بما أن الدبلوماسية العامة مجال حيوي وأساس متين لبناء العلاقات الدولية خلال القرن الـ21، تستخدم فیها أدوات عصرية مبنية علی التفاهم والتعاون بين الشعوب لتحقيق أهداف طويلة المدى، وتبادل المعرفة وتجارب الكفاح، وبناء الصور الذهنية الإيجابية للشعوب، فأنها تحفّز أفراد المجتمع لتحمل مسؤولية بناء علاقات دولتهم الخارجية بشكل غير رسمي بهدف إدارة حوار مع مواطنين في الدول الأجنبية عبر وسائل الإعلام والنشر عن طریق الإنترنت، لذا يطلق علیها دبلوماسية المواطن الغير رسمية والتي لاتهدف الی عقد اتفاقيات أو معاهدات.
هذه القوة الناعمة تبنی بالعلم والثقافة العالية، لذا تهتم حکومة إقلیم كوردستان أهتماماً كبيراً بهذا النوع من الدبلوماسية، فما سمعناه من رئیس الحکومة السيد مسرور بارزاني عندما القی بتاريخ ٣-١١-٢٠٢١ کلمته في مراسم حفل تخرج طلبة جامعة كوردستان – هولير في العاصمة أربيل، قائلاً بأن “علی الشباب أن یلعبوا دوراً ریادیاً في تحقيق الخطط الاستراتيجية وبرنامج عمل الحكومة لأنهم المحرك وأصحاب هذا البلد”، فبقدراتهم يمكن أن تصبح كوردستان مركزاً اقتصادياً وتجارياً واستثمارياً للعراق والمنطقة، دلیل علی هذا الإهتمام بالدبلوماسية العامة لیستنی للجميع أن ينعموا بمستقبل أفضل.
إن الاهتمام بالدبلوماسية العامة عل مستوى الجامعات والتخصصات أمر ضروري، لأنه بالدبلوماسية العامة يمکن تحسين صورة الحکومة ولاسيما في الخارج، فتوفير المعلومات للأفراد والمؤسسات العامة والخاصة والصحافة وغيرها من وسائل الاتصال والإعلام، التي تربط سياسات وأهداف وأنشطة الحكومات ببعضها، تؤثر بصورة إيجابية على المواقف العامة، وعلى تشكيل وتنفيذ السياسات الخارجية للدول. إنها يشمل أبعاد العلاقات الدولية خارج الدبلوماسية التقليدية وتوجيه الرأي العام في بلدان أخرى، والتفاعل من المجموعات الخاصة والمصالح لدولة ما في دولة أخرى وتعزيز عمليات الاتصال الفعال بين الثقافات. فهي دبلوماسية غير مركزية تتسم بالمرونة والمقدرة على التشكل بصور مختلفة. والدبلوماسية العامة الناجحة تقوم بالاتصالات في اتجاهين رئيسين، وهما حل النزاعات وتعزيز التفاهم والاحترام المتبادل بين الحكومة والجمهور.
وانتشار وسائل التواصل المختلفة خاصة و خاصة وسائل التواصل عبر الإنترنت وما إلى ذلك من مختلف الوسائل الحديثة ساعدت في زيادة العلاقات الاجتماعية وتناقل الثقافات المجتمعية. الدبلوماسية العامة الذكية تتطلب فهماً سليماً للمصداقية، والنقد الذاتي، ودور المجتمع المدني في توليد القوة الناعمة، وإذا ما هبطت الدبلوماسية العامة إلى مستوى الدعاية، فإنها لن تفشل في الإقناع فحسب، بل إنها قد تقوض القوة الناعمة أيضاً.
حکومة الإقليم وبحکم تطبيق السياسة الحکیمة للقيادة الكوردستانية لم تدخل في متاهة سياسة ردة الفعل على كل ما واجهه ولم ينجر وراء سياسة المحاور، فالدبلوماسية الهادئة والدبلوماسية العامة أعطت الإقليم بعداً خاصاً في ترجمة القول إلى الفعل وإستقطاب دول الجوار، بعيداﹰ عن التوترات والخلافات السياسية، للوصول الى حلول للقضايا التي تهم السلام والأمن والاستقرار في الإقليم والمنطقة.
الدبلوماسية العامة إذن وسيلة تجعل الإنسان قادراً أن يفکر بعقل تداولي ليتغير ويسهم في تغيير سواه علی نحو مثمرٍ وخلّاق. والتاريخ علمنا بأن الأفكار الخصبة والتجارب الفذة والنماذج الناجحة في مكان ما، تغدو ملك البشرية جمعاء، أياً كان مصدرها والتفاعل بين الحضارات منذ أقدم الأزمنة شاهد علی مانقول.
وختاماً: “إن هویتنا ليست مانتذكرە ونحافظ علیه أو ندافع عنه. إنها
بالأحری ما ننجزه و نحسن أداءه، أي ما نصنعه بأنفسنا وبالعالم، من خلال
علاقاتنا ومبادلاتنا مع الغير”.