23 ديسمبر، 2024 1:09 ص

حكايات البسكويت التالف..تسريب الأسئلة..ومدارس الهياكل الحديدية في العراق!

حكايات البسكويت التالف..تسريب الأسئلة..ومدارس الهياكل الحديدية في العراق!

في مقدمته يقول إبن خلدون: “إذا فَسد المُعلّم والقاضي في أُمةٍ، فإعلم أنها أُمة زائلة”.

طلبتنا الأعزاء..قررنا تأجيل الإمتحانات لأسباب فنيّة طارئة، بِرّد فعل كان خجولاً وبائساً ومُحبطاً كحال ردود الأفعال ونتائج لُجان التحقيق التي بالتأكيد سيتم تشكيلها دون أن ترى نتائجها النور أو معرفة الفاعل الحقيقي لجريمة تسريب أسئلة البكالوريا لطلبة المرحلة المتوسطة في العراق.

من..وكيف..ولماذا..وأين سُرّبت الأسئلة الإمتحانية؟ بالتأكيد لن نجد إجابات مقنعة أو حلول لأننا نعلم والجميع كذلك أن الواقع التعليمي في العراق سقط في هاوية الضحالة وبراثن الفساد حين أصبحت العملية التعليمية مُقترنة بالوضع السياسي الشاذ في العراق وهرج ومرج وفوضى الإفلات من العقاب.

أُحدّثكم في العراق عن إحدى وزاراته التي تُدعى التربية من حيث لافعل يوحي بأنها تسعى للتربية في بلد يستهدف أجياله ومستقبله من هو في الداخل والخارج، ثم بعد ذلك نسأل..من الجاني من تهديم الوطن ومستقبل الأجيال؟.

تُرى من منكم تُسعفه الذاكرة وذكريات تلك الجريمة التي تندرج ضمن محاولات الإبادة الجماعية التي كشفتها تقارير صحفية أُردنية عن وجود شُحنة بسكويت فاسدة منتهية الصلاحية كانت إحدى المنظمات الدولية تود إرسالها للعراق ضمن برنامج الأمم المتحدة في أيلول 2013، حيث تم التلاعب بصلاحيتها وتمديدها إلى عامين إضافيين لغاية 2015 لغرض تصديرها وتوزيعها إلى تلاميذ المدارس رغم كونه غير صالح للإستهلاك البشري، حيث كاد أن يتسبب بتسمم أكثر من نصف مليون طالب وطالبة في جريمة لاتقل عن جرائم الإبادة الجماعية بوجود متورطين في أروقة وزارة التربية العراقية لعلمهم بهذا التمديد والموافقة عليه أو حتى السكوت عنه، فهل هناك جريمة توازي هذا الإنحطاط في الفساد لقتل الأطفال؟.

هاهم العراقيون يستيقظون صباحاً ليجدوا أن أمتحانات البكالوريا لأبنائهم قد تأجلت بسبب تسرب الأسئلة، فيتعجب البعض من هذا الإنفلات والفوضى ويطالب آخر بالقصاص من المُتسبب، فيما يغضب الآخرين لهذا الفعل، وينسى هؤلاء جميعاً أن أبنائهم لازالوا يفترشون الأرض لتلقّي دروسهم في مدارس طينية آيلة للسقوط ببلد يُعتبر من أغنى بلدان العالم ويطفو على بحار من النفط والثروات، فهل هناك مشهد كوميدي مأساوي أسود كالذي يعيشه طلاب العراق وهم الذين كانت تتغنى وزارات التربية المتعاقبة بتحقيق أمانيهم وبناء مدارس تليق بهم، أصبحت فيما بعد هياكل حديدية شبيهة بالآثار والأطلال وفساد وخسائر كلفت الدولة أكثر من (250) مليار دينار عراقي (مايقارب 218 مليون دولار) لتشييد أكثر من (200) مدرسة عام 2008 ذهبت أدراج الرياح في صفقة فساد تُعتبر من أكبر صفقات الفساد في تاريخ العراق لبناء مدارس الهياكل الحديدية.

ماحدث من فعل- رد فعل لحادثة تسريب الأسئلة في العراق ستتشكل لجان وتتبعها لجان أخرى لحوادث أُخريات دون أن تُعلن النتائج أو ترى النور أو تتضح للرأي العام وستُنسى هذه الأحداث لينشغل الناس بأحداث مشابهة أومتغيرة لايهم مادامت العقول تستوعب كل حدث جديد، وسينتهي ويمر وكأن شيئاً لم يحدث كحال الأخريات من الحوادث والعواصف التي تعصف بهذا البلد فتجعله كالعصف المأكول…ويبقى السؤال..متى تنهض من كبوتك وتنتفض لمستقبل أبنائك وتنفض عنك هذا الغبار والسواد أيُها العراق؟.