17 نوفمبر، 2024 9:55 م
Search
Close this search box.

حكومة التكنوقراط مجرد خدعة !

حكومة التكنوقراط مجرد خدعة !

بعد ان دمر الفساد الدولة و اوصلها الى الهاوية , و تحول بفضله العراق من دولة غنية بمواردها الى دولة تستجدي التعاطف الدولي للحصول على قروض مالية ميسرة , صرنا على قناعة ان الحكومات السابقة و الاحزاب التي شاركت فيها لا تصلح للقيادة , و لكي نصلح الامور علينا البحث عن وسائل جديدة , يمكن من خلالها تحجيم الفساد على الاقل , فجاءت فكرة التكنوقراط , و اصبحت من ابرز مطالب الشعب , و وافقت عليها الاحزاب السياسية على مضض.
فكرة التكنوقراط تقوم على مبدأين , الاول هو استقلال الرئيس او الوزير عن أي فكر سياسي حزبي , و الثاني هو الخبرة التي يملكها في مجال اختصاصه ,بالفعل , يحتاج العراق الى هاتين الصفتين ليس في المراكز الحكومية الحساسة بل في ابسط الوظائف ايضا . و من المؤكد ايضا ان قبول الاحزاب السياسية في العراق بحكومة تكنوقراط امرا في غالية الاهمية , و يحسب للشعب اصراره على التغيير و اجبار الاحزاب على التنفيذ.
لكن السؤال الاهم هو كيف سيعمل وزراء حكومة التكنوقراط ؟! 
فلم يعد سرا ان الفاسد تحت الحماية سواء كان مصدرها حزبه او حتى دولا اقليميه , فالوزارة في نظر الاحزاب عبارة عن بنك و الوزير هو مفتاح الدخول , طبعا تختلف طرق التعامل مع الوزارة من حزبا الى اخر , فبعضها يرغب في استثمارها بنفسه من خلال الوزير , و بعضها الاخر يعرضها للبيع مباشرة , و بمبالغ طائلة , مع مراعاة الانتماء الطائفي طبعا , فالوزارة السنية لا تباع إلا للسني و الوزارة الشيعية كذلك .
فأذا كانت الاحزاب بهذه القوة و القدر من الهيمنة على مفاصل الدولة , فما الذي يملكه الوزير التكنوقراط , المستقل ( او الذي يفترض انه مستقل ) , و بعبارة اكثر وضوحا , فأذا ما اكمل الوزير التكنوقراط عمل لجنة للتحقيق في احدى قضايا الفساد و وجد ان المتهم الاول فيها هو فؤاد معصوم و المتهم الثاني حيدر العبادي و الثالث سليم الجبوري , فهل سيقبل حزب الدعوة و الحزب الاسلامي و الاتحاد الكردي , ان يحال هؤلاء الثلاثة الى القضاء ؟ ام سينتهي امر الوزير التكنوقراط نفسه الى القضاء , او خارج الوزارة في احسن الاحوال .
ان العبادي و قبله الاحزاب لم يقبلوا بحكومة التكنوقراط كمبدأ عمل حقيقي ينقذ العراق , بل ان سبب قبولهم بها لأنها تمثل طوق النجاة الاخير للنظام السياسي بأكمله , فالشعب طالب بحكومة التكنوقراط , و النظام السياسي الذي تمثله الاحزاب قبل و استجاب بمطلب الشعب لكن يناسب الاحزاب , و حكومة التكنوقراط التي يريدها الشعب تختلف عن تلك التي اتفقت الكتل السياسية على تشكيلها , فلن يضرها وصول وزير مستقل الى الوزارة , طالما تسيطر هي على الدولة و مقدرتها , و الاهم هو السيطرة على القضاء , و النتيجة التي لا يريد الشعب ان يصدقها هو ان حكومة التكنوقراط مجرد خدعة , اذا ما نظرنا الى البيئة الفاسدة التي تحيط بها .

أحدث المقالات