15 نوفمبر، 2024 8:36 م
Search
Close this search box.

حكم المسافر في رمضان … هل  العزيمة  بالافطار ام الرخصة في الاختيار؟!

حكم المسافر في رمضان … هل  العزيمة  بالافطار ام الرخصة في الاختيار؟!

بالبدء نعرض الاية الكريمة ( …فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ )  – البقرة – الآية – 184
بعد ذلك نبين الفرق بين الرخصة والعزيمة حيث العزيمة هي: صفة للحكم المؤكد بدليل شرعي، فتتعلق بالفعل والترك، لا خيار فيها بين الاثنين والرخصة هي: صفة للحكم الثابت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح بتعبير اخر (استباحة المحظور مع قيام الحاظر) وفيها الخيار بين الفعل والترك مثل: صيام رمضان، فهو عزيمة مؤكدة في الشرع، والإفطار رخصة للمسافر والمريض.
ان الاية الكريمة محكمة بكل وضوح فقد اباحت الافطار للمسافر, ولكن الفقهاء هم من ادخلوا المشكلة في حكمها رغم وضوح معناها ومفرداتها فمنهم من وضع صيام المسافر في باب الرخصة ومنهم قال انها عزيمة وعليه الافطار… لفك التداخل والارتباط نضع الامر على طاولة البحث لنبين مصداق احدهما دون الاخر بالدليل والبينة…. الظاهر ان حكم المسافر في شهر رمضان هو العزيمة بالافطار لا الرخصة في الاختيار بين الصوم والافطار والامر ينطبق على المريض المتيقن من مرضه بدليل الاية الكريمة نفسها (فعدة من ايام اخر) وهي تعود الى المريض والمسافر الذي يفطر بسبب مرضه او سفره عليه ان يؤدي القضاء فيهما , ومن يخالف هذا الراي عليه ان يبين وجة ومقصد الايام الاخر , وعليه لا يبقى مبرر للراي الاخر الذي يرى حكم الرخصة بقولهم : المريض الذي به ما يقع عليه اسم المرض وهو مستطيع للصوم خير بين أن يصوم وبين أن يفطر, وهناك دليل قرائني اخر على ان حكم المريض والمسافر في شهر رمضان هو خيار  الافطار وليس الاختيار بين الصوم والافطار بقوله تعالى (يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) فدين الإسلام دين يسر وسماحة، ويتجلى ذلك اليسر في رفع الحرج عن من لا يستطيع الصوم أو يشق عليه كالمريض والمسافر ، فرخص لهم الفطر في رمضان مع إرشادهم إلى ما يقوم مقام صيامهم الذي سقط عنهم ، كلٌ بحسب حاله ، وفي هذا عدم تكليف أحد بما لا يطيق ، قـال الله تعـالى : (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا…) -البقرة 286
اما من يقول ان الاية الكريمة ورد فيها نص شريف ( وعلى الذين يطيقونه ) بضم الياء وفتح الطاء وتخفيفها وفتح الواو ، وتشديدها أي يكلفون الصوم وتأويله على الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان الصوم والمريض الذي لا يرجى زوال مرضه فهم يكلفون الصوم ولا يطيقونه فلهم أن يفطروا ويطعموا مكان كل يوم مسكينا وهو قول ابن عباس وسعيد بن جبير .
اما من يؤيد الخيار للمريض والمسافر في مسالة الصوم من عدمه بناء على النص القرائني : (وانْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُون)فنقول له اعلم :(وان تصومُوا) لا يرجعُ إلى المسافر، لأنّه رجوع بلا دليل، وإلاّ فلو رجع إلى المسافر يجب أن يرجع إلى قرينه أيضاً أي المريض، لأنّهما ذكرا معاً، وقال سبحانه : (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَريضاً أو عَلى سَفر )، ومن الواضح أنّ الصوم للمريض ليس خيراً غالباً (وانْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُون) راجع إلى أصل التشريع، وأنّ في تشريع الصيام فوائد في عاجلكم وآجلكم فلا تغفلوا عنه، كما ذكره مرّة أُخرى في ثنايا الآيات الثلاث بقوله: (أَيّام مَعْدُودات) للإشعار بأنّه لا يتجاوز عن أيام معدودات قليلة منقضية بسرعة، وليس لقوله (وان تصومُوا…) أيّ صلة بدعوة المسافر إلى الصوم…وعليه  فالإمعان في الآية الكريمة يثبت أنّ الإفطار للمسافر عزيمة لا رخصة ونزيد عن هذا أنه لا رخصة لمؤمن مكلف في إفطار رمضان إلا لثلاثة : أحدهم يجب عليه القضاء والكفارة والثاني عليه القضاء دون الكفارة والثالث عليه الكفارة دون القضاء أما الذي عليه القضاء والكفارة فالحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما فإنهما تفطران ، وتقضيان وعليهما مع القضاء الفدية ، وأما الذي عليه القضاء دون الكفارة فالمريض والمسافر والحائض ، والنفساء وأما الذي عليه الكفارة دون القضاء فالشيخ الكبير والمريض الذي لا يرجى زوال مرضه .بقي لنا ان نقول لا تصح صحة الصوم في السفر الا  في مواضع ثلاثة:
1. مَن لا يجد هدي التمتع ولا ثمنه، صام بدله عشرة أيام، ثلاثة في سفر الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، قال سبحانه: ( فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَة أَيّام فِي الحَجّ وَسَبْعَةٌ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشرةٌ كامِلَة- البقرة – الآية – 196  )
 2. مَن أفاض من عرفات إلى المشعر قبل الغروب عمداً، كان عليه كفارة بدنة، فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوماً، ويدل عليه صحيح ضريس الكناسي، عن أبي جعفر (ع) قال: سألته عن رجل أفاض من عرفات قبل أن تغيب الشمس؟ قال: «عليه بدنة ينحرها يوم النحر فإن لم يقدر، صام ثمانية عشر يوماً بمكة، أو في الطريق، أو في أهله». ودلالة الحديث على جواز الصوم في السفر لا شبهة فيها، وحمل الرواية على الصوم في مكة أو في الطريق إذا نوى الإقامة ثم الصوم، كما ترى، وقد عمل به المشهور، وعلى ذلك فيُخصِّص ما دلّ على عدم جواز الصوم في السفر نظير «من لم يجد الهدي ولا ثَمَنه».

3. مَن نذر الصوم في السفر على وجه يكون السفر قيداً للنذر، أو نذر على الوجه الأعم من السفر والحضر على وجه يكون السفر ملحوظاً حال النذر
في الختام اتبع الدليل والمنطق والحجة في تعبدك بغض النظر عن مذهبك لان مذهبك الديني يجب ان يتطابق مع المعرفة العلمية والا فسوف تساءل عنه يوم القيامة كاختيار . 

أحدث المقالات

أحدث المقالات