يبدو أن رئيس الوزراء المكلف “محمد توفيق علاوي” جاداً في تقديم حكومة من الشخصيات المستقلة رضوخاً لإرادة الجمهور الشيعي المنتفض منذ عدة شهور غضباً على المنهج السائد طيلة سنوات التغيير الذي أعقب العام (2003 ).
علاوي…. ليس بعيداً عن السياسة،فهو سياسي سابق مستقيل من “حزب الدعوة”،ووزير اسبق مستقيل من حكومة المالكي “2012 ” عندما كان عضواً في “القائمة العراقية”،على خلفية تدخلات بعمل وزارته.
ما يثبت جدية علاوي بتقديم حكومة مستقلة، هو سرعة انجازه “كابينة” الوزارة،التي تعني غياب دور القوى السياسية في تشكيلها،وليس “عامل الوقت”،الذي طالما تجاوزته السقوف الدستورية بمناسبات مختلفة،بسبب “التغانم السياسي”!.
الملاحظة الثانية… “عينة” القوى المعترضة على حكومته!،فقد اشر “سونار الحكومة”،القوى السياسية التي تنطلق من مصالحها الفئوية والحزبية والعقدية،ليس على حساب القوى التي تنافسها العمل السياسي،والذي يبدو مشروعاً كونه من ثوابت العمل السياسي،بيد انه ذهب بعيداً،في سابقه سياسية تعد “نشوز سياسي”!،عندما أبدت رفضها وعدم التصويت لصالح حكومة علاوي،وهي تعلم أن ضريبة ذلك تعني ” ذبح الوطن بسيف الوقت”!.
السؤال هو لماذا تتبنى تلك القوى تلك المواقف “المتصلدة”؟.
أذا كانت مهمة الحكومة هي “حرث الأرض”،وليس زراعتها!.
الجميع يعلم أن مهام الحكومة حُددت، وهي التهيئة لانتخابات مبكرة،وكشف قتلة المتظاهرين العزل،وتنفيذ قانون انتخابات يكفل للجميع فرصة المشاركة الانتخابية.
الغريب أن القوى السياسية الشيعية،باستثناء السيد “المالكي” تقف جميعها داعمة لحكومة علاوي،رغم اتهامها بالفشل و”الفساد الحصري”،وكأن “المكون الكردي” و”المكون العربي السني”،كانوا خارج حكومات التغيير،والجميع يعلم ان “ديمقراطية المحاصصة” هي التي قادت العملية السياسية منذ “17 ” سنة،واشتركت بتمثيلها جميع مكونات الشعب العراقي،من أسفل قاعدة هرم الدولة إلى قمته،بمعنى من (رئيس عرفاء الوحدة العسكرية ونائبيه الى رئيس الجمهورية العراقية ونائبيه).
منتج “ديمقراطية المحاصصة”.كان مخرج لـ “سياسة أم الولد” الذي تبنته القوى السياسية الشيعية،وكانت “مضغة فاسدة” لوليد لم يمر بمراحل طبيعية للنمو.
القوى السياسية الشيعية،التي أصّرت على أشراك الجميع،بإدارة الدولة العراقية،بمجاملة “وخطيئة كارثية” أعادت سيناريو “ثورة العشرين”،لترسخ “مفهوم اللطم وليس الحكم”الظالم.
تعود اليوم بلا عبرة،لتصبح محطة للتهكم والاستهزاء والسخرية،ليس من الشركاء في الوطن،بل من طيف كبير من جمهورها الغاضب على سلوكها السياسي.
لقد تعودنا طيلة سنوات التغيير، على تخلف القيادات السياسية الشيعية،عن جمهورها،وعادة ما كان “الرأي العام الشيعي”،بمستوى التحدي بدء من انتخابات سنة (2005 ) ،وتهديد تنظيم القاعدة بزعامة الإرهابي “الزرقاوي”،الى اجتياح “تنظيم داعش” مدن الغربية،وظهور “الحشد الشعبي المقدس” الذي أذهل العدو والصديق!.
اليوم …ورغم حجم الهوة والخراب،الذي أنتجته ديمقراطية المحاصصة،تلك العقبة الكؤود التي وقفت بوجه جميع الحلول،لازال هناك مخرج.
القوى الشيعية بحاجة إلى “ديمقراطية توافقية”،يكون شراعها “الوطن والوطنية”،وركابها المؤمنين من شركاء العملية السياسية،بحقيقة التاريخ والجغرافيا.
وهم معكم يشكلون أكثرية برلمانية لتشكيل “نواة وطن”،وهم بانتظار موقف شيعي موحد،ليقفزوا من “مركب الأجندات الخارجية” إلى “مركب الوطن”.