غبت عنكم قرائي الاعزاء لفترة بسبب سفري لأجراء عملية جراحية سبق ان اجريتها في العراق وفشلت ، ولا اكتمكم سرا انه رغم عذاب العملية الا اني كنت مرتاحا كوني ابتعدت عن ألام العملية السياسية التي هي تشبه اي شيء عدا ان تسميها سياسة وثبت لي ان آلامها اشد من آلام اية عملية جراحية رغم ان تخديرها العام اقوى من تخدير اية عملية جراحية فوق الكبرى … عمليتي نجحت والعملية السياسية بقت في وحل فشلها ( احزاب سلطة هي الاحزاب الدينية برمتها وفشلها معروف لكم ولن ينصلح الا بدستور يضع العمامة المقدسة في مكانها الصحيح ( المساجد والكنائس والمعابد) وليس في البرلمانات والحكومات، ويحدد واجبها المقدس ( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) وليس الهبوط بالأديان النقية الى وحل السياسة … بغير ذلك لن تنجح اية عملية سياسية وأعطيكم سبب واحد بسيط هو انه لا يوجد حزب اسلامي صحيح فهناك احزاب سنية وأخرى شيعية والباقي احزاب مجهرية مهما حاولت ان تنموا وتتطور .. ذلك لأنها تخرب عمل الاحزاب الدينية بنوعيها . وعليه فأن احزاب السلطة الدينية طائفية برمتها مهما حاولت التمشدق في برامجها السياسية -ان وجدت- لأن بنيتها التنظيمية ( اما شيعة فقط وأما سنة فقط ) مع حشر بعض الأسماء من المذهب الآخر لتحسين السمعة وهذا كله يفضح طائفيتها تماما وبالتالي ينبغي لمن يريد ان يصلح حال العراق عليه ان يحضر هذه الاحزاب ان لم تغير بنيتها التنظيمية وسلوكها الذي بني على تلك البنية التنظيمية
لعدم الاطالة اقول عن المشهد الحالي والذي هو وجود مكلف لا اريد الغوص في تفاصيله وجنسياته وهل هو مجرب ام غير مجرب ولكني متأكد بأنه مكلف بتحقيق جزء من مطالب الانتفاضة التشرينية ومحاولة تمييع جزء والالتفاف على الجزء الآخر وسيجد ان التمييع والالتفاف ليس بالأمر السهل وهذا المكلف جاء عن كتلة كبرى وبدعم من كتلة اكبر وكل كتلة كبيرة يكون دورها في الفساد (الفرهود) والشلل كبيرا يتناسب طرديا مع حجم الكتلة وهذه ليست نظرية اخترعتها بل هي حقيقة رياضية بسيطة ، فضلا عن اني لا انظر الى الاشياء من الخارج كوني عملت لفترة طويلة في مجال الستراتيجية الشاملة فأعرف ان فيلق بدر صار منظمة بدر وفي حينه نشرت مقالا ذكرت فيه موقفي في سمنار لدراسة هل ان القادة العسكريين يصلحون لأن يكونوا محافظين وهذا ما ساد في تسعينيات القرن الماضي وكان الكل ضدي فقلت لهم اخيرا لنستخدم علم الرياضيات ونقول ( اذا كان قائد الفرقة يصلح ان يكون محافظا فعليه يمكن للمحافظ ان يصيح قائد فرقة وبما ان الافتراض الثاني مستحيل فالافتراض الاول مستحيل ، وهذا ما عكسته بمقال يوم تغير فيلق بدر الى منظمة بدر قلت ( اذا كان الفيلق يمكن ان يتحول الى منظمة فأن المنظمة يمكن ان تتحول الى فيلق وبما ان الافتراض الثاني مستحيل فالافتراض الاول مستحيل ) … أما الكتل الاخرى المتحالفة مع (فيلق)بدر فهي فصائل مسلحة رسمية وغير رسمية فلا يمكن قبولها في العملية السياسية لو اعادوا اخراج فلمها الف مرة ومرة ( رمانتين بفد ايد ما تنلزم) .. اما الكتلة الاخرى فولدت تحت اسم (جيش الامام المهدي) وتحولت الى تيار سياسي زائد سرايا السلام
جاء المكلف واعيا لوجود لاعب قوي جديد لم تفلح كل انواع القمع في اضعافه بل بات يتقوى ويتطور تطورا طرديا مع الرصاص الحي وقنابل الطرف الثالث والقناصين وقواعد الاشتباك المضحكة (؛الرمي المباشر لقنابل الغاز على المتظاهرين ) ولعل آخرها كان محاولة فضح هؤلاء المنتفضين بمواضيع مخجلة فهناك من يقول ان الطابق الفلاني من المطعم الهندي لا ينامون فرادى بل شاب وشابة ولعل آخرها جريمة قناة آسيا التي اغتاظت من ثورة البنفسج لتعرض علينا فلما قذرا يؤكد ان بناتنا في الجامعات كلهن عاهرات وأن هناك طالبة قوادة لديها فقط مائة طالبة عاهرة وأن هناك قوادين طلبة على الطلبة الآخرين وبهذا نكون كلنا بلا شرف ولا اعتب على احد بقد ما اعتب على نقابة المحامين والادعاء العام على سكوتهم عن هكذا كلام قذر خطير بحق الشعب العراقي برمته .
