وتمر الاعوام مسرعة , احدها يدفع الاخر , لاتعرف كيف ترحل , ولا تدري ماذا تركت وراءها , همها لايتجاوز حساب الايام استعدادا للمغادرة , وماعلينا سوى الوقوف على قارعة الزمن لنودع هذا العام ونستقبل العام الجديد وسط تيه الريبة والشك.غادرنا عام 2015 يتلفع بفشل تحقيق جزء من احلامنا المؤجلة منذ عام سبقه , دون ان يضمد بعضا من جراحنا الكبيرة والكثيرة , او لملمت ايامه قليلا من اشلائنا المتناثرة , فتسلل تحت جنح الظلمة الى مكان اللاعودة والهروب الابدي تاركا خلفه الماسي والمعاناة .واذا كانت امنياتنا مؤجلة في العام 2014فانها باتت منحورة مذبوحة في العام 2015 , عندها ايقنت ان اليوم افضل من الغد وليس العكس كما يقولون , واتساءل لماذا يبتهج العراقيون بمقدم العام الجديد اذا كان اكثرشراسة ؟ ايام العام الجديد ستدير امور الحياة بنظرية اكثر عدوانية وفسادا , بل ان تركيزها سيكون على ايديولوجية غريبة متوحشة في الموت والنهب ليتضاعف نزف السنين من رحلة اعمارنا .لاتتفاجأوا ان يحمل العام الجديد لافتة كبيرة عريضة كتب عليها ( المشروع الوطني )و( العراق اولا ) و ( الانسان هدفنا ), فهو لايختلف عن مانادت به الاعوام السابقة من شعارات لاتتعدى استخداماتها الاستهلاك المحلي وذر الرماد في العيون دون ان تغلق واحدا من ملفات ( الحلب الوطني ) و (تفتيت العراق ) و ( الموت المنظم ).لم يكن ماتقدم طروحات تشاؤمية, بقدر ماهي حقيقة معاشة اشرت ملامحها وثبتتها على الارض وقائع يومية ملموسة , مادفعني للوقوف الى جانب العام 2016 المسكين الذي لايعرف بماذا يبدأ وماذا يعالج من خراب السنوات السابقة .لاتزال الحيرة تعتري جسد العام الجديد , فهو لايدري الى اين يتجه بعد ان ضاعت بوصلته في لجة الحرمان , فهو سيولد بعينين واسعتين لكنه لايرى , اذناه كبيرتان لكنه لايسمع , لسانه طويل لكنه لاينطق , انه ميت عندي قبل ولادته.سنوات العمر ليست اكثر من اوراق تقويم نسقطها يوميا من حسابات الايام لاننا لم نتحسس منها رغيف خبز يوقف وخزات الاحشاء , او زخة مطر تبلل جدب اجسادنا , او امان يضئدروب اطفالنا الى مدارسهم, او عمل يكبح جماح افكار شبابنا.نعرف ان عمر الحكومات لايقاس بعدد السنين , انما بما قدمته من انجازات , فالحكومات زائلة والانجازات باقية تتناقلها الاجيال واحدا بعد الاخر , وهاهو العام الثالث عشر يطل علينا برماحه وقد اوصلته الينا حكومات عديدة ماخطت في مخيلة اجيالنا انجازا واحدا تذكره .غدا تقرع الاجراس كما في كل عام , وتشق اصوات النواقيس عتمة الليل بانتظار بزوغ فجر العام الجديد عسى ان نجد تحت وسائدنا مايزرع في نفوسنا الامل والطمأنينة , ليكون عاما للنسيان وليس للتذكير بالماضي .