23 ديسمبر، 2024 9:32 ص

حكايتي مع هيئة الإعلام والاتصالات (3)

حكايتي مع هيئة الإعلام والاتصالات (3)

لكل موظف أو عامل في اي مؤسسة من مؤسسات الدولة أو حتى من مؤسسات القطاع الخاص نهاية. اذ لابد من أن يأتي اليوم الذي ينتهي فيه عمله في هذه المؤسسة سواء ليستريح الى تقاعده بعد طول عناء او لينتقل الى مؤسسة اخرى ليواصل مشواره بالكد والكدح والعمل. وعندما يترك الموظف أو العامل عمله لأي سبب من الأسباب فان علاقته أو ارتباطه بهذا العمل أو المؤسسة التي كان يعمل فيها تنتهي بصورة قانونية وادارية من خلال اجراءات قانونية وادارية روتينية بسيطة وسلسة وهي حق طبيعي وعادي جدا لهذا الموظف. من اولويات هذه الاجراءات ان يُبلغ الموظف بكتاب عزله أو نقله أو إعفائه وان يستلم نسخة من هذا الكتاب وكما جرت العادة في سياق عمل مؤسساتنا الحكومية أن تكون هناك نسخة منه إلى(الموما إليه) لأنه هو صاحب الشأن في الموضوع ولابد له من الإطلاع على الأمر الذي يعنيه. كذلك فان على هذه الدائرة ان تُنجز لهذا الموظف المنقول براءة الذمة وشهادة آخر راتب وكتاب انفكاكه ومن ثم نقله أيضا الى دائرته اللاحقة. بعد إعفائي من مجلس الأمناء في هيئة الاعلام والاتصالات من قبل مكتب رئيس الوزراء السابق السيد نوري المالكي في 2013/8/20 ولاسباب باتت معروفة للجميع كان من الطبيعي جدا أن اعود الى عملي ودائرتي السابقة ذلك أني موظف في الدولة العراقية منذ ( 7197/10/3) دون منة من أحد وأفتخر بذلك وعنواني الوظيفي هو رئيس مهندسين اقدم وان عودتي الى دائرتي تحتاج فقط الى الإجراءات القانونية العادية البسيطة الروتينية المذكورة في اعلاه وهو حق طبيعي اداري وقانوني وانساني . ولكن هل تعرفون ما الذي حصل وما الذي تعرضت له من 2013/8/20 وحتى هذا اليوم الذي تقرؤون فيه هذه السطور؟

لهيئة الإعلام والاتصالات موقعين متقاربين تقريبا في منطقة المسبح. الموقع الاول في الزقاق المقابل لكراج 2000 وهو عبارة عن مجمع من ثلاثة مباني مستأجرة وقد شغلته الهيئة عند تاسيسها عام 2004 وقد اصبح هذا المجمع اشبه بالمهجور بعد ان تحول الى مخازن للسكراب وبعض الغرف لتجمع حراسات الدائرة ومبيت البعض منهم بعد ان انتقلت الهيئة الى الموقع الاول على شاطيء دجلة وهو منزل محمد حمزة الزبيدي المجاور لقناة السومرية. وبعد التحاقي بالهيئة عملت على إعادة تأهيل واحد من هذه المباني المهجورة والمتواضعة في الموقع الثاني وبجهود ذاتية واتخذت منها محلا للسكن وقد شاركني في هذا السكن لاحقا السيد سالم مشكور عندما التحق ايضا عضوا في مجلس أمناء الهيئة. كانت الأوضاع الامنية لاتزال خطيرة في حينها والمنطقة غير آمنة وهي خليط من ورش وكراجات للسيارات وسكان غير معروفين وغير مشخصين والمجمع مكشوف من جهاته الأربعة بدون حماية بالمستوى الذي تناسب والأخطار الأمنية التي كانت سائده آنذاك. بذلت جهودا كبيرة من اجل الحصول على بعض قطع السلاح ولم احصل إلا (بالشافعات) في عهد ادارة السيد برهان الشاوي على قطعتي سلاح (كلاشنكوف) من مسؤول حماية الهيئة السيد فريد حاتم لغرض حماية هذا المجمع المكشوف وحماية انفسنا ايضا.

