23 ديسمبر، 2024 9:37 ص

حقيقة وواقع اقتصاد كوردستان مِن أيام هابيل وقابيل إلى عهد قوباد ونَچير؟

حقيقة وواقع اقتصاد كوردستان مِن أيام هابيل وقابيل إلى عهد قوباد ونَچير؟

كوردستان؛ الأرض التي حباها الخالق بنعمة الطبيعة الغنية والخلابة، فلذا أوجد فيها كل المفرداتالتي يحتاجها الإنسان لإدامة حياته اليومية وفي مقدمتها المياه الوفيرة التي هي عماد الحياة على كوكبنا الأرضي. للعلم، أن غالبية مياه الكيانات...التي تحيط بكوردستان، كإيران، والعراق، وسوريا الخ تأتي من مرتفعات جبال كوردستان الشاهقة، كدجلة، والفرات، وگڵال، وآراس، وكارون، الخ،وهكذا روافد هذه الأنهر الكبيرة هي الأخرى تأتي من أعماق كوردستان وتتصل بها في مسيرتها نحو الأراضي المنخفضة، كسيروان، والزاب الكبير (زابی گەورە)، والزاب الصغير (زابی بچوک)،وخابور، وچقچق، وألوند (ئەڵوەند)، وتانجرو الخ الخ الخ. إن هذه الخاصية التي تمتاز بهاكوردستان دون غيرها هي التي جعلتها مهداً للبشرية؟. عزيزي المتابع، بما أن الماء رمزاً لاستمرارية حياة الإنسان والحيوان والأشجار والنبات فعليه تجد على أرض كوردستان انتشارالغابات الكثيفة، والحيوانات الأليفة والمتوحشة، ومثلها الطيور، والنباتات المتنوعة كالأزهار والأعشاب والحشائش التي لا تعد ولا تحصى. أضف لكل هذه التي ذكرناها، أن حبات القمح،التي تعد المادة الغذائية الرئيسة للبشر أبذرتها أول مرة على أرض كوردستان المباركة يد الإنسان الكوردي، ومن ثم انتشرت بمرور الزمن إلى جهات العالم الأربع. عزيزي القارئ الكريم، جاءت في المصادر الإسلامية كـ(ابن كثير) وغيره، أن جبريل (جبرائيل) جاء بسبع حبات من القمح لآدم قال له آدم: ما هذه؟ قال له جبريل: هذه التي نُهيت عنها. فسأله آدم: ماذا أصنع بها؟ فقال له جبريل: أبذره في الأرض. فبذره آدم ثم حصده وطحنه وخبزه فأكل منه. انتهى الكلام المنقول من المصدر. عزيزي القارئ،اقرأ النص جيداً، ستجد أن الله نهى آدم عن أكلها، إلا أنه خالف أمر ربه وأكل منها التي أصبحت سبباً لطرده هو وخليله حواء من الجنة، إلى آخر القصة حسبما جاءت في المصادر الإسلامية وغيرها. لكن، موضوعي ليس عن آدم ولا عن دين محدد، موضوعي هو اسم المادة الغذائية التي جاء بها الملاك جبريل ومن ثم زرعها آدم وأكل منها مع أن جبريل نقلاً عن ربه نهاه عن تناولها. دعنا الآن نرى ماذا تقول لنا الميثولوجيا الكوردية عن هذه القصة: إن حبات القمح التي طحنها وعجنها آدم لكي يأكل منها، لكن قبل أن يأكل منها نطقت حبات القمح بأمر ربها وقالت له: گەنم، گەنم، گەنم. أي: أنا رديء، غير جيد، سيء، أي: لا تأكلني الخ. ومنذ ذلك اليوم أخذ القمح اسمه في اللغة الكوردية “گەنم” من تلك اللعبة الشيطانية التي أخرجت أبو البشر من الجنة،لذلك تجد إلى اليوم اسم القمح باللغة الكوردية “گەنم” وهذا يقول لنا أن آدم ظهر أول مرة على الأراضي المرتفعة وفي قمم الجبال الشاهقة في كوردستان، ولا ننسى أن هذه الأرض المباركة كما وصفها القرآن اختيرت مرة أخرى مهداً للبشرية وذلك بعد الطوفان كما جاءت في كتب الديانات اليهودية والصابئة والإسلام، اليهودية تقول: استقرت سفينة نوح على جبل آرارات في شمال كوردستان، وآرارات باللغة الكوردية يعني جبل النار، لأن آرارات كانت عليها عشرات البراكين بقيت نشطة إلى زمن قريب. وفي كتاب الصابئة يقول استقرت السفينة على جبل قُردو أي: كُردو. وهو اسم الكورد بصيغة ذلك العصر. والقرآن يقول: واستوت على جودي. أي: سفينة النبي نوح استقرت على قمة جبل جودي في كوردستان ؟.