17 نوفمبر، 2024 2:27 م
Search
Close this search box.

حكومة الاحزاب ومليء الجراب والحقائب بالباب ومعارض ومجاهد ومؤمن حباب سبب الخراب

حكومة الاحزاب ومليء الجراب والحقائب بالباب ومعارض ومجاهد ومؤمن حباب سبب الخراب

الذين يصرون على خراب العراق، أما أنهم يؤمنون بمفاهيم ظلامية متعمدين لفعلها لكي يقدموا عجلة التاريخ حسب ما هو مذكور في كتب خاصة قد تكون صحيحة أو لا، أو أنهم يؤولون أخبار طبقاً لرغباتهم وما أملاه عليهم أعداء العراق. ولا أعرف أي منطق وأي عقل يقبل بأن من أجل إسعاد البشر علينا بقتلهم…ومن أجل الأعمار يجب أن يبدأ خراب البصرة…فلكي يطبقوا المثل(بعد خراب البصرة). ولهذا نرى البصرة وغيرها بدأت فيها عملية الخراب المبرمج تلبيةً لتحقيق المقولة.

الأمر المستعصي والذي لا يتحدث به قياداتنا الأفاضل وبيدهم الحل والربط وبيدهم سيل الدماء أو إراقتها. وهو موضوع الذين عملوا مع النظام السابق وهم المنتمين لحزب البعث. يقال أن عدد أعضاء حزب البعث قبل التغيير كان مليون أو يزيد. وينسى البعض أن لهؤلاء أهل وأقارب وأولاد وأحفاد وأبناء عمومة وآخرين مقربين…ولو أضفنا العدد لذلك العدد لما بقى عراقي داخل العراق إلا وكان أما منتمى للحزب أو قريبٌ منه بشكلٍ وآخر. وإذا أردنا وضع الجميع في قفص الاتهام لما كنا منصفين ولا يمكننا تطبيق العدالة ولا الأقرب منها. ولو تحدثنا عن المصطلح المشاع (الذين تلطخت أيديهم بدماء العراقيين) فلنتحكم للقانون…والقانون يفرض على السابق واللاحق…وليس له حكم رجعي…وأي قانون نتحكم إليه…وقانون الغاب غالبٌ في أكثر الأحيان. أما أن نقبل بأن هؤلاء المنتمين للبعث رغم كل جرائم السلطة الدكتاتورية والمصائب التي جر إليها العراق من حروب داخلية وخارجية وأنفال وحرق حلبجة والأهوار ودفن الأحياء…وما جر به العراق لهذا المنزلق الخطير بوجود الأجنبي والتحكم بسيادة العراق ليومٍ لا يعرف مداه أحد. وهو الوحيد المستفيد من انعدام التوافق السياسي والمجتمعي في العراق.

إن أعضاء حزب البعث لا يستسلمون لأمر الواقع ويرون بأن السلطة لهم وحدهم ومحرمٌ على غيرهم فهذا يعني استمرار المأساة والحاجة ضرورية لجميع القوى الوطنية أن توحد صفوفها والوقوف بوجه تحركاتهم وبيان نواياهم من قبل الجميع، ومن يحاول التستر عليهم يعد عدواً لأمن العراقيين وسلامتهم…ويجب أن يقدمون للقضاء لينتهوا مما هم عليه أو نيل جزائهم العادل وحسب مقتضيات ضرورة المرحلة. وأما إذا كان الأمر أن يكونوا جزءاً من العملية السياسية حسب المستحقات الديمقراطية، فهم أحوج لبيان حسن نيتهم من خلال اعترافهم بالجرائم السابقة، وطلب المعذرة من الشعب العراقي وخصوصاً من المظلومين في عهدهم.

