من منا لم ينطق أو حتى يسمع بالحكمة القائلة: (الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك) ؟!!
الوقت والتقدم قرينان لا يفترقان لدى الشعوب الواعية والذكية والحريصة على حاضرها ومستقبلها ، وإذا أردت أن تحكم على أمة ما بالفشل والتخلف فما عليك إلا أن تسلط عليها حاكما يجهل أهمية الوقت فيستهين به ويترك لمؤسساتها أن تنصب له مشانق في عقول موظفيها ، وهذا ما نراه واضحا في جميع دوائر ووزارات الحكومة العراقية.
والنظرية التي نعتقد بانها أساسا ومعيارا لنجاح الحاكم ،هو مدى اهتمامه بالزمن ، فالحاكم الذي لا يلزم وزاراته بعدم ضياع الوقت وفق أحدث الآليات والقوانين والأوامر ، أو لا يلزم موظفيه بأهمية استغلال كل دقيقة تمر وعدم التفريط بها ، من خلال توصيات صارمة وتوصيات محددة هو حاكم فاشل لا يصلح أن يقود البلد ، لأنه سوف يكون عالة على المجتمع والوطن ، ومن الواجب والملزم ان يتم تغييره ، الا في حالة واحدة ،عندما يكون المجتمع ذاته يعاني من خلل ما بحاجة الى اصلاح ، وعندها تكون الكارثة ليست في وجود الحاكم وحسب ، وإنما في وجود أمة تجهل مصالحها أيضاً فأفرز فشلها فشلاًآخر.
ومصداق كلامنا هو ما نشهده في بلدنا من إضاعة وهدر للوقت ، لنكتشف أن الزمن فيه لا قيمة له ، ولعل الأخطر في هذا الأمر ، أنه ليس هناك من يلتفت إلى هذه الحقيقة ، ففي إنجاز المشاريع أو مصالح الناس وفي المعاملات المختلفة ،تجد ان مرور عام اومرور ساعة لا يختلف في الامر شيء ، والفرق بينهما معدوم تماما ، ولذا فإن تأخير إنجاز أي مشروع سواء كان استراتيجيا أو غيره لا يشكل مشكلة لدى أي مسؤول في الدولة ، ولن يكون مدعاة لحزن أو غضب وزير أو رئيس وزراء ،
لقد اعتاد الموظف أن يركن ( معاملة ) المواطن جانبا دون أن يشعر بوخز الضمير ، ففي أعراف الدوائر لا يوجد قانون يلزم الموظف بإنجاز معاملات المراجعين وفق مدة محددة ، كما هو معمول به في دول العالم . كما أن الموظف يشعر بأمان كامل من أي عقوبة بل من أي عتب من رئيسه ولا من غيره ،ولذا فأن اغلب الموظفين يتقاضون ( رشاوى ) ويتعمدون تأخير أنجاز المعاملات لإجبار المواطنين على دفع مبالغ لإنجازها وقد أصبحت تلك الخصلة عادة متأصلة في داخلهم ، فبقوا يمارسونها بحرية تامة ، يشجعهم على ذلك غياب الرقيب ، وعدم وجود قوانين رادعة ، إضافة الى كونهم اقتدوا بغيرهم من أصحاب المناصب والنفوذ ، مع جل احترامنا للرجال الذين مازالوا يتمسكون بعاداتهم الفاضلة التي اكتسبوها من سلفهم الطيب دون ان يأخذهم في الحق لومة لائم، رغم علمنا ان البعض منهم قد اذتهم الحاجة وهم بصمتهم خجلين .
السلام على أصحاب العفة والمروءة والشهامة ممن جعلوا من انفسهم قدوة حسنة ،لأجيال فـُجعت بضياع كل شيء!.