في الحقيقة الكتب الثلاث يقولون ذات الشيء، لأنهميتحدثون عن مكان محدد يقع في كوردستان. عزيزي القارئ، كما أسلفت، أن بيت القصيد في موضوعي ليس آدام ولا غيره، فقط أريد أن أبين للقارئ اللبيب، أن أولى مفردات الحضارة بدأت من أرض الكورد كزراعة حبات القمح، وتدجين الحيوان، ونسج القماش، واستخراج النحاس، وصناعةالفخار الخ. عزيزي المتابع، أعذرني عن الإطالة، لكني مرغم أن أضع أمامك أهم المصادر التي تدعم ما أقوله في مقالي هذا. هناك مصدر عربي معتبر يدعم ما أقول بأن الكورد هم أول من زرعوا حبات القمح وغيرها في وطنهم كوردستان، هذا المصدر هو للعلامة أبو بكر أحمد بن علي بن قيس بن المختار بن عبد الكريم بن حرثيا بن بدنيا ابن بوراطيا الكزداني المعروف بابن وحشية النبطي، أنه عالم لغوي عاش في القرن الثالث الهجري. يقول ابن وحشية: “وقد رأيت في بغداد في ناووس من هذا الخط يقصد الخط الكوردي،أي: الكتاب الكوردي–  نحو ثلاثين كتاباً وكان عندي منها بالشام كتابين: كتاب في أفلاح الكرم والنخل، وكتاب في علل المياه وكيفية استخراجها من الأراضي المجهولة، فترجمتهما من لسان الأكراد إلى اللسان العربي لينتفع به أبناء البشر” ثم يقول ابن وحشية في كتابه المذكور صفحة (203 204): “إنما كانت براعة الأكراد الأول في صناعة الفلاحة وخواص النبات ويدعون أنهم من أولاد بينوشاد، وقد وصل إليهم سفر الفلاحة لآدم (ع)”. أكرر، إن العلامة (ابن وحشية) ألف كتابه المذكور سنة (241) للهجرة (856) ميلادية، حيث أنه أرخ هذا التاريخ في نهاية كتابه المشار إليه. لقد تحدث ابن وحشية عن استخراج الأكراد للمياه وهذه الطريقة قديمة جداً كانت موجودة عند الكورد إلى وقت قريب، وتسمى عند الكوردبـكاريز” لأنهم عند حفر الآبار المتلاصقة ببعضها أو المجاري المائية حتى الوصول إلى الهدف كانوا ينثرون الـ”كاريز= التبن الناعم” وعند وصول التبن إلى النهاية يعرفون أن الآبار  متصلة ببعضها والمياه جارية فيها. لا ننسى، أن مفسري القرآن أيضاً ذكروا قدم اللغة الكوردية وهذا يعني قدم الشعب الذي تكلم بها، جاء هذا في سورة  الروم آية (22):” ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف  ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين” يقول العلامة (ابن كثير) في تفسيره ” لاختلاف الألسن”: يعني اللغات، ويقول أيضاً: فهؤلاء عرب وهؤلاء تتر وهؤلاء كرج وهؤلاء روم وهؤلاء إفرنج وهؤلاء بربر وهؤلاء حبشة وهؤلاء هنود وهؤلاء أرمن وهؤلاء أكراد،إلى غير ذلك مما لا يعلمه إلا الله تعالى من اختلاف لغات بني آدم واختلاف ألوانهم. كي لا ننسى،إن طبوغرافيا سطح الأرض (تضاريس) والمناخ في كوردستان هو الآخر لعب دوراً مهماً في كيفية تفكير الإنسان الكوردي لابتكار أدوات