18 ديسمبر، 2024 8:09 م

حقوق الكورد و عدالة السماء الاستفتاء نموذجاً

حقوق الكورد و عدالة السماء الاستفتاء نموذجاً

الشعب الكوردي أصيل بتاريخه و جغرافيته و خدمته الانسانية و حبه للخير و التعايش و معروف بكرمه و شجاعته و بساطته .
لكن المبدأ الفصل في العلاقات المتبادلة في المجتمع قديماً و اكثرها وضوحاً حديثاً هي المصالح , فالوعود والعواطف غرباء و لاتجد نفسها ضمن نطاقها , و لذا فان الشعب الكوردي كان ضحية مصالح الدول العظمى بالاتفاق مع الدول الاقليمية .
و في مقابل ذلك فان عدالة السماء كانت لأتفاقاتهم و مؤامراتهم بالمرصاد , و من السنن الكونية المتداولة بشكل شبه يومي ان الظلم لا يدوم , و لنا من الامثلة الحية على عدالة الله في الظالمين ما لا يحصى و لا يعد .
ففي كل مرة عندما تحك اعداء الكورد مؤامراتهم خلف الكواليس كانت عدالة الخالق تلاحقهم و تفعل بهم حيث نرى عظمة الخالق في كشفهم و فضحهم و كشف المستور بل و الادهى منها ان اطراف المؤامرات تحسبهم جميعاً ولكن قلوبهم شتى , و لا يكاد يمر سنة او سنوات إلا و تبدأ سمومهم بالقذف نحو بعضهم البعض , و هذا يدل على ان الشعب الكوردي مظلوم و قد سلب حقوقه , و ان الاتفاق على ظلم شعب لا يدوم , بل و يعكس عليهم فينقلب السحر على الساحر , أي ان مردود الاتفاقات يكون عليهم اولاً و ليس لهم و لنأخذ من الواقع و التاريخ امثلة في سبيل المثال لا الحصر لأن الزمن كفيل بكشف الاسرار :-
قبل سنوات تم الكشف عن ملف التحقيق في حادث وفاة (محمد صديق بن يحيى / وزير الخارجية الجزائري ) في 3/5/1982 اثر تحطم طائرته على بعد (50) كلم من الحدود الفاصلة بين العراق و تركيا حيث كان في مهمة دبلوماسية لحل الخلاف و محاولة وقف الحرب الدائرة بين ايران و العراق , حيث تشير التحقيقات التي اجرتها الجهات المعنية (الجزائرية طبعاً) على تورط الحكومة العراقية انذاك بالقضية , و ذلك لأن دولة الجزائر كانت قد استظافت اطراف اتفاقية الجزائر المشؤومة في 6/3/1975 بين ايران و العراق بمباركة امريكية حيث تم الاتفاق على تنازل العراق لجزء من شط العرب مقابل قيام ايران بوقف دعمها للحركة التحررية الكوردية , هذا الاتفاق الذي لم يدم طويلاً فبعد خمس سنوات نشبت حرب طاحنة بين العراق و ايران ذهبت ضحيتها الالاف من ابرياء و لولا ضعف الجزائر امام جبروت النظام العراقي انذاك لاختلفت الامور و اختلت الموازين , و لكن فضاحة الموقف دفعهم الى حظر الكشف عنها . و لم يكن مصير شاه باحسن فبعد اربع سنوات اطاح به الملالي للاعلان عن ايران جمهورية اسلامية , و كذلك النظام العراقي الذي ادخل العراق في دوامة من الحروب و المأسي و الحصار حتى تم تحرير العراق منه في عام 2003 بتحالف دولي بقيادة أمريكا .
ايام تفصلنا عن الذكرى الاولى لاجراء الاستفتاء الكوردستاني في 25/9/2017 باعتباره حقاً مشروعاً دستورياً لهذا الشعب , و كانت ردود الافعال الداخلية و الخارجية (الاقليمية و الدولية) لا يستهان بها و لكن ارادة الشعب الصامدة و اصرار القيادة السياسية و خاصة السيد (مسعود البارزاني) على اجراءه رغم كل الضغوطات و التهديدات المبطنة قرر الشعب بنسبة 93% لصالح الاستفتاء و بناء كيان سياسي مستقل له , فأثارة حفيظتهم و بدأت ماكنات الحقد و الكراهية تعمل و اجتماعات الظلام تعقد و ايادي الخونة تكشف , فكانت الحصار و العزلة و غلق الحدود و المطارات و اخيراً تسليم مدينة كركوك و المناطق الاخرى , و لكن حكمة القيادة السياسية حالت دون تحقيق اهدافهم بانهاء الكيان الكوردستاني و ازالته و بدأت المشاورات تجري إلى ان أستعاد الاقليم عافيته و إن لم يكن كاملاً .
و لكن عدالة السماء كانت لاعداء حقوق الكورد بالمرصاد فبعد حوالي سنة من اجراءها بات (حيدر العبادي) رئيس وزراء العراق الذي لعب رامي الرمح في العملية يأن تحت ضغط اقرب حلفاءه و ان احلامه بولاية ثانية تبددت ، و ربما الاتي تقديمه الى المحاكمة و ايران التي اغلقت حدودها بوجه الاقليم , ترى اليوم بانه يعيش في عزلة دولية و ازمة اقتصادية و مالية تطلب من حكومة الاقليم مساعدتها و عدم غلق حدودها و قد وصلت قيمة عملتها الى ادنى المستويات و المظاهرات تخرج هنا و هناك لتطالب باسقاط النظام .
و تركيا هي الاخرى رغم موقفها غير المتشدد إلا انها تمر بأزمة مالية و عزلة دولية و خاصة مع امريكا فعلاقتها تمر بأسؤ المراحل .
و كل هذا تدلنا على العلاقة الطيبة المتينة بين حقوق الكورد و عدالة السماء ، فمن يقف بوجه الكورد على نيل حقوقهم ينتظر المصير المجهول ، و على الكورد ان يستفادوا منها و يأخذوا منها الدروس و العبر , فان لله في خلقه سنن و اقدار من تمسك بها فاز و انتصر و من خالفها هزم و اندحر .