18 ديسمبر، 2024 10:20 م

حقيقة التطبيع ورفضه

حقيقة التطبيع ورفضه

(وحماقة المروجين لعدم جدوى المقاطعة)
اسرائيل تريد تثبيت الوجود ،، وجودها في ارض عربية ، فلو اعترف بها العالم كله لافائدة وتبقى متخوفة ، فالارض المغتصبة عربية بعد كل شيء والمحيط عربي ، واسرائيل -بدهاء مخططيها- ادركت ان الحكام العرب ولانهم غير متجذرين ولا منتخبين-فلن ينفعوها لوحدهم، وان الاهم هو التطبيع الشعبي بين المحيط العربي ، فالحكام افراد بعد كل شيء ، بل وافراد شاذون ومنحرفون عن مجتمعاتهم اخلاقيا وقيميا ، واسرائيل والغرب اول من يعرف ذلك فهو الذي نصبهم او دعمهم في الاقل. وهنا المعادلة المستعصية على الحل وموازنة اطرافها منذ قرابة قرن. فاذا تركوا الشعوب تنتخب فسياتي حكام مثل مرسي وعباس مدني وراشد الغنوشي و قادة حماس وماشابههم ، وهذا النموذج التركي الماليزي الباكستاني القوي الذي يخرج من صميم شعبه فيلتف حوله الناس فيقودهم الى التقدم ثم معارضة الوجود الاسرائيلي بقوة ، وان بدا شكليا انه لايفعل كل مايجب ، ولكن اسرائيل تعرف ان نماذجا مثل هذه تزرع في اجيال شعوبها نزعة العز والرفض وتؤسس فيهم خصلة القوة العسكرية فعندما تحين ساعة الصفر ستواجه اسرائيل وداعموها الغربيون جنودا وقادة وشعوبا قادرة على اقتلاعها.
ومن طرف اخر فان تدخل الغرب ونصب من يريد من المنفصلين عن تطلعات شعوبهم ، فهؤلاء وان طبعوا وعقدوا الاتفاقات لصالح اسرائيل فان الامر يبقى مجوفا من داخله ومنفصلا عن قاعدته، فحالما يزول تاثير الحاكم بموته او رحيله يعود الشعب الى نفس النهج المخاصم لاسرائيل ،،وإذن فكان لابد من التاثير والتغيير ايديولوجيا وشعبيا ، وكانت فرصة اسرائيل الذهبية – وهي لاتضيع فرصة- هي العولمة والنت ووسائل التواصل والاعلام التي غزت كل بيت في العالم ، فارادوا الجمع بين الحكام المتعاونين او الخونة مثل السيسي وبن سلمان وبن زايد و حاكم البحرين وعمان وحاكم الاردن ودمى العراق ، وبين سهولة ترويج الامور بين الناس عبر وسائل النت . وجود حكام مرتدين عن الدين – وان اخفوا ذلك- وملحدين يؤمنون ان الدنيا لاحساب بعدها هو اكبر محرك لاسرائيل للوصول لهدفها اليوم ، ولكن العامل الاكبر لنجاح ذلك واختلافه عن ذي قبل هو تطبيع الشعوب و جعلها تتقبل الفكرة بل وتستسيغها وتعجب بها بعد ذلك ، وهذا مايحصل ، يساعد في ذلك اشباه المثقفين من المطبلين ، وكذلك المتفيقهون في الدين دون علمية او سند وقد اصبحوا عددا كبيرا بيننا ، فهؤلاء يهيئون للحكام امر رعيتهم .
فاصرار اسرائيل على تفاصيل صغيرة تبدو للجاهل بلاقيمة مثل مباراة رياضية دون انسحاب الطرف العربي كما في السابق ، او زيارات شعبية بحجة السياحة ، او تبادل ثقافي او بضائع اقتصادية او حتى قبول العرب لصفحات باسم اسرائيل على تطبيقات التواصل ، كل هذا بالغ الاهمية لاسرائيل في هذه المرحلة والذي يستهين به اما احمق او متواطئ مشتهي لذلك.
فما بالك بشراء اراض ومساكن بين العرب وتجنيس اسرائيليين كما في الامارات او تاشيرات دخول لهم كما في بلاد الحرمين او تعاون اقتصادي مباشر كما في مصر او دخولهم الى عمق الاجهزة الامنية العربية وتدريبها كما في اقليم شمال العراق الكردي والاردن . وهكذا.
فالذي يستغرب من رفض الشرفاء العرب شعبيا للتطبيع عليه ان يعي هذه الحقيقة ، وهي ان اسرائيل تريد اعتراف العرب كشعوب والتعايش معهم ،ليصبح وجودها حقيقة مسلم بها.
والغرب و اروبا والعالم ينظرون الى جيران اسرائيل ، فعندما تكون الامور مستريحة شعبيا ، ستكون مواقفهم امام شعوبهم الاوربية اكثر اريحية حين يدعمون اسرائيل علنا.
فالغرب كثير منه لم يعترف باسرائيل او وجودها في مناطق معينة من فلسطين واهمها القدس الى الان او الى وقت قريب مجاملة للعرب . فاذا العرب – بشعوبهم وليس حكامهم فقط- اعترفوا وتقبلوا وتعايشوا مع فكرة وجود جار اسمه اسرائيل على ارض فلسطين ، فحينئذ ماذا ينتظر الغرب او افريقيا او امريكا الجنوبية او دول اسيا لتعترف باسرائيل او تتقبلها ،!
لايمكن ان يكونوا عربا اكثر من العرب . وهذه هي حقيقة التطبيع بالنسبة لاسرائيل والحكام الذين ركبتهم.
وهذه اهمية رفضه شعبيا ولو بالكلمة. وهي مسؤولية تاريخية ودينية وقومية عظيمة تقع على عاتق هذا الجيل.