وأساليب يحتاجها لإدامة نمط حياته ضمن طبوغرافيا ومناخ وطنه كوردستان ذات الجبال الشاهقة وطقس قارس، شديد البرودة، ورياح عاتية، ومجموعة عوامل جويةوأرضية أخرى، بلا أدنى شك، إذا لم يبتكر الإنسان الكوردي ملابس جيدة من الصوف أو جلود الحيوانات كي تقي جسده من البرد، ومن الحيوانات المفترسة كالـ”فەرەنجی= معطف من اللباد،ولا يخزن المواد الغذائية لتأمين غذائه للشهور التي لا يخرج فيها من مخدعه، بلا شك لم يستطع الاستمرار في مسيرة حياته ومات من الجوع والعطش ولم يخلف بعده نسلاً، لكنه انتصر في صراعه مع الطبيعة فلذا لا زال نسله مستمر في الحياة إلى يومنا هذا باسم الكورد؟. عزيزي القارئ الكريم، بما أن الكورد بذروا البذرة الأولى في الأرض، ودجنوا الحيوان الأول، وشقوا الأنهر،وهجروا الكهوف، وبنوا الدور والقرى الأولى كقرية “چەرمو= Charmw التي بنيت قبل آلاف السنين من قبل المزارعين الكورد قرب جمجمال (چەمچەماڵ) الخ. فعليه، أنهم قبل  الآخرين تركوا مرحلة العيش على صيد الحيوانات البرية، وانتقلوا إلى مرحلة أخرى، إلا وهي مرحلة استصلاح الأراضي وزراعتها بهدف تغيير نمط حياتهم وانتقالهم إلى طور الحضارة التي بدأ معها الإنسان أن لا يعمل دون أن يفكر ملياً بنتائج عمله، وهكذا بدأت عجلة التطور تسيير بوتيرة أسرع وأسرع نحو الأمام وانتقلت هذه الابتكارات عبر الأجيال من الأجداد إلى الأبناء ترتيبياً إلى قبل قرن أو قرنين من الآن حيث شاهد العالم كيف أن المنتوجات الكوردستانية تغزو بلدان ومدن عديدةبالأصواف والأنسجة والسجاد الكوردي والتبغ والحنطة والشعير والرز والألبان والأجبانوالكرزات بكل أنواعها والفواكه والخضروات والعلك الكوردي والعسل الكوردي الذي عرف عند العرب قبل الإسلام بالعسل الماذي نسبة إلى الميديين الكورد، وصدر الكورد إلى آشور قبل الميلاد الخيول الكوردية الأصيلة، وصدروا السيوف والرماح والخنجر الكوردي المشهور، حتى دخل في آداب وفنون الشعوب المحيطة بالكورد، أتذكر الأغنية الوطنية أيام قاسم: عبد الكريم يقول آني مو وحدي … سيف العرب وياي والخنجر الكوردي. وكان الخنجر الكوردي بجانب السيف العربي شعار جمهورية العراق في عهد قاسم، إبان الجمهورية الأولى. وهكذا أنتجت اليد الكوردي الأدوات أخرى التي يحتاجها الإنسان في حياته اليومية. ثم، لا تنسى كاوه الحداد (کاوەی ئاسنگەر) الذي كان صاحب مصنع حدادة في ذلك التاريخ الغابر لصنع أدوات مختلفة الخ. عزيزي المتابع، مِن هذه الدول والمدن التي صدرت إليها المنتوجات الكوردية كانت: يابان، مصر، شام، إسطنبول، بغداد حلب، أنقرة، طهران، الإمارات الخليجية، والكثير مِن البلدان الغربية، وكانت كفة الميزان التجاري تميل لصالح كوردستان، لأنها كما قال المفكر (حسن العلوي): الكورد كانوا يبيعون أصناف متعددة من منتوجاتهم الزراعية والحيوانية وغيرها لهذه الدول ولا يشتروا منها شيئا، فلذا كان الميزان التجاري يميل لصالح الكورد. لقد استمرت الحال على هذا المنوال لقرون طوال. لكنها بدأت رويداً رويدا تقلل صادرات الكورد إلى خارج كوردستان وذلك بعد إلحاق جنوب كوردستان عام 1925بالكيان العراقي المستحدث من قبل