لكننا نرى أن الصراع القاتل هو بين أطراف وأحزاب من المذهب الواحد، وخصوصاً من المذهب الشيعي مع أنه هناك صراع بين المذهب السني بسبب مقاتلة أعضاء القاعدة والتكفيريين. لكن القتال المشهود في أيامنا هذه هو بين أحزاب شيعية لأن كل طرف يرى أنه هو صاحب الحق في الحياة والسياسة وغيره على خطأ…والنتيجة أن خراب البصرة أمر أخذت بوادره تظهر يوماً بعد يوم. والحكومة المركزية لا تتدخل، أو بالأحرى لا تتمكن من التدخل لأن هناك ضغوط خارجية وداخلية من قوى لها قدرتها ومن قوى داخلية تعتبر جزءٌ مهم في العملية السياسية. فكلما تخلصنا من معضلة ظهر أمرٌ أخطر وأكثر صعوبة.

هل يمكن أن نقول أن هناك رؤية سوداوية عندي ولدى غيري، أم أن الواقع يفرض علينا هذا الاشمئزاز والاستسلام للأحقاد الدفينة وأنه لا منقذ لنا غير الفوضى الخلاقة التي اختلقت وليس لنا مخرج.

الأكثرية يعبرون عن تجاربهم ورؤياهم في الحل الأمثل لكي يجد الشعب العراقي متنفس، لكن هل كل الحلول واقعية وممكنة التطبيق…وهل الجميع يوافقون على التعامل من أجل تحقيق تلك الحلول…وقد تأخذ بعض القيادات العزة بالأثيم وكبريائهم لا تدعهم أن يتقبلوا الحلول من الآخرين…لأنهم أصحاب الحقيقة ولا يقبلون بالنصح من الآخرين. وهناك مثل ( خذوا الحكمة من أفواه المجانين). لكن هل هناك عقلاء لكي يتقبلوا الحكمة من أفواه المجانين…أم الأكثرية تضن أنهم أصحاب الحكمة وليس غيرهم فهم المجانين.

خلال المئة عام الماضية، شهد المسار السياسي في العراق مجموعة واسعة من الأحزاب والأفكار، والصراعات والانقلابات والنكسات والشعارات والانشقاقات والحروب والدماء، وهي تجسيد لمشهد خال من المشروع الحزبي المتكامل. وعلى مدار هذا التاريخ السياسي المضطرب والمتغير، تطور المشهد السياسي في العراق لكن دون اتجاه أو هدف واضح وموحد، حيث أدى ذلك إلى بروز مجموعة متشرزمة من الأحزاب السياسة.

مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في تشرين الأول/أكتوبر 2021، وانقضاء الموعد النهائي لتسجيل الائتلافات والكتل في الأول من أيار/مايو، فإن ديناميكية الأحزاب السياسية العراقية تمثل أهمية قصوى. وفي حين يأمل العراقيون في تشكيل حكومة جديدة تتمتع بالنزاهة والخبرة، إلا أن المشهد السياسي العراقي المنقسم لا يبشر بالخير. السياسية في العراق في تحديد وفهم أسباب الانقسام الشديد الذي لتاريخ الأحزاب. ومن ثم، قد يساعد السرد الموجز يمر به المشهد السياسي العراقي اليوم، وتحديد العناصر المفقودة في هذا المشهد حتى الآن.

كانت الميزة الأهم لأحزاب العهد الملكي هي أنها أحزاب صالونات، أنتجها تحالف أبناء البرجوازية المتوسطة مع الإقطاعيين بتوجهات وطنية، مثلت تطلعات النخبة الاجتماعية والسياسية، وبعد تأسيس الجمهورية العراقية في 1958 وتعاظم دور الجيش في السياسة، حيث ظهرت الأحزاب الأيديولوجية الجماهيرية أو الشعبية التي اعتمدت على القواعد الشعبية الفقيرة وعلى البسطاء والشباب والعمال والفلاحين، وتصدرت المشهد السياسي بقوة جماهيرها ومساحة تأثيرها الشعبية، رغم أنها استوردت أيديولوجياتها من الخارج.

