23 نوفمبر، 2024 5:47 ص
Search
Close this search box.

حكاية ذي قارية للمدى

حكاية ذي قارية للمدى

يمر الشاب العراقي بفترة عصيبة, قد لا يعيشها غيره, فكل شاب في العراق يطمح بأن يحقق طموحاته ورغباته, بعد أن يحصل على فرصة عمل بعد تخرجه,لكن لا يعلم بأن في العراق أصبح الشاب العراقي؛ في زاوية النسيان, فلا ترعاهم هيئة, ولا تهتم بهم وزارة, فبعد أن ينهي رحلته الأكاديمية؛ يكون مضطرا للعمل بالقطاع الخاص, أو يلتحق بصفوف القوات الأمنية, أي كانت شهادته.

دعوني أقص لكم قصة, قد عاشها اغلب الشباب, وذاق عذابها اغلب العوائل العراقية, في أيام دراستنا في احد المعاهد العراقية في بغداد, كان لنا صديقا اسمه (صلاح), كان كتوما ولا أحد يعرف عنه وعن عائلته, وطبيعة معيشتهم, إلى إن فكت شفرته بصعوبة, فوجدناه ابنا وحيدا لعائلة غير ميسورة الحال, لا معيل لها إلا هو, فكان يجمع بين الدراسة والعمل, فاستمر بعمله بائعا في كراج العلاوي حتى بعد تخرجه.

تزوج صلاح, وازدادت مسؤولياته وما عاد عمله يسد كل متطلباته, فقرر الالتحاق بصفوف القوات الأمنية, فترك زوجته التي لها معه أسبوع واحد, ولم يعلم بأنه الالتحاق الأخير, ليأتي نبأ فقدانه من ضمن الذين فقدوا؛ في قاعدة سبايكر الجوية في صلاح الدين, بعد شهرين من فقدان صلاح؛ والده المريض والمسن قد توفى, لتصبح العائلة مكونة من؛ أم مفجوعة, وأخت مطلقة, وزوجة لا تعرف مصير زوجها هل هو حي, أم نحر على يد الأشرار.

أم صلاح ذاقت الأمرين, فساعة تأن لفقدان زوجها, الذي كان يهون عليها مصيبة ولدها, ويعدها بأنه سيعود يوما ما لتكحل ناظرها به, وساعة تصرخ مستنجدة بولدها عله يسمعها لتشكو له, نكبات الزمان وما جرى لها بغيابه, حتى كانت ضحية ذلك الأنين والثبور, فقدان عينيها اللتان ذهبتا؛ لتخبرا الزوج والابن بما جرى بعد رحيلهما.

يبدو أن الدنيا تريد لهذه العائلة؛ مزيدا من الألم والمصائب, فعم صلاح الذي أوعد أم صلاح؛ بأجراء عملية عينها بعد رجوعه من مقر عمله في البصرة, شاءت الأقدار أن يذهب هو الآخر, ضحية حادث مرري, ليأخذ معه ما تبقى من عين لتلك الأم المفجوعة.

مصيبة مرت بعائلة ذي قارية, قد لا تختلف عن المصائب التي ذاقتها عوائل عراقية أخرى, لنثبت للعالم بأن العراقيين ولدوا من رحم الأزمات, ليلد في العراق رجال غيارى, أبوا العيش تحت وطأة الظلم والاضطهاد, ولا بد من التحرير والعيش الكريم.

أحدث المقالات

أحدث المقالات