23 ديسمبر، 2024 5:43 ص

حكاية ُ الشيخ والطير والنبي سليمان

حكاية ُ الشيخ والطير والنبي سليمان

قال لي صاحبي مُتضاحكاً إنْ حكيتُ لك َ حكاية ً أُخرىٰ هل ستُظهرُها للناس كأنك َ قائلها كما فعلت َ في المرة السابقة أم ستحكيها عن لساني ،
فقلت ُ هات ِ لنرىٰ إن كانت ْ تصلح ُ لأيامنا التعبانة ِ هذه فقال لي :
إنه ُ قِيل َ في الحكايات أنَّ طائراً جاء َ بِرْكة َ ماءٍ ليشرب َفوجد َ أطفالاً بالقرب منها فانتظر َ قليلاً حتىٰ ابتعد الأطفال ُ ، فَهمَّ بالنزول ِ ليشرب َ
ولكنهُ رأىٰ لحظتها رجلاً وقوراً ذا لِحية ٍ مَهيبه ، فترددّ قليلاً ، ولكنه ُ عزم علىٰ النزول ِ قائلاً في نفسه ِ ان هذا الرجل وقور ٌ ولا يُمكنُ أنْ يؤذيَني
فهمَّ بشُرب ِ الماء ِولكن الرجل فاجأه ُ ورماه ُ بحجر ٍ ففقأَ عينَهُ ، فذهب
الطير ُ الى نبيّ الله سُليمان َ شاكياً فِعْلَ الرجل ِ ، فاستدعاه ُ النبي ُّ عليه السلام وقال لَهُ :هل لك حاجة ٌ عند هذا الطير لترميه وتفقأَ عينه ، قال
لا ، فاصدر النبي سليمان أمراً بأن تُفقأَ عين ُ الرجل ِ في الحال ، لكن الطير
إعترضَ وقال لَهُ يانبيَّ الله إنَّ عين َ هذا الرجل لم تُؤذني وإنما خدعتْني
لِحيته ُ الطويله ، لذا أُطالب بقصِّ لحيته ِ عقوبةً لَهُ حتىٰ لا ينخدع َ بها احدٌ غيري …..
فانطلقت ُ ضاحكاً من قصة صاحبي وكيف بحث عنها ليحثني على كتابة مقالة ٍ عن أصحاب اللحىٰ الخدّاعه وكأني كنتُ غافلاً عنهم ، فوالله ِ لو انَّ
هذا الطير جاء اليوم لعراقنا لرأىٰ الأعاجيب منهم ، ولأعدَّ – في الحين ِ والساعة ِ – قائمة ً لا نهاية َ لها باللحىٰ التي يُستلزم ُ أنْ تُقصّ ٠

خُذوا مَنْ تشاؤن مِن أصحاب العباءات ِ السوداء والعمامات ِ البيضاء والوجوه الشاحبة ِ الصفراء وأخضعوه ُ بواسطة ِ تطبيق ٍ بسيط ٍ للرتوش
كأنْ تُزيل َ عمامته ، او لحيته ، او شعره او ان تُلبسهُ نظّارة .. سيبدو
– وأنا واثقٌ من هذا – مثل اي بائع لبلبي، رغم ان بائع اللبلبي اشرف ُ لأنهُ يعمل بحق ولا يسرق ( وعذرا من جماعتنا يالبلبي يالبلوب …)

وقد رأيت ُ مرةً – ولا أظنني الوحيد – صورةً لرئيس عصابة … أقصدُ زعيم
ميليشيا حين كان محبوساً ، وقتها ، عند الأمريكان في ( بوكا) في جنوب العراق كما أظن ، أُقسمُ – وهذا ليس تجنيّاً – ان صورته تُطابق صورة اي
شخص ٍ لَهُ سوابق اجرامية ، تماماً مثلما أرَونا صورة الداعشي البغدادي
وهو الاٍن ” قائد ٌ ” بقدرة قادر و لَهُ إطلالات تلفزيونية مُتابعة من قبل كثيرين ممّن خدعتهم لحيته وعمامته ، فلو جاء طير ُ نبيّنا سليمان عليه السلام ورآهُ الآن فحتماً انه سيشقُّ زِيقَهُ ويلطِمُ صدرهُ ويهيل ُ التراب َ على رإسه ِ ، لا غضباً من ذالك الرجل الذي فقأَ عينه ، ولكنه كان سيلطمُ علينا
نحن الناس التي ابتلاها الله ُ بهذه الجهامات ِ الحلوة واللحىٰ المعطّره.

سنحكي لهذا الطائر عن بلوانا الحالية التي ابتلانا بها الله، فبالأمس فقط
حاولوا ، بكل وقاحة ، ان يُنصّبوا علينا حاكماً جديداً من عندهم ومن خدَمِهم ومن جلاوزتهم وصمّوا آذانهم عن هتافات الجماهير المستمرة
التي ترفضُ هذه الألاعيب وتنادي بغد ٍ مشرق لهذا البلد وأُناس ٍ شُرفاء
ليقودوه الى بر الأمان ، ولكن سعيّهم خاب وصار بأسُهم بينهم ، فخسر
أولُهُم الذي كان يتعنتَرُ علينا بأنهُ صانع الرؤساء وبيده ” الحلُّ والربطُ
والعنعناتْ ” فإذا به ِ يتفاجأ بان مؤخرتَه ُ مكشوفة ٌ وألاعيبه ُ لا تنطلي
الآن َ حتىٰ على الأطفال إلاّ مَنْ اتبعهُ عن عمىً في البصيرة ِ وجهل ٍ في
الاحتكام ، ولم يربح الآخرون لأنّ كلماتهم الرنّانة الطنانة عن رفض المحاصصة وما شاكلها ، واختباءهم خلف تعابير غامضة من الشراكة الوطنية وحكومة أقوياء والاستحقاق الانتخابي ، كل هذا الكلام المعاد
لم يستطع ْ أن يُخفي نواياهم التافهة باستمرار المحاصصة الطائفية والعِرْقية المقيتة .

وهاهُم المتحاصصون ، المتّفقون ، المتعاركون ، مِن كرابلة ٍ وحلبوصيون
وعامريون وصدريون ونُجيفيّون وخزعليّون ، يَتنادوْن َ لترشيح بديل آخر على موديلهم ووفق مواصفاتهم ، وسيطلعون علينا بنماذج من اصحاب القُدود الميّاله مِن الذين تربّوا في دهاليزهم العفنة مثل مصطفى الكاظمي وأسعد العيداني وعلي الشُكري ( الذي شتم الشعب وبعض من المخلصين منه في مقالات لَهُ عند سعد البزاز وجريدته الزمان مؤخراً )
وسيُقسمون بانهم جُدُدٌ ونظيفون الى حد التعقيم و ” سُرْ مُهُرْ ” ،
وليس عليهم شائبة ٌ.

ولو كان الشاعر الكبير نِزار قبّانــي هنا بيننا لعدّل قليلاً في قصيدته ِ واسترسل قائلاً :

” حلبوصّيونَ ” والجماهير ُ تشقىٰ فلماذا لا تشبعِ الفقـــــراءُ
” خزعليّونَ ” والبلاد ُ شظايـــــــــا كل ُّ جُزء ٍ مِنْ لحمها أجزاءُ

لا جزاكُم اللهُ خيرا