خرج العهد الجمهوري من حالة الاستقرار السياسي النسبية التي ميزت العهد الملكي، ليدخل حالة الفوضى، فقد افتقدت الجمهورية العراقية الوليدة إلى عامل الاستقرار وحفزت الجماهير على الحراك والصدام السياسي حيث تحولت الحياة السياسية إلى تصادم وصراع على السلطة، انتكست الحياة الحزبية، وانتقلت الصراعات الدامية إلى الشوارع، لاسيما بين البعثيين والشيوعيين.

وظهرت الميليشيات المسلحة سيئة الصيت، كالمقاومة الشعبية، والشبيبة الديموقراطية “ميليشيا الشيوعيين”، والحرس القومي “ميليشيا البعثيين”، لتجسد امتزاج “العنف والأيديولوجيا بانفلات الشارع” وتلك الثلاثية ميزت المشهد السياسي العراقي الذي اتسم بالصراع المستمر بين البعثيين والشيوعيين تارة وبين البعثيين والإسلاميين تارة أخرى، فلقد استمرت الصراعات الدامية بين الأحزاب الأيديولوجية متمثلة بالبعثيين والشيوعيين الجبهة القومية التقدمية حتى انفراد البعث بشكل نهائي بالسلطة وتشكيل الجبهة القومية التقدمية في عام 1973.

وبعد تشكيل الجبهة القومية التقدمية، خرج العراق ظاهريا من الصراعات الثنائية التي لازمت العمل السياسي في الجمهورية العراقية، حيث تم ابتكار مفهوم جديد هو “الحزب القائد”، وتشكيل ما يعرف بالجبهة القومية التقدمية التي استغلها البعثيون لاحتكار وتقنين العمل السياسي العراقي بشكل نهائي، مع ممارسة البطش بالخصوم بلا رحمة، وعلى الرغم من هيمنة القيادة البعثية على الجبهة القومية التقدمية، إلا أنها وضعتها تحت مظلة الحزب الشيوعي العراقي وجزء صغير من الحزب الديموقراطي الكردستاني وأحزاب صغيرة أخرى، حيث سعت هذه الجبهة، لابتلاع الأحزاب وامتصاص الأيديولوجيات الأخرى واحتكار العمل السياسي في العراق.

لكن هذه المحاولة اصطدمت بالصعود المتسارع للحركة الإسلامية العراقية، ووقوفها ندا للبعث الذي حاول مغادرة الاشتراكية وتخفيف حدة وركوب الموجة الدينية خلال العقود الأخيرة من عمره في السلطة لكنه لم يتمكن من تحقيق ما يرضي تطلعات الشارع حتى الإطاحة بالرئيس البعثي صدام حسين على يد القوات الامريكية في عام 2003.

بعد الغزو الأمريكي للعراق في نيسان/أبريل عام 2003 وبعد أكثر من ثلاثة عقود على انتهاء حكم حزب البعث، تم إنشاء دولة عراقية جديدة تحت رعاية الولايات المتحدة، وكان الهدف المعلن لهذه الدولة الجديدة هو الوصول إلى عراق ديمقراطي مستقر. ومع ذلك، وعلى الرغم من الجهود المبذولة نحو تشكيل حكومة عراقية ليبرالية وديمقراطية، فإن العراق الديمقراطي الجديد لم يرث أي خبرة سياسية عملية في كيفية إدارة الدولة، ولم يكن لدى الحكومة العراقية الجديدة فهم مؤسسي للنظام السياسي الدولي.

وعوضا عن ذلك، ورث حكام العراق الجدد مؤسسات شبه منهارة، لدولة تحولت إلى مارقة بفعل أوهام القوة وغرور السلطة، دولة غلفت نفسها بأيديولوجيا فاشية قومية وانعزلت عن محيطها الإقليمي. ومع ذلك، لم يكن ورثة العراق الديموقراطي الجديد على درجة من الحنكة السياسية أو الخبرة في إدارة الدولة، أو في خبايا النظام السياسي الدولي، وليس لهم الباع في تأسيس الحكم الرشيد فيها عدا الثقافة النظرية، واتضح لاحقا أن تأثير الأحزاب والإيديولوجية أصبح اقوى من الدولة.

