كثر الجدال هذه الأيام حول أيهما أفضل حكومة الشراكة أم الأغلبية التي يدعو لها رئيس الحكومة الحالية ولو أجرينا مقارنة بسيطة من خلال دراسة ما حصل في العراق وما عشناه وجربناه منذ عدة سنوات حيث كان الشعار المرفوع هو حكومة الشراكة الوطنية فالأحزاب والكتل كلها تشترك في مفاصل ومؤسسات الحكومة ولمدة أكثر من ثماني سنوات ولدورتين نيابيتين لم يقدم مشروع الشراكة إي شيء ملموس للشعب العراق فاغلب القوانين كانت معطلة وقد ركنت على الرفوف بانتظار من ينفض عنها غبار الزمن رغم إن بعض هذه القوانين كانت على مستوى غاية في الأهمية ولها وقتها وموقعها ومرحلتها الآنية وكان يحسب لها الأولوية و تنتظرها شرائح من المجتمع ليست بالقليلة كما إن مشروع الشراكة الوطنية ظل يتخبط ويتباطىء ويراوح مكانه في إقرار الكثير من القوانين والمشاريع ناهيك عن تعطيلها بحجج واهية وآخرها كان قانون الموازنة العامة للدولة فكلما عزم البرلمان لإقرارها يتغيب قسم من الكتل أو الأحزاب عن الحضور للحيلولة دون صدورها وإقرارها بالرغم كون الموازنة ليست من الأولويات فحسب بل إنها شريان الاقتصاد الوطني ويتوقف عليها الكثير من القرارات والمشاريع التنموية والتشغيلية وغيرها ولو دققنا النظر جيدا على اصل اللعبة التي ينتهجها ويدور حولها مشروع الشراكة لوجدنا إنها تعتمد على سياسة المنفعة والمصلحة الشخصية أو الحزبية الضيقة والتي لا يهمها المصلحة العامة والوطنية إنها سياسة خذ وأعطي , امنحني وأمنحك , انفعني وأنفعك , اسكت عني واسكت عنك , استر علي واستر عليك , هكذا هو مبدأ وشعار الشراكة لذا فان اغلب الكيانات والكتل كانت تتخذ من الضغوط وأوراق الربح والمنفعة الفيصل و المقياس لحساباتها لتسيير وإقرار اغلب القرارات والمشاريع حتى في أحلك الظروف التي يكون فيها البلد بأمس الحاجة لخيارات الأمن والتسليح والاقتصاد وغيرها لذلك كانت يد الحكومة تقصر بل وتشل في كثير من الأحيان عن تنفيذ خططها الموضوعة بسبب حواجز الشراكة ومطباتها ودوافعها وأسرارها العميقة فمن الحتمي والضروري أن يكون البديل للشراكة هو الأغلبية وبتحقيق الأغلبية يتمكن من بيديه القرار السياسي أن يتحرك بحرية حتى لو كانت نسبية لتنفيذ الخطط الموضوعة سواء كانت في الجوانب السياسية أو الاقتصادية أو الأمنية أو الاجتماعية ثم لا يكن بعد ذلك إي حجة أو ذريعة يتذرع بها لأي تلكؤ أو تباطؤ قد يحدث في التنفيذ والإقرار وستكون أمام صاحب الأغلبية حكومة تابعه له كليا يستطيع أن يناور ويحاور بها فقد يتمكن من بناء وتحقيق دولة المؤسسات المنشودة التي دعا إليها رئيس الحكومة الحالية خلال برنامجه الانتخابي ولتكن الكتل الأخرى المنافسة والمخاصمة له في مضمار المعارضة تراقب عمل الحكومة كما هوالحال المعمول به لدى اغلب دول العالم من الحكومات والمجالس النيابية أما اختلاط الجميع من بيده السلطة ومن يعارض في نفس الحكومة فهذا أمر غاية في الخطأ والإرباك وتكريس للفساد والمفسدين واستمرار للتقهقر والانفلات والفوضى في شتى ميادين الحياة وجوانبها , والتجربة خير برهان وما شهدناه خلال السنوات العجاف الماضية دليل واضح ومصداق لما نقول فالشعب كل الشعب ينشد ويحلم بحكومة توفر له الأمن والاستقرار والعيش الكريم ليس أكثر من ذلك إنها واقعا مطالب ليست بالاعجازية أو دونها خرط القتاد فكفى شراكة ومحاصصة وتوافقيات ونعم لحكومة الأغلبية ..