شاءت الأقدار أن تتزوج إحداهما من رجل يعيش في الجانب الآخر من شط العرب في بداية النصف الثاني من القرن الماضي في حين تزوجت أختها هنا وكانت آخر زيارة جمعت الأختين أمينة وفضيلة في عام 1966 لبضعة أيام وتوادعتا على أمل أن يلتقيا من جديد بعد فترة من الزمن ، وبعد إستلام زمرة البعث المقيت سدة الحكم في العراق عام 1968 وما رافقها من إضطهاد وإستبداد وتعسف تجاه الشعب العراقي وتزامنها مع عدوانية سيئة مع إيران حالت دون أن تلتقي الأختان وإزدادت وتيرة التوترات بين الحكومتين العراقية والإيرانية وخصوصآ بعد إنتصار الثورة الإسلامية في إيران من جهة وإستلام المجرم صدام الحكم في العراق من جهة أخرى ونشوب الحرب بين الدولتين وإستمرارها لمدة ثمان سنوات دمرت المناطق الحدودية تدميرآ كاملآ وهجرت ساكنيها وشتتت العوائل وأحرقت الحرث والنسل ، فشدت أمينة مع زوجها وأطفالها الرحال من ضفة النهر نحو عمق الأراضي الإيرانية بعد أن أستشهد لها ولد وبنت في أرض المعركة وكذلك الحال أجبرت فضيلة الى أن تهاجر نحو عمق الأراضي العراقية وإنقطعت كل الإتصالات بينها وبين أختها أمينة وباعدت بينهما الأحداث وإنشغلت كل منهما في حياتها مع أبنائها وعائلتها ومعيشتها . دارت الأيام والسنين وغفل الزمن عن فتح أرشيف الأختين وأبنائهما حيث رزقت أمينة بأربعة أبناء وست بنات أما فضيلة فأنجبت خمس اولاد واربع بنات وكل هؤلاء شقوا طريقهم في الحياة فتزوج الأبناء وتزوجت البنات وكل منهم إنشغل بحياته وبيته وزوجته وعياله وأصبحت كل من أمينة وفضيلة جدة وكبر الأحفاد وتزوجوا ، وكل مايعرف عن ماضي الأسرة في إيران أن لوالدتهم ولجدتهم أمينة أخت في العراق إسمها فضيلة والأسرة في العراق أيضآ لا يعرفون سوى أن لوالدتهم و جدتهم أخت في إيران إسمها أمينة ، وكانت الأمنية الوحيدة لهاتين الأختين أن تلتقيا ولو لمرة واحدة بعد كل هذه السنين من الفراق إلا أن بديهية الحياة الدنيا لا خلود لأحد فيها فسارعت أيادي المنون لتخطف حياة كل منهما في البلد الذي تقطنه وتترك وصية لأبناءها أن لهم خالة في البلد المجاور . وبعد سقوط النظام البعثي المقيت في العراق وفتحت الحدود بين الطرفين وعادت العلاقات بين الدولتين تكحلت أغلب عيون الشعبين بزيارة المراقد المقدسة والمقامات الكريمة لأهل بيت النبي المختار (ص) ، وبدأت رحلة التقصي والبحث عن الأهل والأقرباء وإستمرت أعوام وأعوام وحلت لحظة لم تكن في الحسبان فشاءت رحمة الباري أن تسوق الأقدار في عام 2016 مع أعياد النيروز أن تلتقي العائلتان الأولاد والبنات والأزواج والأصهار والأحفاد والأسباط في أجمل كرنفال عائلي جمعهم معآ إنهملت فيها دموع الفرح كالمطر وتمازجت فيها أصوات البكاء والزغاريد بدون الأختين بعد (50) سنة من الإنقطاع ويتم التعارف بينهم ويعرفون أن أمهاتهم وجداتهم أخوات حكمت عليهم سياسة الحكومات بالبعد والفراق لتعدم فيهم صلة الرحم لولا مشيئة الله سبحانه وتعالى ..