خرج العراق من ثلاثية أيديولوجية ميزت العهود الجمهورية ليدخل بعد 2003 في تعددية مفتوحة ومشهد فوضوي مترهل لا يخلو من العنف والعنف المضاد، فقد تميزت إدارة صناع عراق ما بعد 2003 بنقل الصراعات والممارسات الحزبية إلى مؤسسات وإدارات الدولة ودواوين الحكومة، ولم يستفيدوا بشكل جيد من الانفراج الدولي تجاههم، ولا من المناخ الديموقراطي الجديد.

 

واليوم وبعد أكثر من 17 عاما على سقوط الأيديولوجيا البعثية، لم تتشكل أحزاب ليبرالية لمليء الفضاء السياسي الليبرالي الذي بات يعرف بالعملية السياسية، إنما اقتحمته أحزاب وكتل وقوى سياسية تعتمد أفكار سياسية وإدارية وتنظيمية واهية وغير عملية. بشكل عام، طرحت هذه الأحزاب نفسها في ثلاثية بديلة عن مفهوم واحد للمواطنة هي ثلاثية الشيعة والسنة والكرد.

ونتيجة لذلك، وصل الوضع السياسي في العراق إلى طريق مسدود لم يستطع تجاوزه وذلك رغم محاولات الترميم والإصلاح وإعادة البناء، وكادت الدولة أن تنهار بشكل كامل خلال الاحتجاجات العارمة التي عرفت باسم انتفاضة تشرين 2019 والتي أسفرت عن سقوط حكومة عادل عبد المهدي. ومع اقتراب موعد الانتخابات المقرر عقدها في عام 2021، أدت ومن الممكن أن تؤدي تداعيات تلك الاحتجاجات، الممزوجة بعوار سياسي سابق، إلى انتشار الأحزاب السياسية، وربما حتى فرص أكثر غموضًا للتقدم والاستقرار.

اليوم وفي عراق ما بعد الانتفاضة التشرينية لعام 2019، وبعد سقوط حكومة عبد المهدي، وتراجع شعبية الأحزاب والقوى التقليدية المتصدرة للمشهد السياسي لاسيما قوى الإسلام السياسي، تحاول الأحزاب والقوى السياسية العراقية لملمة نفسها لكن من خلال تغيير التكتيكات والاستراتيجيات، واستيعاب الحراك ورموزه بالاستناد لما لدى هذه القوى من ثلاثية المال والديماغوجية والعامل الخارجي. ومن نتائج الحراك السياسي وحركة الشباب التشريني هو تعاظم عدد الأحزاب المسجلة رسميا ليصل إلى أكثر من 400 حزب سياسي.

بشكل عام، تعكس هذه الأحزاب التيارات السياسية التي يمكن تصنيفها وفق ثلاثية “التابع” و”المنشق” و”المتمرد”. ولا تزال تلك الأحزاب التقليدية ، تتوافق مع التيارات السياسية المهيمنة تاريخياً مثل الشيوعية والإسلام السياسي.

وفي الوقت عينه، تعمل الأحزاب المنشقة، مثل “حزب الفراتين” و”حركة وعي” و”حركة امتداد” و”حركة إنجاز” و”حزب المرحلة”، بمثابة امتدادات للأحزاب التقليدية التي تبنت مقاربات جديدة إلى جانب التزامها بالعديد من القيم التقليدية. أما الأحزاب المعارضة مثل امتداد والبيت الوطني و25 أكتوبر وغيرها فهي عبارة عن مجموعات خرجت من رحم انتفاضة أيلول/ سبتمبر 2019، ولا تدعي تمسكها بالقيم التقليدية أو الأحزاب كما تفعل الأحزاب المنشقة.

