18 ديسمبر، 2024 7:43 م

حكومة الصدفة و”غباء” وزير المالية

حكومة الصدفة و”غباء” وزير المالية

في جميع افلام الكوميديا ومسرحياتها تجد من يحاول ان يقدم نفسه نموذجا لاضحاك “عباد الله” باستخدام مواقف واحداث بعيدة عن الواقع هدفها ادخال السرور بطريقة لا تراعي في اغلبها الحقائق المحيطة بنا، لكنها تبعث رسائل عن قدرة مؤديها في تمثيل مانحتاجه للتخفيف من معاناتنا لمواجهة الازمات على الرغم من علمنا بان مايقدمه لا يمثل الحقيقة التي نعيشها سوية وباعترافه بانه يجيد التمثيل لرسم الابتسامة لكنه لا يملك ما يغير الواقع.

وعلى الرغم من وضوح تلك المعادلة، لكن الكوميديا التي تنقلها العملية السياسية وقادتها “كسرت القواعد” فقدمت نموذجا من الممثلين الذي يحملون وسام “الغباء” في اداء ادوارهم، لانهم ببساطة يحاولون اقناع الناس بحلول وهمية لانقاذهم في وقت يتمسكون بقرارات دائما مايكون مصيرها الفشل، ولعل وزير المالية في حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي “الخبير المالي” علي علاوي واحدا من تلك النماذج التي لا تفرق بين الواقع والكوميديا الكاذبة فهو يحاول اقناعنا بان حلول الازمة الاقتصادية يجب ان تكون بدايتها من تجويع المواطنين والفقراء لتوفير الاموال التي تحتاجه حكومته لسد العجز في نفقاتها التي تضخمت ليس من باب المشاريع الاقتصادية والعمرانية، انما بسبب رواتب الرئاسات الثلاث وحواشيها ومخصصاتهم التي تتجاوز الارقام التي يقبلها العقل والمنطق، فهل يعقل بان تكون مخصصات رئيس الوزراء ليوم واحد اكثر من مليون و350 الف دولار، لا نعلم اين تذهب وكيف يوزعها سيادته.

وبدلا من اعتراف الحكومة بجهلها في السياسية الاقتصادية، خرج علينا وزير المالية بعد الاتفاق مع محافظ البنك المركزي ليعلن عن رفع اسعار صرف الدولار مقابل الدينار، مبشرا المواطنين بان الاسواق لن تتاثر بهذا القرار وستكون الامور على طبيعتها لان “مدخرات العراقيين” كما يقول معاليه، جميعها بالدولار، ليكمل فصله الكوميدي قائلا.. بان “التوجه سيكون نحو المنتجات والسلع المحلية مقابل هجرة المستورد”، لكنه لم يخبرنا اين هي الصناعة المحلية؟، وماذا قدمت الحكومات منذ 17 عاما لتطوير تلك الصناعة التي قتلها الاهمال بسبب ممارسة الطبقة السياسية و”جهابذتها” دور تجار المستورد الذي اغرق الاسواق، مقابل زيادة ارصدتهم في البنوك الخارجية، ليكون بعدها حديث وزير المالية حينما اعلن بان رفع اسعار الصرف قرار سياسي، دليل اخر على فقدان الحكومة لبوصلتها في ايجاد الحلول، حتى اصبحت تخالف القوانين التي تدعو لاستقلالية البنك المركزي وعدم التدخل في قرارته، ومنها تحديد اسعار صرف العملات.

الغريب في الامر… محاولة زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر التبرؤ من محافظ البنك المركزي الذي جاء للمنصب بدعم وتزكية من تحالف سائرون، حينما اخبرنا في تغريدته بأن “البنك المركزي وكافة البنوك الاخرى اسيرة الفساد والمفسدين ويجب على الحكومة والبرلمان السعي بالطرق التخصصية لانهاء ذلك وتحريرها فوراً ولا يكفي تعويم العملة، فقد يكون ذلك سلاح ذو حدين فيخرج العراق من ازمة ليقع باشد منها والمتضرر الوحيد هو الشعب باقواته ولقمته”، وكأن زعيم التيار الصدري يريد القول بان مايحصل سببه فقط الفساد وليس القيادة “الفاشلة” لحكومة الكاظمي التي لا تمتلك سياسة اقتصادية تستطيع من خلال تحقيق التوازن بين انفاق المواطنين ومستوى الرواتب فعمدت لرفع اسعار صرف الدولار وتسعى لفرض ضرائب على رواتب الموظفين ضمن موازنة العام المقبل، وهو ما سيؤثر بشكل كبير على السوق الذي سيشهد ركودا اقتصاديا خلال الفترة المقبلة، لان رفع اسعار الصرف بحاجة لزيادة في الرواتب ليبقى الانفاق محافظا على مستواه.

الخلاصة:.. أن سياسة “الغباء” التي يتعامل بها وزير المالية وعدم كفاءة محافظ البنك المركزي الذي يخضع لمزاج القوى السياسية وقراراتها قد يوصلان البلاد إلى ادنى المستويات الفقر، التي لا يمكن تجاوزها بغير الاجماع على اقالة وزير المالية وابعاد محافظ البنك المركزي ومنع الكاظمي من التدخل باستخدام القرارات السياسية لتسيير امور الاقتصاد…. اخيرا… السؤال الذي لا بد منه… متى يدرك الكاظمي فشل حكومته؟.