22 ديسمبر، 2024 6:24 م

حكاية القلم الأحمر..!!

حكاية القلم الأحمر..!!

هناك مثل شائع مفاده (المكان بالمكين) وهذا يخص من يتبوء منصبًا أو يكون مسؤولاً في مكانٍ ما.
ودخولنا لهذه المثل يمثل سلسلة من القصص والعبر التي مرت علينا وبحكايات عديدة.
فلا قيمة للمكان من دون إعماره ووضع بصمات تحسب للمرء بعد حين، وهذا يتبع للرجالات التي صنعت لها اسمًا عبر التأريخ والأزمنة، فبدايتها برسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) بوضع أسس وقواعد الإسلام التي فضلت عن سائر الاديان بأنها تمثل حكم الله العادل في الأرض، وبعده هناك من صنع لنفسه المجد بعمل إنجازات وأمور علمية وثقافية ودينية وغيرها أفاد منها سائر البشر في الماضي والحاضر، والعكس هنا قد يكون متلاشيًا لمن يكون في مكان لافائدة فيه سوى أنّ المنصب تلبسه هو ورفع قدره فقط، من دون أنْ يضيف شيئًا لهذا المكان الذي هو فيه، أو قد تحول لأداة فائدة فقط، تستعمل فيها السياسة الخداعة التي تظهر للمجتمع بأنه عنصر ذو فائدة ولكن الحقيقة والمراد منها أنْ يبقى في مكانه أو منصبه لمدة طويلة تمكنه من خداع الناس وفائدة من يساعده في المكر والدهاء.
وبعد عام ٢٠٠٣ بالعراق أصبح للتغيير عنوان كبير في المجتمع فتم تغيير كل شيء، تغيرت العادات والقيم، واختلفت معادن الإنسان، وارتفعت مستويات البعض من أفراد المجمتع وعكسه من انحدر وسقط.. ويعد هذا التغيير الذي نتحدث فيه طيلة العشرين عامًا المنصرم في كل وقت وحين، وهذا لم يأتِ من فراغ ولكن مما نراه ونشاهده في عالمنا اليوم، فالتغيير ليس فقط في بلدنا أو من يحطينا من الدول ولكن الحقيقة التغيير شامل .
مرت علينا عناصر ووجوه كثيرة استعملت أنواع الحيل جميعًا والتلون والخداع والمكر، ونتائجها كانت الفساد والدمار الشامل الذي حلّ بكلّ بقعة في بلادنا.
وهنا تأتي الانعطافة التي دائمًا ما تمرّ علينا ونهضمها بسهولة وهي تغير الحكومات، فكل واحدة منها حكاية ورواية.. يأتون علينا بواعضٍ كبيرٍ وبرامج عديدة تجعلنا نتأثر سريعًا، والسبب هو روح التفاؤل التي تملأ جسدنا أحيانًا .
فبما أنّ الحكومة يكون فيها التغيير الشامل سوى بعض الهيئات والمؤسسات التي يغطي موقعها (الحجاب) والستر غير المرئي والتي لاتتغير إلا عند الحاجة وطلب البعض أو طمع البعض بالجاه والمنصب..
ومشكلة البلد الأزلية هي ليست بالحكومة أو من يقودها فهم بالآخر ينفذون ما تأمره الأحزاب والكتل السياسية التي تقود وتحكم البلد بالواقع ، وهذا سببه النظام الديمقراطي المستورد لنا من الخارج، الذي نصّ على أنّ النظام الحاكم يكون للكتلة أو الائتلاف الأكبر .
فكيف بنا نريد أنْ يستقر حالنا بوجود هكذا قانون أو نظام!! وكيف نريد أنْ نصبح كما في أغلب البلدان ورئيس الجمهورية لدينا محدود الصلاحية؟!! وكيف بنا نريد أنْ نكون بلدًا أنموذجيًا والتقاسمات والصفقات تعقد داخل (برلمان الشعب)..!!!
هنا نحن لانريد أنْ نطعن في الناس التي تريد أنْ تقدم العمل الصالح، ولكن بوجود الواقع يكاد أنْ يكون عملها (شبه إيجابي) وهذا أيضًا له فائدة ، فبالتالي الشعب يريد أنْ يعيش بسلامٍ وباكتفاءٍ وسطي يُمكنه من سدّ احتياجاته المادية والمعنوية.
شاهدنا في الأمس حكومة السيد الكاظمي التي عدّها الغالبية بأنها الأسوأ فسادًا أو الأكثر إثارة، فكانت تستعمل لغة الإعلام ومواقع التواصل في التأثير على المجتمع والمتابعين، ولو دققنا أكثر لنجد أنّ بعض أعمالها(الفيسبوكية) كانت لها نتائج جيدة في الصعيد المحلي والدولي .. أما الآن في الحكومة الحالية فهي أيضًا تستعمل الإعلام وبكثرة، ولكن قد يتفق البعض بأنها حكومة جادة في العمل والرجل الذي يقود رغم الواقع السياسي الذي مررنا به آنفًا، يحسب لعمله النتاج الجيد والمثمر، وجاءت هذه الحكومة بأسلوبٍ جديدٍ ممنهجٍ وهو التهديد والوعيد لمن لا يعمل سيكون (آوت) بموافقة من جاء بهم، والحديث خاص للوزراء وغيرهم.. وهذا الشيء جعل الوزير والمسؤول يتجول في الميدان حاملاً معه (القلم الأحمر) وأكيد من يحمله هو (المرافق الشخصي) وليس هو بالطبع، وأيضًا الكاميرا الجوالة والفريق الإعلامي يكون حاضرًا بالتأكيد ليرصد لنا حالات الوزير أو المسؤول وينشرها في مواقع التواصل العديدة ليتأثر بها من يتمتع بالرهف والإحساس وليقشعر منها الجلد والأبدان.. وهنا نريد أنْ نعي أنْ لا وجود للتغيير وبالأخص لمن يملك (قلمًا أحمر) وصفحة تسمى ب(واحد صناعة) (واحد تعليم) أو (واحد صفر) وغيرها من الصفحات التي تحمل رقم (واحد) ولعل ما تأثرت به شخصيًا هو تجوال واحد منهم في بعض الأماكن ويوقع لهم يمينًا ويسارًا (وبالعباس كلكم أمشيكم).. ولنا حكاية جديدة قريبًا إنْ شاء الله.