تستعد كل هذه المجموعات ذات الآراء والأجندة المختلفة للمشاركة في الاستحقاقات الانتخابات المقبلة، والتي ستكون بمثابة الانتخابات الأكثر أهمية وخطورة في العراق منذ عام 2005. ورغم حدة التنافس وشدة زخم الاندفاع للمشاركة في الانتخابات لكن أحد لم يطرح سؤال جوهري، هو ماذا بعد أن يتحول الناشطون إلى نواب؟ وماذا بعد أن تأتي التفاهمات السياسية الداخلية والخارجية برئيس وزراء جديد؟ هل يتفق الجميع على تلميع صورة النظام من اجل البقاء، أم يتصاعد الضغط الشعبي من اجل إنتاج نظام سياسي بقواعد جديدة، خارج ثلاثية “الملكي الجمهوري الديموقراطي” التي ميزت المئة عام السابقة

كَم مِن الوقت تحتاج حكومة ما لكي تَثبت قدرتها على إدارة بَلَد ما، أو حتى مدينة ما؟ عام، إثنان، عشرة أعوام؟ العراق، اليوم، وكل مُدنه من الشمال إلى الجنوب ساحة مُباحة للإستثمارات الإستهلاكية والمشاريع الوهمية والسرقة والنهب لثروات البلد، وكذلك لسلطة المليشيات المسلحة وأصحاب القرار في الدول المجاورة، والقرار الحاسم في واشنطن.

الفشل يُعيد نفسه بلباس جديد، دون أدنى تغيير في المحتوى. نوري المالكي، رئيس حزب الدعوة الإسلامية (الشيعي) ونائب رئيس الجمهورية و رئيس الوزراء الأسبق والمسؤول الفعلي عن سقوط الموصل، ثاني أكبر مدن العراق، بيد داعش، وصاحب أقوى خطاب طائفي في العراق أسسَّ تحالف “دولة القانون”. و التحالف الثاني المستخلص من حزب الدعوة، ولكنه مُعارِض، أو بتعبيرٍ أدّق مُغاير، لنهج المالكي هو “تحالف النصر والإصلاح” بقيادة رئيس الوزراء حيدر العبادي. و شملَ تحالف النصر تكتلات سنيّة أبرزها “تحالف بيارق الخير” بزعامة وزير الدفاع السابق خالد العبيدي و”تحالف معاهدون” بزعامة رئيس الوقف السني (بالوكالة) عبد اللطيف الهميم و”تحالف الوفاء” بزعامة وزير الكهرباء قاسم الفهداوي. وأُعيدت غربلة نفس الشخصيات التي حكَمَت العراق خلال الخمسة عشر عاماً الأخيرة. فعمار الحكيم، زعيم المجلس الإسلامي الأعلى (الشيعي)، أسسَّ “تيار الحكمة”. و تشكل إئتلاف جديد، هو “إئتلاف الفتح”، الذي يضمّ ١٨ كياناً من أجنحة سياسية لفصائل الحشد الشعبي، أبرزها “منظمة بدر” بقيادة هادي العامري و”عصائب أهل الحق” بزعامة قيس الخزعلي – و كلاهما قريبٌ جداً من جهاز بسيج المخابراتي الإيراني. ولم تقتصر التحالفات الممِلة على الإسلام السياسي الشيعي، إذ انضمَّ حوالي ٢٦ كيان سياسي سنيّ بارز، أبرزها “حزب التجمع المدني للإصلاح” بزعامة رئيس مجلس النواب سليم الجبوري و”الجبهة العربية للحوار” بزعامة صالح المطلگ و”حزب الوفاق الوطني العراقي” بزعامة نائب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء الأسبق أياد علاوي الى إئتلاف “الوطنية”.