بريطانيا عام 1920، الذي بلا شك أثر سلباً على كل نواحي الحياة الكوردستانية التي بسببها تراجعت صادرات كوردستان، إلا أن كوردستان ظلت تتمتع بالاكتفاء الذاتي في منتوجات كثيرة حتى عام 1991 وتحرير كوردستان من براثن النظام العراقي العنصري. وبدأ الحكم الوطني الكوردي لجنوب كوردستان، لكن للأسف الشديد عنده بدأت الزراعة والتربية الحيوانية في كوردستان بالانحدار نحو الهاوية حتى صار إقليم  كوردستان يستورد الطماطم والبطاطس والبيض الخ من الكيانين التركي والإيراني…!!.أضف لهذا الداء، ونتيجة لعدم الضبط والربط الحزبي والحكومي، والتسيب والإهمال المتفشي والمحسوبية والمنسوبية في صفوف الحزبين الحاكمين أصبح الكثير من قيادة الحزبين المذكورين أشبه برجالات “مافيا” يسرقون أموال الشعب الكوردي في وضح النهار ويهربوها إلى خارج الإقليم ووضعها في البنوك، أو من خلال عملائهم يقوموا بهذا المال السُحت بتنفيذ مشاريع تجارية وصناعية في البلدان الأجنبية. عزيزي المتابع، لو بحق وحقيقة أنهما حزبان وطنيان وكوردستانيان كما يقول اسميهما، كان من الأولى بهما وبالحكومات الـموبوكراسية” التي من صنيعتهما أن تستغل وفرة المياه والأرض الخصبة في كوردستان، وتحاول بكل الطرق والوسائل العلمية الحديثة بتحقيق نهوض شامل في الاقتصاد الزراعي، والتربية الحيوانية، وذلك من أجل تأمين احتياجات مواطني الإقليم من المواد الغذائية وغيرها وتصدير الفائض منها، بهذه الطريقة المثلى التي ستجلب السيولة النقدية إلى الإقليم، وأيضاً تحافظ على النقد الموجود في إقليم كوردستان من الخروج إلى الخارج؟، وتحديداً إلى كل من كياني إيران وتركيا اللذان يشتريان بالمال الكوردي القادم من إقليم كوردستان أسلحة وأعتده حربية لكي يقتلون بها بدم بارد أبناء الشعب الكوردي المسالم؟؟؟. وعلى المستوى السياسي لم يستطيعا الحزبان المذكوران بتحقيق أية أمنية من أماني الشعب الكوردي الجريح. ليس فقط لم يستطيعا إعادة كركوك السليبة والأراضي المغتصبة الأخرى من أيادي الأعراب إلى حضن الإقليم، بل باعها طرف منهما إلى السلطة الشيعية الحاكمة في بغداد ومعها مدينة خورماتو أيضاً!!!. واجتماعياً، قبل تحرير جنوب كوردستان على يد الجيش الأمريكي، ومن ثم تحويل السلطة من قبله إلى  الأخوة الأعداء؟ كان الوعي القومي والوطني الكوردي والكوردستاني “کوردایەتی” أفضل ألف مرة مما هو عليه الآن. وفي هذه السنين العجاف إنه حصروا مشكلتهم مع بغداد المعتدية في مربع إرسال رواتب الإقليم؟!، للأسف بتبنيهم هذه السياسة الخانعة حولوا شعب كوردستان إلى شعب مستجدي ينظر إلى ما تجود بها أيادي بياع السبح والمحابس، ومصلح المصاعد، وأصحاب الدكات؟؟؟!!!. لكي أكون دقيقاً فيما أقول، هذا لا يعني أن الأحزاب الكوردستانية الأخرى بعلمانييها وإسلامييها أفضل من هذين الحزبين… بل أنهم أكثر شروراً وفساداً منهما، وأسوأ من جميعهم الأحزاب والمنظمات الشيعية الحاكمة في بغداد. لكن للتاريخ أقول، إن الحزبين الحاكمين في إقليم كوردستان“الديمقراطي و الاتحاد” حولا إقليم كوردستان إلى شركة العائلة ” The family company“.

والسلام على كورد وكوردستان.