هذا اللاعب القوي بات حقيقة ماثلة لا يمكن تجاوزها مطلقا ومن يتجاوزها فأنه يتجاوز قوانين الصراع الازلية والابدية …… وهنا بيت القصيد وهو ان المكلف اي كان لابد له ان يرقص على انغام الشارع بل وأن حتى الاحزاب الفاسدة لا بد ان تشاركه الرقص ولا بد ان تعذره عندما يرفض اوامرها في تعيين فلان وفلان خصوصا وأن فترة هذه الحكومة (ما تسوى الذنب) وسيقول لهم ان الحديدة حارة وهم وعوا حتما ذلك بطريقة او باخري وبدرجة او بأخرى
كرد السلطة يريدون ترسيخ دولتهم من خلال وزارة المالية ووزارات اخرى فحقدوا على المكلف اما سنة السلطة الذين هم جزء من الفساد والفشل يضاف الى انهم كقاعدة لها شواذ كانوا ولا زالوا يمشون جنب الحيط ولم يمتلكوا الجرأة حتى للسؤال عن آلاف المغيبين من محافظاتهم، واليوم يطل البعض على الشاشات غاضبين لأن المكلف متعالي ، وأنا متأكد ان التعالي يعني لديهم انه رفض تعيين من يريدون تعيينه …. وهنا تجدر الاشارة انه لا فرق بين شيعة السلطة وسنتها فهم الا ما ندر محكومين بقانون الفرهود رقم (1) لسنة 2003 وهذا القانون هو عمود خيمة العملية السياسية وبسقوطه تسقط العملية السياسية
وأخيرا اذكر ان نفع التذكير برسائلي الموجهة ( الى السيدات والسادة نواب الفرصة الاخيرة) مع بدء الدورة الحالية ، وأقولها لهم وللجماهير قبلهم ان اية حكومة تتشكل ويؤثر فيها البرلمان المنتخب (افتراضا) من لدن 18% من الشعب وبالطرق المعروفة التي اوضحها السيد هادي العامري قبل ايام بقوله ((ان الانتخابات ينبغي ان تجري بعيدا عن المال والسلاح)) فأنها ستكون اسوأ بكثير من حكومة يقترحها مكلف تحت الضغط الجماهيري العارم لأن النواب عادة ما يشعرون انهم بعيدين عن محاسبة الجماهير اما المكلف فهو من سينصب عليه غضبها كما انصب الغضب على السيد عادل عبد المهدي لأنه لم (يتعالى) على الكتل السياسية ، وأضاع علينا وعليه فرصة التغيير وستكون حكومته بهمة الشباب المتكلين على الله آخر حكومة محاصصة .
أخيرا اقول ان تقييم غضبة بعض النواب على (تعالي) المكلف عليهم هي رغبة للعودة الى المحاصصة التي هي اخطر من فيروس كورونا في بلد ليس فيه اجهزة فحص في المنافذ الحدودية ، 23/2/2020