لم يكترث سياسيو المحاصصة الطائفية في بغداد يوماً لمذهبٍ أو مبدأ، وأحداث البصرة بالتحديد بيَّنَت ذلك بوضوح لا غُبار فيه. محافظ البصرة السابق، ماجد النصراوي، هربَ الى إيران وفي جعبته ميزانية المدينة بأكملها. والمحافظ الحالي، أسعد العيداني، الذي كان مديراً لمكتب أحمد الچلبي أيام “المؤتمر الوطني العراقي”، تركَ المحافظة وذهبَ الى بغداد. فالمسؤولية مفردة غريبة عن قاموس السياسيين العراقيين. الإهمال التي تعرضت له البصرة، وبقية مدن العراق، على مدى خمسة عشر عاماً، شئ لا يتخيله العقل. تبدو البصرة مدينة منكوبة وهي واحدة من أغنى مدن العالم. هذا الإهمال يضاف إلى أنقاض دمار القصف الجوي الإيراني منذ ١٩٨٢ الذي دمرَّ كثيراً من المنشآت الحكومية الصناعية والتقنية، وإجحاف حكومة صدام حسين على إثر إنتفاضة آذار ١٩٩١ التي أشعلها الجندي العراقي المهزوم من الموت والإذلال عقب هزيمة حرب ١٩٩١ التي شاركت فيها معظم الدول العربية من مصر وسوريا والسعودية والإمارات و بقية إمارات الخليج والمغرب لضرب العراق وشعبه ومنشآته وبنيته التحتية. البصرة المسؤولة عن ضخ ما يزيد عن ثلاثة ملايين برميل يومياً، بحسب إحصائيات منظمة أوپك (OPEC) لعام ٢٠١٧، وكانت إيرادات العراق للعام نفسه ٥٩,٧ بليون دولار أمريكي (أو ٥٩٧٣٠٠٠٠٠٠٠ دولاراً بالتحديد). أين مشاريع الإعمار و البناء؟ أين المستشفيات والمدارس والجامعات؟ أين وسائل النقل الحديثة؟ أين مكائن تحلية المياه؟ و إتضح لنا أن ما يزيد على ٧٠ مليون دولاراً صُرِفت لشراء أجهزة لتحلية المياه للبصرة، وبالفعل حضر رئيس الوزراء نوري المالكي حينها لإفتتاح مكائن التحلية وسط ضجة إعلامية حكومية، ولم يحصل أي شئ إطلاقاً بعدها لأن الجهابذة أكتشفوا أن المكائن لم تكن مناسبة لتحلية المياه! و هكذا ذهبت سبعين مليون دولاراً في مهب الريح، وسكان البصرة بدون ماء صالح للشرب.

أضحى الفساد في العراق سلعة للتفاخر. مَن يسرق الأكثر، ومَن يُهين الشعب أكثر. وبينما ينهمك السياسيون بالسرقة والنهب، تمارس مليشيات الأحزاب الإسلامية الضغوط على السكان العُزَّل وتحمي السرّاق أنفسهم. ولم تشهد البصرة أي تحديث لبنيتها التحتية (مستشفيات، مدارس، جامعات، مراكز ترفيهية، طرق ومواصلات، مراكز توليد الكهرباء وتحلية المياه، الخ)، بل تفاقمت فيها القذارة والإهمال واللاتخطيط و إضمحلت الآمال. هذه البصرة كانت تنتفض كل عام على مدى عقد أو نيف، وهذا العام وصلت ذروتها بعد أن وصلت البطالة نسبة تزيد على الأربعين بالمئة (كل أربعة شباب من بين عشرة عاطلون عن العمل). وأعربت الجموع عن غضبها بإحراق مكاتب الأحزاب الإسلامية الشيعية والقنصلية الإيرانية، وحطمت يافطة كبيرة تعلوها صورة الخميني في أهم شوارع المدينة. وذهبت جموع الشباب في غضب لحقول النفط التي تضخ الملايين لمنفعة الشركات العالمية. وحينئذ أرسلت الحكومة العراقية الجيش لحماية آبار النفط والمنشآت النفطية، واستخدٍمَ الرصاص الحي مرة أخرى ضد المتظاهرين. هل تُعتبَر أفعال الشباب المُحبَط تخريبية؟ بالتأكيد الجواب سيعتمد على وجهة نظر المتحدث/المتلقي. مَن المُخرِب، الشركات النفطية الأجنبية المستمرة بنهب خيرات البلد مقابل صفقات لسياسيين فاسدين، أم الشعب الجائع الذي لا يجد حتى ماءً صالحاً للشرب؟ وهذه الشركات نفسها تستورد الأيدي العاملة، دون أن تَفرض عليها حكومة بغداد تعيين أهل البلد.

