يبدو أن الفجوة الكبيرة، بين الطبقة السياسية والمواطن قد كبرت؛ وأصبحت تتسع كلما تقدم بنا الوقت، ويبدو أن الجِراح التي أثخنتها الحروب المتتالية والأزمات، لا يمكن مداواتها في ظل الأوضاع الآنية؛ ففي تعدد الأحزاب وتسلط المراهقين السياسيين إزدادت معاناة المواطن، ولم يتحقق حلم التغيير بل إزداد الطين بلّة؛ وأصبح الإعلام المعارض لتسلم الشيعة مقاليد الحكم، يروّج أخباراً ربما كاد المواطن يصدقها؛ بسبب فقدان الثقة وخيبة الأمل التي أطاحت بحلم القضاء على الديكتاتورية.
منذ إن تسنم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحكم، ورسائل الغزل تتواصل بين المعارضين لسياسة الأحزاب الشيعية وبين الإدارة الأمريكية الجديدة، حيث أشاد ترامب بدور الديكتاتور بقمع الإسلاميين اثناء فترة حكمة، خصوصا أن ترامب كان قد أعلن اكثر من مرة أثناء حملته الإنتخابية عن اعتراضه على طريقة إسقاط نظام الطاغية، وما آلت إليه الأمور بعد عام 2003 ِ ومنذ ذلك الحين دأب المحسوبين على نظام البعث بإستعراض خدماتهم، للتعاون مع الأمريكان لكن يبدو أن موضوع إعادة هؤلاء للحكم مرة ثانية يتعلق بموقف الأمريكان نفسهم، وقناعتهم لإعادة عقارب الساعة إلى وراء، وتحقيق حلم العودة.
إن الرفض الشيعي للتواجد الأمريكي في العراق، ربما سيؤدي لتفاقم الخلافات بينهم وبين الإدارة الأمريكية التي أعلنت إنها ستجاهد للاستيلاء على نفط العراق الذي حررته من طاغية دمر العراق طوال فترة حكمه، وفي المقابل لم يتلق الأمريكان سوى رسائل إطمئنان وعدم ممانعة لتواجد قوات أمريكية صديقة، من جهات محسوبة على السنة وتميل لإعادة البعثيون لسدة الحكم، والذين عبروا بدورهم عن جاهزيتهم لأي دور في المستقبل خصوصاً انهم لم يدينوا اي تواجد أمريكي جديد في قاعدة عين الأسد وبلد والقيارة وغيرها.
إنتشرت في الآونة الأخيرة، بعدة وسائل إعلام وعبر صفحات التواصل الإجتماعي قوائماً تحوي أسماءاً، يدعي ناشريها بأنها أسماءاً لـ(مجلس حكم جديد) أو حكومة إنقاذ وطني كما يسمونها، والحقيقة، إن هذه الأسماء هي لأساتذة مختصين ساهموا بدراسة مستقبل العراق تحت اشراف مركز (Atlantic Council) وهو: مركز للبحوث والدراسات الإستراتيجية في واشنطن، وهذه الدراسة موجودة على موقع المركز وليس لها اي علاقة بمشروع لحكم جديد في العراق، وكانت تحت إشراف السفير الأمريكي السابق ريان كروكر وشملت عدداً كبيراً من الشخصيات والمؤسسات، بما فيها مراكزاً للدراسات الإستراتيجية العراقية، وربما تكون هذه القوائم جسّ نبض الشارع العراقي، لدراسة تقبل أو عدم تقبل تغيير النظام الحالي، وربما ستكشف الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي للسعودية، النوايا الخفية والأوراق التي ستحدد مستقبل المنطقة ككل.