في الواقع ليست المشكلة في تصريح جلال الدين الصغير الذي ضجت به مواقع التواصل الاجتماعي من أن انه يوصي العراقيين بان يقتاتوا على ثلاثين ألف دينار لا تكفي لسد أجور المولدات الكهربائية “الامبيرية “. لكنها تكشف مدى الخواء الفكري لدى هؤلاء الذين ينادون ليل نهار باسم المرجعية, لقد كان السيستاني أذكى من الصغير فقد أدرك إنه إن بقي يصرح عن طريق بوقيه الصافي والكربلائي فسيحل به ما حل بالشيخ الصغير. والواقع إن هذا الأمر طبيعي جداً لمن يعرف هذه الحوزة التقليدية الفارغة التي لا تجد في مطبوعاتها أو منشوراتها ما تلمس منه بعد إصلاحي أو فكراً يواكب العصر. وحين كان المرجع العراقي العربي السيد الصرخي الحسنيي يؤكد على مستوى هؤلاء وأن لا ينخدع المجتمع فيهم وأنهم تحالفوا مع الشيطان ووضعوا مقدرات العراقيين كلها رهينة السارقين, جهلاً منهم بعواقب الأمور وقلة الدراية السياسية لديهم ومدى تعلقهم بمصالحهم الشخصية , فأن سكوت السيستاني وتصريحات الصغير كشفت عن مدى الخواء الفكري لدى هؤلاء بحيث أصبحوا محط استهزاء العراقيين, فالسيستاني لم يكن يوماً في حياته عالماً في الاجتماع أو في السياسية ولم يصل إلى مرتبة الاجتهاد التي تؤهله لان يُخرج ألينا بنظرية تعالج واقعنا المتأزم سواء سياسيا أو اقتصاديا تناسب ما وصلت إليه البشرية من التقدم والرقي فهو متقوقع داخل فكره العنصري, وتاريخ الصغير أسوء منه فهو لا يعرف من السياسة غير الطائفية, نعم انه إعلان الإفلاس الفكري, فأن كانت تغطيه التقية في عهد النظام السابق وتغطيه السرقات والبذخ في عهد حكومة الاحتلال فقد كشفته الأزمة المالية وتظاهرات العراقيين. أن العراق بلد تحكمه مجموعة القوانين والأعراف تمثل نظماً في إدارة المجتمع وهي القوانين الدينية والقوانين العشائرية والقوانين الحكومية, ويعتبر العامل الديني المحور الذي يوازن بين الاثنين , وقد حاول سماحة السيد الصرخي الحسني ومن خلال لقاءاته بالوفود العشائرية ومن خلال بياناته من تعديل مسار العمل باتجاه تجاوز المحذور الذي طالما عبر عنه بالقادم الأسوأ ولا ريب أن المرجع الصرخي بما يمتلك من شمولية فكرية تعالج واقع المجتمع عبر مركزية الدين فأن سماحته قدم مشروعاً للخلاص. وقد يقال أن القضية في الجانب الاقتصادي فكيف يمكن علاجها سياسياً ؟ في الواقع كل ما يدور في العراق يرتبط بالسياسة والتدخلال الخارجية هذا أولا وثانياً إن المرجع الذي حذر كثيراً , ووقعنا فيما حذر منه يستطيع أيجاد المنفذ من هذا المأزق عبر أدلجة أخلاقية بموازنة التيار الديني وقوانينه والعشائري الذي يمثل أنموذج تماسك اجتماعي والسياسي الذي يمثل قانون الدولة ومن داخل ذلك يمكن بلورة النظام الاقتصادي الصالح للبلد , فليس النظام الاقتصادي أصعب من النظام الاجتماعي وقد اختزل سماحة السيد الصرخي الحسني في فكره أطروحة عادلة وسطية تمثل حلاً جذرياً لمعناة العراقيين.