لن أكون سوداوي في الرؤية، ولن أقيم بشكل احادي، لكن مقاييس النجاح تحددها الأرقام، في بلد مثل العراق، ذو ثروة كبيرة وعقول غنية وطاقة شبابية هائلة، يجب أن يقفز في أعلى المراتب، خلال أشهر لو وظفت بالشكل الصحيح.
لا يخفى عن كل متابع للوضع العراقي، إن التشتت والصراع الداخلي، و المحاصصة المقيتة قد شلت حركة التقدم.. وجاء الفساد ليقضي على أمل التطور والأمن وحتى المستقبل.
كان من أولويات الحكومة، هو محاربة الفساد بالطرق القانونية، وتفعيل الجهات الرقابية وأساليب التدقيق والرقابة، من خلال قيادة عليا لمكافحة الفساد انتج مجلس الأعلى لمكافحة الفساد في مجلس الوزراء.. لكنه لم يعطي النتائج المرجوة، في حين أن الفساد الإداري والمالي في تطور مستمر.
واجب الدولة على الأقل هو إيقاف الفساد أولا ثم البحث عن طرق محاسبة حقيقية، تقضي على رؤوس واذرع مافيات متغلغلة بين الدولة وتجار خارج وداخل جسد الدولة العراقية.
بعد تجاوز عمر الحكومة قرابة العشرة أشهر، إلا أنها تسير ببطء كبير، وفشل في بعض المجالات وتتقدم في ميادين أخرى، بعيدة عن أيدي الناس واحتياجات الشعب الضرورية، و خصوصا الشباب الذي بدأ يتذمر، بعد تفاقم حال الخريجين والعاطلين، في ظل غياب القطاع الخاص ونفاذ مشاريع الاستثمار التي باتت تستقطب عاملين من الخارج، على حساب جيوش الشباب العاطل والغير مؤهل.
في قطاع الصحة، لم تستكمل المستشفيات والتي نسبة إنجازها فاق 90%.. وضعف الكوادر الصحية وقلة عددها، مع زيادة هائلة في السكان والعشوائيات، التي تفتقر إلى أدنى رعاية صحية أولية.
أزمة السكن، المشكلة المستعصية والأكثر تعقيدا والاخطر نتاجا على المجتمع، بسبب تفاقم مناطق التجاوز، والتي تكثر فيها العصابات، والمخدرات وما تنتجه؛ من آفات للمجتمع من الصعب إصلاحها مستقبلاً.
التعليم هو عصب المجتمع وشريان الحياة، الذي به تحيا الأمة وتضمن لنفسها مستقبل ولأجيالها رفاه واستقرار… لا مدارس ولا كوادر ولا مناهج، جميعها تحتاج إلى إصلاح وتصحيح، ولم تحرك الدولة في هذا الجانب ونحن مقبلين على نهاية موسم دراسي، كانت نتائجه كارثية على مستوى التقييم والتخطيط، حيث أشارت إحصائيات بتسرب آلاف الطلبة من المدارس في المرحلة الأولية، واخفاق كبير للمرحلة المتوسطة والثانوية، حيث نسبة النجاح لم تتجاوز ال 30%.
خدمات تفتقر إلى معنى الخدمة، بل هي نقمات على المواطن فلا كهرباء ولا مواصلات ولا طرق ولا بيئة صالحة ولا انترنت ولا ضمان.. مواطن مشتت ومستهلك.. ومنشغل بهوامش الحياة، وجزئياتها البسيطة، تسبب بفقدان التخطيط والتنظيم والمشاريع والرؤية المستقبلية.
دولة تشغل شعبها بمعاملات بيروقراطية مهلكة، ودوائر مستهلكة وبنايات فاقدة لأدنى مراعاة للشؤون الإدارية والتنظيمية، يملأها الرشاوي وتحاط بالفاسدين والمعقبين من كل جانب.
في حين رفعت شعار الحكومة الإلكترونية، لم يرى منها المواطن غير حكومة كارتونية، فكل الشيء يخضع للسجلات والورقة والقلم، والتأخير والمماطلة والتسويف والرشوة.. عدم الاستعانة بشركات عالمية متخصصة، في مجالات التطوير والبيانات.. لن يتقدم هذا الوطن حتى بعد عشر سنوات.
حكومة تتعكز على فشلها.. تحاول أن تصور لنفسها انها في حالة تقدم كبير، في حين انها تسابق سلحفاة، رغم الاستقرار الأمني الملحوظ وغياب مظاهر السلاح بشكل ملفت، إلا أنها لم تنعكس بشكل كبير على الخدمات وما يرافقها من متطلبات اساسية للشعب.. علما أن نفوس العراق يزداد سنوياً قرابة المليون نسمة، وهذا عبئ كبير على حكومة لا ترى حقيقة ما يجري إلا من أفواه المستشارين، الذين لن يصدقوا دوما مع مرؤوسيهم لأسباب كثيرة.. يفقدهم تلك المكانة أولها.
نحن بحاجة إلى واقعية، و ميدانية حقيقة ترى المشاكل وتحولها بشفافية دون وسائط معقدة، تسير برؤية عقلية حديثة، فما كان يشيد بسنوات، أصبح اليوم بخمسة عشر يوم فقط.. هذا ما فعلته الصين في بناء عمارة من 30 طابقا، فعصر السرعة والتكنولوجيا يجب أن يؤخذ في عين الاعتبار.. ليس من المعقول أن ننتظر سبع سنوات لتشيد مستشفى عمرها الافتراضي عشر سنين؟!
متى نستثمر الشباب.. يكون لنا مستقبل.