لن يزول الخراب من العراق قريباً ولن تَدب العافية في كيانه الذي أنهكته الحروب والحصار الفساد، و لكن شابات و شباب العراق ضربوا عرضَ الحائط مساوامات آبائهم، وبهم نتفاءل. لقد أثبتت البصرة أن هذا الشباب لا يكترث للأعراف التي سببَّت له المجاعة والعوز، و يعي دور الأجنبي القادم لنهب ثروات البلد والسياسي العراقي الفاسد الذي فتحَ البلد للسرقة والقتل. وإن قتلت المليشيات الإسلامية تارة فارس وحمودي المطيري، فلن يتمكنوا من قتل الآلاف الأخرى.

لانكاد نخرج من مأزق حتى ندخل في اخر وماتكاد تنطفئ فتنة حتى تشتعل اخرى ولم يرَ العراق الخير ولا السلام منذ الاف السنين والى الان وربما لن يراه لأجل غير مسمى!! . فماهيَّ العلّة في ذلك؟ هل حقا اننا شعب لانستحق العيش بسلام ؟ وان السلام يفسد اخلاقنا وحياتنا وربما نتمرد على كل شي ونكفر بقيم السماء لاسامح الله.ام ان القدر منحنا محيط متخم بالحاقدين وجيران سوء لايهنئ لهم عيش الا بخراب ديارنا وموت ابنائنا. فقد وردت في الاخبار عن تاريخ العراق القديم والحديث الكثيرمن المصائب والفتن والحروب التي مرت بها البلاد منذ ايام السومريين وحتى يومنا هذا, ويبدو ان القدر قد صنع لنا في هذه الارض بالتحديد مواصفات لحياة معينة باحداثها وتفاصيلها … احتلال , حروب , موت ,فيضان , دمار , فتن , وباء , جوع , قحط… الخ من الكوارث الطبيعية والمفتعلة..:

الموت والخراب والحروب وحكم الطغاة من السمات الاساسية لبلاد وادي الرافدين وليست حالة طارئة وبذلك يكون الشعب العراقي ومن يعيش على ارضه جدير بهذا المصير الجهنمي ولاتناسبه حياة اخرى افضل ولو بقليل مما هو علية ومن يدّعي غير ذلك فهو رومانسي واهم ومبحر في عالم الفنطازيا والخيال.

الان وبعد سقوط الصنم وبعد تاريخه الطويل الاسود من الاضطهاد والقتل والخراب والحروب وغيرها من المؤشرات التي اعطت بما لايقبل الشك الدليل القاطع على عدوانية واجرام صدام وبعثه الفاشي بحق العراقيين وكنّا نأمل ان التغيير سوف يغير الحال ,ولكن ماذا كانت النتيجة وماهي المصادفات العجيبة التي ساقها القدر مرة اخرى لتصب من جديد نيران الغضب والموت والخراب على رؤوس ابناء العراق للنيل منهم ومن وصبرهم الطويل وليكتمل بذلك مسلسل الفناء العراقي السرمدي.

