22 ديسمبر، 2024 7:31 م

حكومة السوداني والعبء الكبير

حكومة السوداني والعبء الكبير

ان المسؤوليات الكبيرة التي في رقبة الحكومة العراقية الجديدة صعبة وتحتاج الى عمل متواصل لفك عقدها المتراكمة وهي تواجه موجة عارمة من مطالب المواطن لرفع معاناته ومن قبل الاعلام المؤيد والمعارض ولا يمكن ان تحل بين ليلة وضحاها ولست هنا من باب الدفاع عن هذه الحكومة وهي لازالت غضة الاطراف ولا يمكن الحكم عليها بسهولة ، لقد نخر الفساد نسبة كبيرة من مفاصل الدولة والعراق يعيش على وقع ضجة ما عُرف باسم: “سرقة القرن”، الخاصة باختفاء مليارين ونصف المليار دولار من خزائن “وزارة المالية”،ومافية سراق النفط في البصرة وفتحت الحكومة تحقيقات عاجلة في تلك القضايا واعتقال البعض من الأفراد المشاركين والمتهمين فيها، وتحولت إلى ظاهرة عامة يحتاج إلى الكثير من الجهد لوقفها والشك الكبير في الأوساط المختصة بإمكانيات رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني في مواجهة الفساد رغم أن ورقة المنهاج الوزاري التي اتفقت عليها الكتل السياسية نصت على تعديل قانون الانتخابات النيابية خلال ثلاثة أشهر وإجراء انتخابات مبكرة خلال عام و هي من أبرز التحديات التي يواجهها في العمل على تهيئة الأجواء المناسبة ، خصوصاً وقد وضع مدة زمنية لهذه الخطوة ، وهذه القضية تحتاج إلى جهد لإجراء انتخابات نزيهة بعيدة عن المال السياسي ،وكذلك تعهدات بشأن محاربة الفساد وتشكيل الحكومة قوية.

الفساد في العراق له وجوه عديدة ومواجهته في وقت قياسي قريب يتطلب إرادة وطنية مشتركة وجهود حاسمة وخاصة وأن بعض أوجه ذلك تتعلق بمصالح قوى متنفذة وذات قدرات كبيرة على مستويات المال والسلاح والتأثير في القرار السياسي ومشاريع تدار من قبل ذات القوى السياسية في قضايا كبيرة من المشاريع العملاقة وفي مقدمتها ميناء الفاو الاستراتيجي الكبير والمنافذ الحدودية وتهريب النفط وهو من الصعب مواجهته في ظل المعطيات الحالية وهذه القوى متغلغلة في مفاصل الدولة الاخرى ومحاربتها يحتاج الى وقت طويل وعزم شديد ولكن ليس فيه من المحال اذا تم الاستفادة من القدرات المخلصة و تعد سياسة مكافحة الفساد هي ان تكون من الاولوية لبناء الدولة العراقية التي تقوم اليوم على سياسة حكومية متجددة و مرتكزات ومبادئ ترسم خرائط المستقبل بمسارات واضحة المعالم ولاسيما النهوض بالتنمية الاقتصادية الاجتماعية وهي تغادر أشرس قيودها التي ظلت تمثلها معادلات الفساد ومتغيراته وثوابته الموروثة من عقود طويلة مضت ويمكـن القـول ان تحليـل ظاهرة الفـساد الاداري والمـالي فـي العـراق مـن الـصعوبة بمكـان مـن دون ربطهـا بتـاريخ الظاهرة فـي ظـل اوضـاع أنظمـة الحكـم المتعاقبـة علـى الدولـة، وكان العامل المهم في انتشاره هي الحروب العبثية المتعاقبة والصراعات والحصار و غياب المحاسبة والشفافية: و حيثما تغيب الشفافية والمحاسبة يحل الفساد والعكس صحيح. لذلك فأن غياب المحاسبة والشفافية هو احد الاسباب الرئيسية لظهور وادامة الفساد في العراق. ان مثل هذا الإقرار قد ورد في تقرير المفتش العام الأمريكي والذي يفسر به الفساد الذي ظهر في سلوك المسؤولين وكذلك والحروب والصراعات التي نشأت في المجتمع نتيجة سياسات النظام السابق الهمجية ، سواء السياسية منها أو الاجتماعية حيث تركت آثارها في تفشي وانتشار الفساد في المجتمع وما تبعها من حصار شامل أفقرت الناس والعوز الذي أصابهم والتراجع الاقتصادي في التسعينات وخاصة بعد حرب الكويت حيث وصل الى مراتب متأخرة و اضطر بعضهم الى ان يبيع ما يملك من وسائل خاصة، فيما أضطر العديد من المستويات المختلفة من المجتمع الى عمل دكات وفرش البسطيات في الشوارع. وشمل حتى اساتذة الجامعة والمسؤولين الحكوميين من اجل توفير العيش ، الفساد فـي العـراق لـيس وليــد لحظــة انیــة، بــل كان موجوداً بنسبة محددة فــي البیئــة المجتمعیــة منــذ تــشكیل الدولــة العراقیــة ولكن اشتدت الظاهرة مع بداية الاحتلال الأمريكي للعراق في عام 2003 ولاحظت مظاهر الفساد الإداري والمالي وعلى نطاق واسع حيث بدءاً نشاهد ونلمس ونسمع بالعديد من مظاهر التصرف الكيفي في الموارد المالية والاختلاسات الأمر الذي دفع الكونغرس الأمريكي لتأسيس دائرة المفتش العام الامريكي في السلطة المذكورة وذلك في شباط من عام 2004،،واضـحت ظاهرة الفساد الاداري والمالي بـصورة خاصـة ظاهرة ذات انتشار واسـع بجذور ً عميقة تأخذ أبعادا واسعة تتداخل فيها عوامل مختلفة يصعب التمييز بینهـا، وتختلف درجـة شـمولیتها فــضلا عــن من یمتلــك موضــوع مكافحــة الفــساد، علــى امتداد حيــاة الشعب من أهميــة متقدمــة. فطرائــق المعالجـة متعــددة، والغایــات التــي تــدفع الیــه، ً خــصوصا حــین تمــر بفتــرات انتقالیــة فــي حیاتهــا، وحـــین تكـــون عنــد مفتـــرق طـــرق بــین مـــرحلتین. ومـــا یؤیــد مـــن أهميـــة التصدي للفـــساد المـــالي والاداري، ارتباطه بحياة الشعب الیومیة ومستقبل أجيالها ، السؤال المراود للجميع هل سوف تعبر الحكومة هذه المرحلة بسهولة..؟