30 ديسمبر، 2024 8:20 م

حقيقة موقف القرآن من المرأة 29/41

حقيقة موقف القرآن من المرأة 29/41

وهذه أمثلة أخرى على مخاطبة النساء من خلال الرجال، مما يؤكد تبعيتهن وعدم كونهن شخصيات مستقلة.
«يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا … وَإِن كُنتُم مَّرضى أَو على سَفَرٍ أَو جاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الغائِطِ أَو لامَستُمُ النِّساءَ، فَلَم تَجِدوا ماءً، فَتَيَمَّموا صَعيدًا طَيِّبًا فَامسَحوا بِوُجوهِكُم وَأَيديكُم، إِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا غَفورًا.» (4 النساء 43)
دعونا نتوقف عند عبارة «أَو لامَستُمُ النِّساءَ». هناك تفسيران، أحدهما معتمد من قبل معظم السنة، والثاني من قبل معظم الشيعة. وقبل بيان التفسيرين السني والشيعي، أقول لا أدري كيف يكون شعور المرأة، عندما يرد ذكرها مقترنا بـ«الغائِط» بقول «أَو جاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الغائِطِ أَو لامَستُمُ النِّساءَ». ولكن بعيدا عن ذلك، دعونا نتناول التفسيرين السني والشيعي، بمقدار ما لذلك من علاقة ببحثنا هنا. التفسير السني، هو بطلان الوضوء بملامسة النساء، ولذا هناك من لا يرى حرمة مصافحة النساء من السنة المرنين غير المتزمتين، ولكنهم يتجنبون مصافحة المرأة، إذا ما كانوا على وضوء ويريدون الصلاة، لأن مصافحة المرأة عندهم، وكذلك أية ملامسة جسدية مباشرة لها من غير حاجب مبطل للوضوء، ولم يخبرنا هؤلاء الفقهاء ما إذا يكون الوضوء باطلا أيضا للمرأة، إذا صافحت رجلا، والظاهر أنها وحدها مُبطِلة لوضوء الرجل بالملامسة، بينما هو غير مبطِل لوضوئها. فإذا كان الأمر كذلك، فلو كانت معنية أيضا ببطلان وضوئها، لكان ينبغي أن تخاطب الآية النساء أيضا بقول مشابه، كأن يكون: (يا أَيَّتُها اللّاتي آمَنَّ إِن كُنتُنَّ مَريضاتٍ أَو على سَفَرٍ أَو جاءَ أَحَدٌ مِّنكُنَّ مِّن الغائِطِ أَو لامَستُنَّ الرِّجالَ، فَلَم تَجِدنَ ماءً، فَتَيَمَّمنَ صَعيدًا طَيِّبًا). هذا على فرض صحة التفسير السني. ودعونا ننظر في التفسير الشيعي، الذي يبدو منطقيا أكثر، وهو أن المقصود بملامسة النساء، هو مقاربتهن جنسيا، بمعنى أنه لو أحدثتم أيها الرجال حدثا أصغر، بأن جاءكم الغائط أو تبولتم أو خرجت منكم ريح، أو أحدثتم حدثا أكبر بأن جامعتم النساء، فأدخلتم حتى لو من غير قذف، أو قذفتم حتى لو من غير إدخال، أو من غير ملامسة النساء، فيما يعتبره الفقهاء حدثا أكبر يوجب الغسل، بينما الحدث الأصغر يوجب الوضوء، وفي حال عدم توفر الماء، فعليكم بالتيمم، بديلا عن كل من الوضوء أو الغسل. ولكن حتى هنا كان ينبغي أن تخاطب النساء أيضا، بأنهن أيضا معنيات بالوضوء، إذا جئن الغائط، ومعنيات بوجوب الغسل، إذا ما مارسن العملية الجنسية مع أزواجهن أو بعولتهن حسب المصطلح القرآني. هذا إذن مثال آخر على أن الله القرآني يتجنب مخاطبة النساء مباشرة، بل يوصل إليهن ما يعنيهن عبر الرجال.

وربما من تجنبا للتكرار بمخاطبة الرجال تارة، ومخاطبة النساء تارة أخرى، ولو إن القرآن لا يملّ أبدا من تكرار الكثير الكثير، بحيث لو تجتنب التكرار، لاختزل القرآن إلى ثلث أو ربع حجمه الحالي، بل ربما إلى أقل من ذلك بكثير، مع هذا دعونا نجرب النص مخاطبا الجنسين، عندها يكون: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا … وَإِن كُنتُم مَّرضى … أَو لامَسَ الرِّجالُ وَالنِّساءُ بَعضُهُمُ الآخَرَ …). لكن القرآن يصر على تجاهل المرأة في الخطاب.

أحدث المقالات

أحدث المقالات