لو أجرينا مقارنة دقيقة بين الاوضاع المختلفة المتعلقة بالنظام الايراني خلال الاعوام الماضية، وبين نفس الاوضاع في هذا العام أي 2018، لوجدنا هوة شاسعة بينهما إذ أن المشاکل و الازمات الحالية التي يعيشها النظام حاليا باتت کلها عقيمة و ليس بإمکان النظام إيجاد ثمة علاج او حل ما لها.
النظام الايراني الذي قام بإستغلال العامل الديني من أجل تحقيق أهداف و غايات سياسية محددة، إنتهج سياسات مختلفة إتسمت کلها بالتطرف و التشدد و إعتمدت على مبدأ تصدير الارهاب و الارتکاز على القوة و العنف لدفع الاخرين للقبول او الاقتناع بطروحاته، کانت لهذه السياسات الطائشة و المجنونة آثارا بالغة السلبية على الاوضاع في داخل إيران على الاصعدة الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية و الثقافية و تجسدت في إزدياد أحوال الفقراء سوءا و إزدياد نسبتهم يوما بعد آخر حتى لم تعد هنالك من طبقة وسطى في إيران إذ بات اليوم و بفعل السياسات الحمقاء لهذا النظام يعيش أکثرية الشعب الايراني تحت خط الفقر، و تزداد نسبة البطالة بشکل مخيف حتى أنها تکاد أن تتجاوز 35% فيما تهبط قيمة الريال الايراني الى الحضيض و تسجل أدنى قيمة لها، ومع إزدياد حدة المواجهة السياسية الاقتصادية بين النظام و المجتمع الدولي و فرض عقوبات أمريکية مؤثرة على النظام أفقدته الکثير من قدرة المناورة و التحرك، وفي ظل هکذا أوضاع يقوم هذا النظام بتوسيع تدخلاته في المنطقة و جعل الامور تسير فيها کما يتفق مع مصالحه و أوضاعه، وکأنه يريد أن يرقع أوضاعه الوخيمة و البالية بهکذا مسعى من أجل خداع الشعب و إلهائه، لکن المقاومة الايرانية التي وقفت و تقف دائما بالمرصاد ضد هذا النظام و سياساته المجنونة و غير المسؤولة، تعود اليوم من جديد لترسم طريق الامل و التفاؤل بغد و مستقبل أفضل لإيران من خلال النشاطات و الفعاليات السياسية المختلفة التي تقوم بها دونما توقف، خصوصا وإنها تٶکد على وخامة الاوضاع الداخلية و عدم وجود أية قدرة لدى النظام من أجل معالجة تلك الاوضاع.
المجتمع الدولي الذي ظل موقفه طوال العقود الاربعة الماضية من عمر هذا النظام سلبيا يميل لصالح النظام في خطه العام، تيقن من أن النظام قد نجح في إستغلال الموقف الدولي لصالحه و قام بتوظيفه عى أفضل وجه، ولذلك فإن المجتمع الدولي يقف اليوم أمام مفترق حاسم و حساس يجب عليه أن يأخذ بزمام المبادرة قبل أن تفوت الفرصة خصوصا وان الظروف و الاوضاع کما نرى في سياق الامور و مٶشراتها تسير بإتجاه المزيد من التعقيد و الذي يقوم به هذا النظام من أجل المحافظة على بقائه و ضمان عدم تعرضه لخطر السقوط، وهو الامر الذي يجب على المجتمع الدولي أن ينتبه له جيدا.
من يتابع الاوضاع في إيران بدقة ولاسيما بعد الانتفاضة الاخيرة وفرض العقوبات الامريکية، يتوصل الى حقيقة أن النظام الايراني يمر بظروف بالغة الصعوبة ليس بإمکانه تخطيها او تجاوزها، وهو يسعى من خلال توسيع دائرة الفوضى و إستغلال العامل الديني ببعده الطائفي لخلط الاوراق فإنه بذلك يثبت مدى خطورته على الامن الاجتماعي بشکل خاص و القومي للمنطقة، وإن حتمية تفعيل موقف المجتمع الدولي بإتجاه الشعب الايراني و المقاومة الايرانية و الاعتراف بکفاحهما من أجل التغيير و الوقوف الى جانبهما، خصوصا وإن للمقاومة الايرانية إستحقاقات على المجتمع الدولي ذلك أنها و في أيام کان العالم يراهن على إعادة تأهيل هذا النظام و إنخراطه في المجتمع الدولي، کانت المقاومة الايرانية المبادرة لإماطة اللثام عن معدنه الردئ و عن الشر الذي يضمره ضد الانسانية، ولم يکن کشف الخطط السرية للمشروع النووي للنظام من جانب المقاومة إلا خدمة کبيرة للأمن و الاستقرار و السلام الدولي في وقت کان المجتمع الدولي منخدعا الى حد ما بهذا النظام المنافق، کما أن جرائم هذا النظام التي إرتکبها بحق الشعب الايراني ولاسيما إنتهاکاته الفظيعة في مجال حقوق الانسان و المرأة و التي تجاوزت کل الحدود الواقعية و المعقولة والتي ترتقي الى مصاف جرائم بحق الانسانية، والتي وثقتها المقاومة الايرانية و قدمتها للجهات المعنية، تعتبر هي الاخرى خدمة کبيرة للمجتمع الدولي ناهيك عن أن المقاومة الايرانية هي التي بادرت و تبادر لفضح الکثير من مخططات هذا النظام في مجال تصنيع و تصدير الارهاب لدول المنطقة و إثبات ذلك وفق لغة الارقام و المستندات، ومن هذه المنطلقات، فإن المجتمع الدولي عندما يبادر للإعتراف بالمقاومة الايرانية فإنه يعترف بحق مشروع و قانوني لها و ليس يمن عليها فهي قد أثبتت و بالادلة الملموسة انها تکافح و تناضل من أجل إيران حرة ديمقراطية خالية من الاسلحة النووية و تؤمن و تعترف بسياسة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين.