دائما اناديها الورد…في الحقيقة هذا ليس اسمها الحقيقي ولكني اناديها به ..تلك الفتاة التي عرفتها قبل عقد من السنوات ,حينها كانت تفيض حيوية ونشاط وتميزت بين اقرانها المعيين في الدائرة آنذاك..
هي البنت الكبرى لوالديها ولهذا فهي كانت تتحمل مسؤولية الاسرة المكونة من كثير من الابناء والبنات وبطبيعة الاسرة العراقية فأن الامر يتعلق بتفضيل الابناء على البنات وتقديم مصالحهم وان كان والدها دائما يعضد امنيات الورد ويسندها ويشد على ازرها وهي بدورها لم تبخل على الاب وبقية افراد الاسرة بالبذل والعطاء فكانت جهودها تنصب لبناء البيت او تزويج الاولاد الذين هم بالطبع اصغر منها وقد استقلوا بحياتهم خارج البيت العائلي وان كانت الاسرة تتحمل بعض احتياجاتهم وبقيت الورد تنتظر فرصة تحقيق الامنيات الشخصية والتي تخص اختيار شريك الحياة وبناء الاسرة التي تكون فيها هي الزوجة والأم وهذه سنة الحياة الطبيعية وهوامل تسعى الفتاة بل والاسرة الى تحقيقه وهي وضعت مواصفاتها وشروطها لاختيار الشريك الذي ينبغي ان يكون شابا طيبا وذا خلق حسن وان يكون على مستوى من الثقافة والعلم والرفاه المادي ومن اسرة تتحلى بسمعة طيبة والشرط الاهم ان يكون غير متزوج فكانت تقول المهم ان نبدأ الحياة معا ولم ولن ابني سعادتي على حطام الاخرين ولهذا بادرت الى رفض بعض من تقدم لطلب يدها من الزملاء والاقارب المتزوجين.
وتقدم لها في اعوامها الاولى واحد…اثنان…ثلاثة… و … البعض لم يكن مؤهلا للاختيار …البعض لم ينل موافقة الاهل…او لم تتوافق طبائعهما .
هكذا مرت السنوات سنة بعد اخرى وانتهى بها المطاف الى ان تجد نفسها وهي على اعتاب مرحلة جديدة من العمر انحسرت معها فرصة ايجاد شريك الحياة فعولت على المزيد من البذل والعطاء لبيت ابويها الذي
سوف لا تنال منه الا اقل نصيب بعد عمر طويل لوالديها الذين تدعو لهما بطول العمر والسلامة .
……
ذهبت على حين غرة الى مكتبها في الطابق العلوي من الدائرة استقبلتني بحفاوة الصداقة والحب كما هي دائما وكانت الى جوارها صديقتنا (الانسة) التي تكبر الورد بعدد من الاعوام وهي الاخرى لم تزل ابنة ابويها التي تعول الاسرة وترعى والديها رغم كونها اصغر البنات والبنين الذين تزوجوا جميعا وتركوا لها مسؤولية الاهتمام بالوالدين ما جعلها ترفع من ذهنها فكرة الزواج والاستقرار وبناء الاسرة وهي ايضا سوف لا تنال من البيت الذي بذلت في بناءه ما بذلت اذ انها سوف لا تنال الا اقل نصيب بعد عمر طويل للوالدين.
…….
اه …اخبروني كيف الحال …هتفت بكلماتي وانتظرت لحظات كيما استمع لهما فبادرت الورد الى علبة حلوى قدمتها لي وابتسمت قائلة تفضلي…
لم يكن غريبا ان تفعل ذلك لكني بادرتها السؤال وما المناسبة …؟
اجابتني الانسة: لقد خطبت الورد…!!!
آه …حقا شهقت وكدت اطير فرحا بهذه البشائر وتتابعت كلماتي حتى دون ان ارتبها في ذهني …يا الله …مبروك …مبروك ..الف الف الف مبروك …
التفت الى الانسة ووجهت لها كلامي ..ارجو ان القى البشارة منك في زيارتي القادمة وان يكون الخبر المفرح هو خطوبتك انت .
شكرتني على كلماتي وآمنت على امنياتي ثم بادرت الورد الى جهاز الموبايل ارتني من خلال شاشته صورة الخطيب السعيد وما قدم لها من هدايا ومصوغات وكنت اشعر بفرح غامر وفي اعماقي دعاء مخلص ان يديم السعادة وقبل ان ابادر الى الخروج قالت متسائلة ما رأيك بهذا
الاختيار. أجبتها ما يهمني هوان تكوني سعيدة وانا اعلم انك قد اخترت ما يناسبك ..
وقفت ازائي كأنها تستوقفي لتقول امرا مهما نظرت اليّ وقد تهدجت انفاسها قائلة مالم تعليمه انه متزوج وبهذا سأكون الزوجة الثانية!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!