23 ديسمبر، 2024 3:20 ص

حكمة الحكيم تفك وثاق الصنمية ….

حكمة الحكيم تفك وثاق الصنمية ….

 

يحكي أن أَمَة مملوكة ، وكم في ذلك الزمان من مماليك ، لكن بريرة لها قصة ، قصة الحرية ، قصة الحب ، قصة الإباء ، قصة تثبت في تفاصيلها روعة تحطيم القيود, والأغلال والصنمية,
وملخص قصة بريرة أنها أرادت أن تتحرر من رق العبودية ، وأن تنطلق في آفاق الحرية ، تملك نفسها ، وتملك قرارها ، وترفل بقدرتها الكاملة لتقرير مصيرها ، ورسم مستقبلها .

 

وهكذا كان ، فقد اتفقت مع مالكيها على أن تكاتبهم ، فاشترت نفسها من خلال عملها وخدمتها ليل نهاروتقديمها نفسها كنموذج للتسامح والمحبة ,بعد أن عجزت أن تنال حريتها بالتفاوض ودعوة الأسلام .
ولما أبرمت الاتفاق ، عمدت إلى نبع الحنان ، وحصن الأمان ، فقصدت بيت النبي صلى الله عليه واله وسلم ، وتحدثت مع أهل بيته, فكانت أم سلمة مفتاح الفرج لتلك الأمة من خلال تقديم المشورة والنصح لها .
وها هي بريرة تتنفس عبير الحرية ، وتستنشق عطرها ، وتبدأ حياتها من جديد ، بثوب جديد ، ونفس جديدة .
فلما تأملت حالها رأت أنها زوجة لعبد مملوك ، والإسلام يعطيها حرية اتخاذ القرار ، فلها أن تبقي علاقتها الزوجية كما هي ، على حالها السابق ، ولها أن تنقض الرباط ، وتحل الوثاق ، فقررت بحسم وجزم أن تنهي حياتها الزوجية . وهكذا كان ، لأنها لم تكن ترى في زوجها طريقاً للأصلاح فقد كان رجلاٌ لافائدة ترجى من أصلاحة كون الشيطان قد أستحكم على عقله, وكان دأئما يحب نفسه على حساب زوجه وأطفاله ومشكلة الأنا قد تغللت في عروقه.

 

يقال: إن زوج بريرة كان عبدا يقال له مغيث ، كان بعد فترة من الزمن وعندما عاد الى وعيه يطوف خلفها يبكي ودموعه تسيل على لحيته يطلب رضا بريره ويتوسل في طلب العفو عنه والسماح له في العيش في المنزل الذي تسكن فيه الا أنها كانت ترفض وبشده كونها تعرف طبيعة ذلك الرجل الفض. .
فلما رأى مغيث إصرار بريرة على صده ، وأنها عازمة على تركه ، استشفع بالنبي صلى الله عليه واله وسلم ، فشفع له عندها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لو راجعته ، فإنه زوجك وأبو ولدك . قالت : يا رسول الله ، تأمرني ؟ قال : إنما أنا أشفع . قالت : لا حاجة لي فيه .
الحكمة قد يأست من أصلاح بعض رجالاتها فعلى مدى عقدين من الزمن وهي تحاول أن تصلحهم وتعيدهم الى رشدهم, لكن حب الأنا والأنانية التي تعلو قلوب القوم قد تمكنت منهم وأخذت مأخذها منهم.
الحكيم وحكمة قد أخذا زمام المبادرة وعتقى نفسيهما من تسلط بعض من يظنون أنفسهم كبارا بدون راية, فلولا تلك الراية وذلك الرداء لم يكن لهم وجود ولم يكن أحد ليعرفهم, فتاريخهم مرهون بذلك الرداء الحكيمي الذي قدم من الدماء مايجعلنا ويجعلهم نقف مرغمين أجلالا وأحتراما له, فبريره لن تعود لذلك التسلط مرة أخرى