مثل شعبي شهير يتردد على ألسنة الكثير منا، وخاصة عندما يريد شخص أن يميز نفسه بشئ مختلف عن غيره، أو يكون له رأي مخالف في مسألة مطروحة على مائدة النقاش فيقال له “خالف تعرف” ولكن هذا المثل محرف من مقولة “خالف تذكر” التي لها أصل في تاريخ العرب وذكره كتاب “المنتقى من أمثال العرب”.
كم هي كثيرة الإمثال والحكم التي يستشهد بها الناس قديما، وأصبحت اليوم تفعل على أرض الواقع ضمن مجتمعات سادت فيها الجاهلية من جديد بزي وطور يختلف عن الأول.. فقد كان العرب لهم عادات وتقاليد يحافظون عليها بكل ما يستطيعون من أجل منع الانتقادات، أو القدح بشخصيتهم التي ربما تقلل مواقفهم بين المجتمع المدني أو المجتمعي.
خالف تعرف: شعور بالنقص.. أم سلوك منبوذ، أم ماذا؟
“وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلا مَاسَعَى، وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى”.
كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين “التوابون” لكن هناك فرق بين الخطأ والخطيئة، فالخطأ يكون عن غير عمد، أما الخطيئة، فيكون صاحبها متعمداً فعلها.
إذا لم تستطع قيادة نفسك فلا تحاول قيادة الآخرين.. وبعض الناس فلسفتهم الخاصة في الحياة” خالف تعرف”فيسعون إلى الاختلاف بأي شكل من الأشكال، يتفادون كل شيء إيجابي ويتمسكون بالسلبيات فقط.
يقول دكتور «سعود الغانم» إن «خالف تعرف» هو سلوك متجذر في نوعين من أربعة أنواع معروفة من شخصيات الناس؛ الأول «العقلاني» الذي يبحث عن معلومة نادرة وغير شائعة للآخرين، ويتهمه البعض بأنه يخالف من أجل المخالفة ولكنه سوف يثبت لهم العكس، وهؤلاء يتبنون أحيانًا آراء علمية أو دينية غير شائعة، فيتشبثون بها على اعتبار أنها أمر موجود.
النمط الثاني هو «الحرفي» وهذه الحالة تخالف باستمرار السائد في المجتمع، فهي تحب أن تكون تحت الأنظار ووسيلتها في ذلك مخالفة أنماط التفكير الأخرى،
وكثير من البشر يحاول أن يثير البلبلة لأجل أن يكون له أسم، بسبب شعوره بالنقص وعدم الثقة أو لجذب الإنتباه. والمخالف منبوذ حتّى من أصدقائه وأسرته، لأنه دائما ما نجده يسير خلاف الركب. يعاكس القوم في أي موضوع، ويصر على أنه على الصواب والباقي مخطئون، فهو مخالف لرأي الآخرين بدون سبب أو مبرر..والأية تثبت أن “من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد”
اليوم تصريحات الحكومة بالتغيير ومحاسبة المقصرين ومن سبب هدر المال العام ، ثم السيطرة على المنافذ الحدودية، إلغاء رواتب بعض المؤسسات والدرجات الخاصه! هل هذا خطأ أم خطيئة؟ أصبحت البطاقة التموينية معدمة، الرواتب تتأخر والقحط أصبح سائدآ على البلاد وفي نظرهم يعملون بصدق لأنقاذ البلد والعبور إلى شاطئ الامان، لكن الواقع بعيد كل البعد عن الحقيقة التي يطالب بها المواطن ، من توفير الخدمات والعيش الكريم وتفعيل القطاع الخاص، أمام الشباب الخريجين العاطلين عن العمل، ولو قارنا بين السابق القريب سنجد الوضع يختلف.. فالأمور سارت بصورة طبيعية رغم المواقف والظروف التي سادت حينها من حرب داعش وشدتها، المظاهرات وضراوتها والأمور تسير بالاتجاه الصحيح، البطاقة التموينية بموادها الأربعة، الرواتب في وقتها المقرر، مع أنخفاض صادرات النفط، أما اليوم الفارق كبير لكن فقدنا المصداقية في الأداء الفعلي، وأصبحنا نتعامل بالإعلام فقط، هل هذا لصالح المواطن الذي يعاني الامرين أم ماذا ؟
هنا على الحكومة أن تأخذ الأمور بجدية لبناء نظام سياسي وحكومي يعمل على مصلحة العراق أولا واخيرآ، لا لمصالح خارجيه، هذا المطلب الجماهيري لحركة تشرين، فلا نريد شعارات براقة من الخارج خاوية من الداخل، والحكومة غير قادرة على تأمين حتى رواتب موظفيها!