19 ديسمبر، 2024 8:20 م

حكومات المستشارين وضحالة المتنفذين

حكومات المستشارين وضحالة المتنفذين

لو دقق أي منا في ملاكات الدوائر الحكومية منذ تأسيس دولتنا عام ١٩٢١ أو بحث في الدرجات الوظيفية لوجد أن وظيفة المستشار ، نادرا ما تذكر أو يشار إليها بالبنان ، حتى العام ٢٠٠٣ حيث تولى المسؤولية في العموم من هم من الأميين أو من هم على مستوى علمي ضحل في أمور إدارة الدولة أو قواعد القانون الاداري أو حتى على اطلاع بسيط في علم السياسة ، إنما هم ممن حمل ماضيه المعارض لنظام صدام وجعله بديلا عن كل شئ ، جعله بديلا عن علم إدارة الدولة وبديلا عن أزمان الخدمة المدنية أو العسكرية لينال من وراء ذلك وظيفة تنفيذية مرموقة أو راتبا تقاعديا عاليا احتسب على أساس الخدمة في شوارع ومطاعم ومأوي الدول المستضيفة . وصار الكثير منهم ممن هم خارج الوظيفة يحصل على راتب تقاعدي أعلى بكثير ممن لهم خدمة طوال عمره في دوائر الدولة ومؤسساتها الإنتاجية ، وصار المتنفذين يعولون على المتنفذ البديل إلا وهو المستشار ، وصارت هذه البدعة هي الأخرى خاضعة لمعايير لا تتماشى ووظيفة المستشار ، فصار مستشارا من هو فاشل في الانتخابات النيابية أو لوزير معزول لقلة الكفاءة الإدارية ، أو لاستاذ جامعي تنكر لثوابته العلمية ، أو لخبير سكت على الحقائق الاقتصادية ، وصار المستشار عند خيبة أمل المواطن وغدى هذا المستشار يصدر القرارات والأوامر ،
أن وظيفة المستشار كما نعرف ، تتخلص بإبداء الرأي ومنح المشورة على أن يكون الرأي مطابقا للقانون واللوائح والأعراف الإدارية ، ولم تكن معروفة في كل تلك العقود التي تم بناء أسس الدولة الحديثة فيها بعد أفول نجم الدولة العثمانية ، وقد شهد العراق نهضة صناعية وزراعية وعمرانية منذ الأربعينات حيث أسس مصرف الرافدين والمصرف الصناعي وبعدها المصرف الزراعي ، وقد كان وكيل الوزير هو المستشار ومعاونوا المدير العام كل حسب اختصاصه هم مستشاريه ، ونود أن نذكر أن النهضة الزراعية والصناعية ابان الحقب السابقة كانت نتيجة كفاءة الوزير ووطنية المدير ، وقد لمعت اسماء خبيرة كل حسب اختصاصه ، فكان على رأس المالية عبد العال الصكبان ، وعلى إدارة النفط محمد سلمان ، وعلى تقدم الصناعة محمد حديد وأديب الجادر وعلى نفاذ الاقتصاد خير الدين حسيب ، وعلى الزراعة عبد الصاحب العلوان وعلى الري مكرم الطالباني ، وعلى نجاعة التخطيط جواد هاشم ، وغيرهم مئات من الوزراء المخلصين وهم لم يعرفوا المستشارين ، فقد كان كل منهم مستشارا لرئيسه ولمرؤوسيه ،
العراق فبل العام ٢٠٠٣ ، ورغم الحروب العبثية كان يمتلك قاعدة صناعية وزراعية قوامها ٣٠٠ شركة عامة و٦٠ الف مشروع انتاجي يعود للقطاع الخاص ، وهذا كله بفضل كفاءة المتنفذ بل وحبه لبلده ، واليوم كل شئ منقلب على اعقابه فهل يستطيع المستشار أن يعدل المقلوب ام هو جاء لينفذ المطلوب ، أعانك الله يا شعب العراق المغلوب…

أحدث المقالات

أحدث المقالات