اخذت اوضاع الهيئة تتراجع جدا وتحول مجلس الأمناء إلى جنازة مُسجاة يخاف الموظفون حتى من قراءة الفاتحة على ارواح أمنائه بسبب سياسات القمع والبطش والتهديد والانتقام لمن يقترب من الأمناء أو مجلسهم. وأصبحت الهيئة تحت قبضة مجموعة فقط تتشكل من المدير العام التنفيذي والذي هو وخلافا للقانون رئيس مجلس الامناء أيضا مع عضو آخر من مجلس الامناء فقط وثلاثة أو اربعة موظفين من الهيئة. كان ممنوعا على عضو مجلس الأمناء كل شيء، كان ممنوعا عليه ان يعرف أو يطلع أو يعترض أو يناقش أو يُشارك في رسم سياسة أو اتخاذ قرار بل كان ممنوعا عليه حتى أن يكون مستمعا. كان المسموح لعضو مجلس الأمناء أن يشرب الشاي والعصير وان يتناول المعجنات من بركات الهيئة وان يأخذ راتبه الشهري ويركب سياراته فقط. أما الاجتماعات فهو يُستدعى وعليه أن يستجيب لغرض إكمال النصاب القانوني في اجتماعات ليس له الحق في المشاركة في وضع اجنداتها أو جدول اعمالها، عليه ان يحضر فقط لاجتماعات واجندات لا يعرف لماذا وكيف وأين ومتى يجري توظيفها واستخدامها؟

وعندما تردت أوضاع الهيئة الى هذا المستوى اتخذت من السكن في الموقع الثاني مكانا للعمل أيضا ورتبت مكتبا متواضعا هناك يغنيني عن حضور (البطالة) في الهيئة. ومن هذا المكان المتواضع كنت اتابع يوميا بجد وعمل مكثف كل ما يجري في الهيئة من خلال التواصل مع موظفين رائعين كنا نلتقي خفية بعيدا عن عيون الهيئة وجهاز مخابراتها في مطاعم ومقاهي وكافتريات مختلفة في المنصور والكرادة وشارع الرشيد وحتى في نادي الصيد.كان أول من ابلغني باعفائي من

الهيئة المهندس أحمد العمري والذي جرى إعفائه لاحقا أيضا، وكان السيد العمري عندي في الموقع الثاني عندما وصلتني رسالة بواسطة شخص من حراسات الهيئة وعندما فتحت الرسالة وجدت فيها كتاب إنفكاكي من الهيئة فقط. ومما لاشك فيه ان السيد صفاء ربيع وصاحبه كانا على اطلاع كامل بالامر فلقد نسجا خيوط الموأمرة على مدى اكثر من عام واستطاعا ومع الأسف الشديد توريط اطراف اخرى غير قليلة كان فيهم وزير من الحكومة السابقة ونواب من الدورة السابقة واللاحقة ومقربين من المالكي وحاشيته وأتمنى أن لا أضطر الى تشريح ذلك في حلقات خاصة. وعلى هذا اعتقد ان كتاب الإنفكاك كان جاهزا من أيام غير قليلة على طاولة السيد المدير العام التنفيذي ( عفوا رئيس الجهاز التنفيذي) بانتظار التوقيع فقط بمجرد وصول أمر الإعفاء. ابلغت الشخص الذي نقل كتاب الإنفكاك بان هذا الاجراء غير سليم لانه يجب أن أستلم أولا نسختي الشخصية من ألامر الديواني الخاص بالاعفاء وان انجز شهادة براءة الذمة ثم يُصار إلى إصدار كتاب الإنفكاك وتزويدي بشهادة أخر راتب وإرسال إضبارتي الشخصية الى دائرة عملي اللاحقة. وعلى طريقة (خرج ولم يعُد) فقد ذهب هذا الشخص ولم يرجع ولم استلم لا أمر الاعفاء ولا الانفكاك ولا براءة الذمة ولا شهادة آخر راتب ، تخيلوا جيدا من يوم ( 2013/8/20) وحتى الساعة ونحن على اعتاب عام جديد ستشرق شمسه بعد أيام في ( 2015/1/1). وللحكاية تتمة من قصص أغرب من الخيال في الحلقة القادمة.