بمعنى ان المجرمين لم يقتلوني ولم يقتلوا اهلي !! انما نحن من ضغطنا على اصابع المجرمين (الابرياء) كي يفجروا رؤوسنا برصاصهم البعثي. ونحن من حرّكنا سياط الجلادين في الهواء كي تُلهب ظهورنا في الامن العامة. ونحن من اندسسنا خلسةً في المقابر الجماعية كي يُتهم الاخرين بدمائنا. ونحن طلبنا من الاخرين تهميشنا وابعادنا عن الخير ومصادره. ونحن من رفضنا ان نكون في المواقع القيادية في الدولة. ونحن من اعلنا الحروب (المقدسة) ضد الجيران لنسوق ابنائنا قرابين طاهرة لمذابح العروبة ومعابدها. ونحن من طلبنا رفع معدلات القبول بالجامعات في ثمانينيات القرن الماضي حتى نضطر للالتحاق بالجبهات النازفة موتاً ورعباً. ونحن من طلبنا من الحكومة تجويعنا وتخفيض رواتب آبائنا اوتقاعدهم كي نبقى نعاني شظف العيش والحرمان او نترك الدراسة للعمل لنُعيل اهلنا ونحفظهم من العوز والفاقة وذُل السؤال. ونحن من جندّنا وزرعنا قرب بيوتنا عيون السلطة لتعد الانفاس علينا….. ونحن من بنينا اوكار للحزب بين بيوتنا المهترئة لنجتمع فيها مع الرفاق ونناقش معهم بحرية العبيد شؤون البلاد! ونحن من طلبنا تجفيف الاهوار وتدمير الحياة في الجنوب…. ونحن من طلبنا ان تكون مياه الشرب في البصرة مالحه!!….ونحن من طلبنا ان تترك مُدننا دون اهتمام ودون مجاري الصرف الصحي… ونحن….. ونحن ……نعم نحن فعلنا كل هذا فهل انتم راضون الان ياأصحاب حرف (الدال) و(الالف) يااصحاب الطرح الموضوعي والعلمي.

هل هذا هو منطق الاشياء لديكم وهذه هي حلولكم الناجعة لمشاكلنا وقضايانا العراقية وهذا ماتؤمنون به ياسادة ؟ تبررون للمجرمين والطغاة وعهود الدكتاتورية بهذا المنطق الحاقد الغريب والشاذ عن ابسط مبادئ الانسانية. بهذا المنطق تعزون اهالي الضحايا من اخوانكم العراقيين, وتهدهدون قلوب الثكالى والارامل بالقاء الائمة عليهم وعلى مواقف ازواجهم وابنائهم الوطنية في التصدي للظلم ومواقفهم السابقة ضد الاحتلال البريطاني من قبل في عشرينات القرن الماضي. وتعيبون عليهم تخلفهم في اتباع رجال الدين وهل هذا مبرر لتقصيهم عن مواقع القرار وسبب كافي لتحرمهم حتى من ابسط حقوق المواطنة؟أن صح ادعائكم… وتبحثون عن مبررات واهية تشرعنون بها كل المجازر الدموية وحفلات الرقص الشيطاني في زنازين البعث الصدامي ضد ابناء الوطن.

ان سبب الخراب في العراق ليس الفقراء بفقرهم وبساطتهم وليس بتصديقهم رجال الدين واتباعهم حاملي زوراً رسالة السماء ولا بكائهم ونحيبهم على الحسين كان سبب دمار البلاد وانحدارنا الى الدرك الاسفل من التشرذم والضياع .اقولها لكم بصدق وامانة ان السبب الرئيسي هو انتم يامن تدّعون الوعي والمعرفة وطريقة تناولكم لآلامنا وجراحنا بايادي غليضة وقلوب خشنة لاتفقه من الرأفة شي وليس فيها مكان يتسع للاخرين. فقد وجد الطاغية من امثالكم من يؤسس لحكمه الدموي ووجد من يرقص في محافله المرعبة ووجد من يجمّل له قبحه ووحشيته ليتمادى في غيّه اكثر واكثر حتى اوصلنا وايّاكم الى هذا اليوم البائس من الفرقة والتناحر فيما بيننا.

اقول كفاكم تنظيراً وتعليلاً… انزلوا الى الشارع وادعموا شعبكم وبدأوا مثلما بدأ غيركم في اوربا وامريكا قبل سنين طويلة بدل الوقوف بعيداً تشيرون باصابعكم المتورمة ترفاً الى مواطن الخطأ. بعملكم تبنون الحياة الكريمة لمواطنيكم ولوطنكم وتؤسسون لمستقبل ابنائكم وابنائنا لا لتدعمون الرئيس الفلاني ولا القائد العلاني فانهم ذاهبون طال حكمهم ام قصر ولا يبقى الا العراق وشعبه.

أحدث المقالات