غرار ما يجري في الدول القريبة من العراق ، وليس مستبعدا في ظل قراءتنا للاوضاع ان بتخذ المالكي اشد الاجراءات لحماية حكومته من الانهيار ، خصوصا في ظل لهجته الجديدة التي توحي بانه لا يتردد في ذلك اذا دعته الضرورة ..لذلك فخلاصة القول ان عجز المالكي وحكومته هو الذي جعل من البرلمان العراقي برلمانا متفرجا على الازمات بسبب النهج الخاطىء الذي اوصل البلاد على ما نحن عليه الان ،

أحدث المقالات