قبلَ وبعدَ انْ نستشهد بالمثَل العربي ” المعتّق ” القائل :
< كأنّك يا بو زيد ما غزيت > .! , لابدّ من التنويه أنّ في شهر ايلول – سيبتمبر لعام 2024 كان أن وقّعت الحكومة العراقية على اتفاقٍ مشترك مع الأمريكان , على ان ينسحبوا من العراق في ايلول الحالي 2025 . فوجئت الصحافة وعموم الرأي العام العراقي والعالمي بأنّ الأمريكيين اعلنوا منذ نحو اسبوعين ببدء انسحاب قواتهم من قاعدة ” عين الأسد ” وقاعدة فكتوريا في مطار بغداد وربما من بعض النقاط الأخرى الأقلّ وزناً قبل الموعد المقرر , واظهرت صور متلفزة وفيديوهات قصيرة للقطات من عملية سحب القوات الأمريكية بآليّاتها , لكنّما في مطلع هذا الأسبوع اعلن جنرال امريكي من البنتاغون انّ الولايات المتحدة سوف لن تسحب كافة قواتها من العراق .! ودونما ردّ فعلٍ بسيط من وزارة الخارجية العراقية ولا من قيادة العمليات العسكرية او وزارة الدفاع في بغداد بغداد , أمّا الرئاسات الثلاث فكأنّ الأمر لا يعنيها او كأنها لم تسمع تصريح الجنرال .! فالرئاسات منهمكة من قدميها الى رأسها مع مفوضية الأنتخابات لإستبعاد اكبر عدد ممكن من المرشحين , لمحاولة الفوز المستميتة في الأنتخابات القادمة , لكنّ الأنكى انّ عموم الصحافة العراقية التزمت الصمت طوعاً تجاه ذلك , وكأنّ الجنرال الأمريكي وقيادته العسكرية وكلّ الأجهزة الأستخبارية على دراية مسبقة بعد وجود اي ّ فعلٍ تجاه الإبقاء على قوات امريكية في امكنتها وقواعدها في ربوع القطر .!
اللغز المُحيّر المغطّى بعباءات الأحجية الشفافة , هو كيف وقّعَت وصاغت الحكومة المركزية في بغداد تلك الأتفاقية مع الأمريكان لسحب قواتهم الى خارج البلاد , بينما القوات المنسحبة إتّجهت فوراً الى اربيل او الى اقليم كردستان , اليست كردستان جزء حيوي من العراق .؟ كما انّ السلطة في بغداد لا تمتلك ايّ من اوراق وآليّات الضغط على قيادة الأقليم , وانّ استقبال اربيل اوسلطة الأقليم للقوات الأمريكية المنسحبة بالأحضان والقُبُلات , فهو دونما ريب رغم كلّ الأنوف , أمّا الحكومة العراقية فيترتب عليها دفع جزء من ميزانية العراق الى الأقليم او الى قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني – البرزاني , على الرغم من انّ تهريب النفط من الأقليم يجري على اقدامٍ وسيقان وتحت اشعّة الشمس .!
الأنسحاب الأمريكي المعلن لم يكن انسحاباً بل كانَ ( اعادة انتشار – Redeployment و اعادة تموضع – Repositioning ) وكأنّ ايضا اتفاقية عام 2024 كانت اقرب واقعيا ونسبيا الى ما يدنو من اضغاث احلام , او ربما جرى التوقيع عليها تحت ومن خلال ضبابٍ كثيف .!