في إحدى المقابلات الإعلامية سئُل الرئيس جلال الطالباني ( عافاه الله من وعكته الصحية فأننا فقدنا حكمة رجل بوقت ، نحن أحوج ما نكون إليه بمثل تلك الظروف) ،
عن تبعية الشيعة في العراق إلى شيعة إيران؟
(سؤال واضح مدفوع الثمن تنفث منه روائح السموم الإعلامية المذهبية والعرقية…. )!
فأجاب الرجل: (الشيعة في العراق لا يتبعون شيعة إيران ،فالشيعة العراقيون يخاطبون الأمام الثامن لهم علي بن موسى الرضا عند زيارتهم: (السلام عليك يا غريب الغرباء ….)، كما أن المرجعية الدينية في النجف الأشرف هي أقدم واعرق من المرجعية الإيرانية في قم ).
جواب ينم عن ثقافة سياسية واجتماعية لرجل يحسب على العلمانيون، فهو يعتز بأبناء وطنه ،ويرتفع عن اتهامهم بالتبعية ، وبذات الوقت لا ينكر التقاءهم مذهبياً مع الآخرين ذلك الالتقاء الذي يمثل قوة ومنفعة لوطنهم فهو يدرك أنهم مسلمون والمسلمون عندهم حب الأوطان من الأديان، فضلا عن معرفته بأئمة أبناء شعبه من العرب الشيعة وترتيب أعدادهم .
تجاوز النائب حيدر الملا مؤخراً على مرجعيات دينية شيعية تحظى بتقدير غالبية المسلمين الشيعة وغير الشيعة بالعالم، وليس في العراق. يثير الاستغراب، ويعبر عن ضحالة فكرية وثقافية لطالما اتصفت بها مجموعة من سياسيي الصدفة التي ألقت بهم أقدار العملية السياسية بعد العام “2003” على شواطئ المشهد العراقي .!
ترى ما هو الفرق بين خطاب مام جلال وحيدر الملا؟
جواب الرئيس خطاب رجل دولة ينم عن روح وطنية متجذرة لا ترى الآخر ألا من خلالها، فالرجل أفنى حياته ليرى ذلك الوطن كما الأوطان حراً عزيزاً تحفظ فيه الكرامات وتحترم المعتقدات ف (الدين لله والوطن للجميع….)، ولم يشكك بوطنية الآخرين ويفاخر بوطنيته برغم سابقته.
ولو استعرضنا خطاب الملة ووضعناه على مبضع التشريح، لوجدنا انه ليس شقشقة طائفية سوف تزيد من نزيف الدم العراقي فحسب ،بل محاولة لنقل الضوء ،وأحداث فوضى سياسية، تؤدي إلى أرباك القوى الأمنية وإعاقة تقدمها نحو حواضن الإرهاب ،بعدما استثمرت القوات الأمنية دعم القوى السياسية والرأي العام العراقي لها بعد عمليتي سجن أبو غريب والتاجي وما تلاها من عمليات إرهابية استهدفت أبناء الشعب العراقي تهدف كسر هيبة الدولة،ومن جانب كشفت عن تسويق بضاعة الطائفية الفاسدة ، التي أراد الملا عبرها استغلال الأصوات الانتخابية بطائفية مقززة ،ولم يدرك أن الخطاب الطائفي يمجًه ويمًقته غالبية العراقيين ولطالما ألقى بالكثير من السياسيين العراقيين من مختلف القوى خارج أسوار العمل السياسي ولم يعد لهم حضوراً انتخابياً.
ثم ماذا سيقول النائب الملا للأخوة أعضاء الحزب الشيوعي العراقي أذا ما رفعوا صور رموزهم الثورية العالمية بمناسباتهم المعروفة غداً؟
أم أن الصراع السياسي والتنافس الانتخابي استباح جميع الحرمات بما فيها دماء العراقيين؟!
اعتقد أن سيادة النائب تعرض إلى سقطة سياسية كبيرة قد يكون دُفع أليها، وأتمنى أن يتحلى بالشجاعة كما هو، ويعتذر لمكون مهم من أبناء شعبه ( والعذر عند كرام الناس مقبول ) .