حاول رئيس الوزراء المكلف عادل عبد المهدي ان يظهر بمظهر الرجل المستقل عندما رفض ترشيح وزراء مستقلين من قبل احزاب السلطة . وفتح باب الترشيح عن طريق النت . فتفائل الناس بهذا الخبر على اعتبار ان الحكومة الجديدة ستكون حكومة تكنوقراط مستقلة لاعلاقة لها بالاحزاب او بالفساد السياسي والاداري المستشري في جسد الدولة العراقية او ماتبقى منها . ولكننا سرعان ما اكتشفنا ان كل الاحزاب والكتل التي تدعي فوزها بالانتخابات الاخيرة المزورة تطالب بعدد من الوزرات حسب استحقاقاتها النيابية . ومنهم من طالب بوزارة الداخلية على اساس نجاح الوزير الحالي بعمله . هكذا . والجرائم منتشرةفي كل انحاء العراق مسجلة ضد مجهول . ومنهم من طالب بوزارات سيادية . وهم لايعرفون معنى السيادة والا لما وصل العراق الى الدرك الاسفل من التدخلات الاقليمية والدولية . حتى ان البعض منهم حدد عدد الوزارات لتكون من حصته لما فيها من موارد يمكن الاستفادة منها في تمويل احزابهم وفضائياتهم ورواتب ميليشياتهم . كوزارة الصحة ووزارة التربية . وترك المواطنين بلا مستشفيات ولا مدارس وكثير من الطلبة جالسين على الارض دون رحلات او كتب مدرسية . ومازال رئيس الوزراء المكلف يمني النفس بحكومة قادرة على معالجة الازمات والاختناقات ، ويحاول الحصول على الدعم من كتل لاتريد مغادرة المحاصصة ولا الفساد وتعتبر وزارات الدولة ملكا لها . حيث ان المنظومة السياسية تحكمها المصالح الحزبية والفئوية الضيقة . وهذا ليس محصورا بطائفة معينة حيث يستوي في ذلك كل الاحزاب والكتل المشاركة في العملية السياسية على اختلاف طوائفها . وهكذا غاب الحديث عن الفضاء الوطني ورفض المحاصصة . فتشكل محورين متنافرين في المنهج والاسس ايضا ولايمكن التوفيق بينهما . محور صغير يقترب من الشارع وينادي بتشكيل وزارة بعيدا عن التأثير المباشر للاحزاب في محاولة لانقاذ مايسمى بالعملية السياسية ، واخر يمثل ضغط الاحزاب والكتل التي لاتقبل التنازل عن حصصها وتطالب بوزارات تسترزق منها وترك المواطن في العراء ، ولاننسى البعد الكردي ايضا بحزبيه المتنافسين على عدد الوزارات بعد ان حسم منصب رئيس الجمهورية للاتحاد الوطني . حيث يطمحون بوزارة سيادية واخرى دسمة مثل النفط او المالية او كلاهما . وفي خضم هذه الصراعات ، ربما يستطيع رئيس الوزراء المكلف تحقيق تفاهمات على تعيين عدد قليل من الوزراء خارج المنظومة الحزبية الفاسدة ، ولكنه سيواجه الفساد وجها لوجه رغم ذلك
لقد سبق وان اعطينا محددات عملية لمدى نجاح رئيس الوزراء الجديد تنحصر
في مدى تحقيقه لهيبة الدولة فقط . وبعد ذلك يمكن ان نحكم عليه وعلى المسيرة القادمة في مدى التقدم الحاصل في تطوير العمل السياسي والاداري للدولة ، خصوصا وان احزاب المنظومة السياسية متغلغلة في كل مفاصل الدولة ، كما لها الحرية المطلقة في الشارع ايضا
ان قادة الاحزاب والتكتلات قد صدعوا رؤوسنا بالشعارات والخطب حول حكومة التكنوقراط المستقلة وحكومة ابوية والشلع قلع وغيرها من الخطب للاستهلاك المحلي . ولولا انتفاضة البصرة الفاعلة لما قدم منصب رئيس الوزراء للسيد عادل عبد المهدي كمرشح تسوية بين كتلتي الاصلاح والبناء المتنازعتين على مركز الكتلة الكبرى . ولكنه بالمقابل يفتقد الى قاعدة جماهيرية تضمن استمرارية بقاءه بالسلطة ، اللهم الا اذا قدم انجازات ملموسة وفاعلة خلال فترة قصيرة ليكون الشارع سندا ومعينا له في خلافه المتوقع مع الاحزاب الحاكمة . . او اذا ما وجد الشارع العراقي تحسنا في الوضع الامني والاقتصادي ، وهذان احتمالان ضعيفان لعدم وجود رغبة حقيقية بحلول جذرية ، ومن ذلك يتضح ان المهمة ليست باليسيرة امام رئيس الوزراء الجديد ، وانه آيل للسقوط لامحالة من خلال سحب الثقة منه ، او استقالته . . واننا سنشهد في قابل الايام شتاء عاصفا . او انصياع رئيس الوزراء المكلف الى صوت الاخوة الاعداء لتذهب الدولة مجددا في مهب الريح ، وحينئذ لن يكون هناك من مخرج الا حكومة طوارئ . كان الله في عون العراق وشعبه
ادهم ابراهيم