18 ديسمبر، 2024 11:19 م

حكومات الشعوب عنوانها الرَجوب!!

حكومات الشعوب عنوانها الرَجوب!!

الرَجوب: العظيم المَهيب
يتعجب الكثيرون من أن الشعب الأردني أسقط حكومته في بضعة أيام من التظاهرات , ويتساءلون لماذا بعض المجتمعات فشلت في تغيير وزير واحد بتظاهرات إمتدت لشهور وأكثر؟!

والجواب في السؤال , وهو أن الحكومة التي أسقطها الشعب هي “حكومته” والحكومة التي عجزت بعض المجتمعات عن إسقاطها بأكبر وأطول التظاهرات ليست حكومتها , وهذا مقياس واضح ودامغ , فالحكومات التي لا تسقطها التظاهرات ليست حكومات شعوبها والعكس صحيح.

ذلك أن حكومة الشعب تستمد قوتها وضعفها من الشعب , وحكومات نفسها وأهوائها وأجنداتها تستمد قوتها وضعفها من الآخر , الذي تنفذ مشاريعه وتحافظ على إنجاز برامجه وتأمين مصالحه , فهي حكومات غير شعوبها , ولهذا فأن العداء قائم بينها وبين الشعب , فتتحصن ضده وتتمترس وتعلن عليه العدوان , وهي باقية متنفذة برغم أنوف أبناء الشعب.

وحكومة الشعب تعني أن البرلمان أصيل ويحمي مصالح الشعب ويستمد قدرته وقيمته منه , ولذلك يكون معبّرا عن إرادة الشعب , ويمكنه أن يُسقط الحكومة حتى بدون الحاجة لتظاهرات , لأنه يتحسس حاجات الناس ومعاناتهم وما يضرهم وما ينفعهم.

وعليه فأن هناك مجتمعات لديها حكومات حقيقية تعرف الشعب , وأخرى لديها حكومات رمزية لا تعرف الشعب , أو تسمى جُزافا “حكومات” , وما هي إلا أدوات لتنفيذ إرادة الطامعين بالبلاد والعباد.

وهذه الظاهرة ليست جديدة وإنما تتكرر في العديد من البلدان , ويعاني منها الكثير من الشعوب المبتلاة بحكومات , هي أشبه ما تكون بعصابات مرتزقة ومافيات إستحواذية تستعمل الأساليب الخداعية والتضليلية للفتك بالشعب , وإستعباده بالحاجات والترهيب والترعيب وفقدان الأمن وإشاعة القلق وعدم الإستقرار في البلاد , وبهذا تحكم وتزداد عزلة عن الشعب , وتتعاظم شراهاتها الدونية وتطلعاتها الفردية والفئوية والتحزبية , فيعم الخراب والدمار والفساد.

وهكذا فأن الشعب بخير عندما يتمكن بتظاهراته أن يُسقط الحكومة , وهو في عسر وقهر ومضطرب عندما تعجز التظاهرات عن إسقاط الحكومة , حتى ولو تواصلت لأشهر , فالأولى حكومة شعب والثانية حكومة أعداء الشعب , وهي معادلة سلوكية يمكننا أن نقيس بها سعادة الشعب وتعاسته.

فالشعب الذي لديه حكومته أسعد من الشعب الذي لديه حكومة أعدائه , وبهذا الميزان يتبين لنا معيار المآسي والويلات والتداعيات , وغيرها من الداهمات القاسيات.

فهل من قدرة على تأليف حكومة شعب ليتمتع ببعض الحقوق ويرفل بالأمن والرفاهية والسلام؟!