لا أدري لماذا تذكرت مقولة ( أرضاء الناس غاية لا تدرك) وأنا أرثي الراحل الكبير مؤيد البدري ، الذي فجع العراقيين كلهم بوفاته وليس الوسط الرياضي فقط ، المقولة التي كثيرا ما قرأناها وسمعنا بها ورددناها ، وفعلا يصعب أن ترضي الناس جميعا وتكسب محبتهم ، ولا أعتقد أن هناك من أستطاع ذلك!؟ ، وذلك لأختلاف نفسية الناس وأمزجتهم وأرائهم وثقافاتهم وبيئتهم وخلفياتهم العلمية والأجتماعية والتربوية والدينية والقومية والمذهبية والعشائرية ، وما الى ذلك. ولكني توقفت بأنبهار وتعجب كبير عندما وجدت أن الراحل الكبير البدري قد قهر تلك المقولة التاريخية وأدركها! ، عندما تفرد بذلك ، حيث أستطاع أن يحظى بمحبة ورضى وأحترام وتقدير كل العراقيين وبلا أستثناء وعلى أختلاف بيئاتهم وتوجهاتهم ومعتقداتهم، رغم ما معروف عن العراقيين تاريخيا بأنهم لم يرضوا على أحد!! ، ولا أكون مبالغا أذا قلت أن السر وراء ذلك هو الله عز وعلا! ، عندما جعل شيئا من محبته في صورة وشكل الأستاذ مؤيد البدري وحتى في صوته! مما جعله محبوبا ومقبولا لدى كل من يراه ويلتقيه ويشاهده ويسمعه! ، وأكاد أجزم بأنه لا يوجد أحد لا يحب مؤيد البدري! ، أو حمل عليه ضغينة في يوم ما . كما وتفرد البدري عن غيره من الشخصيات الرياضية وبأجماع كل العراقيين بأنه هو من حبب الرياضة الى قلوب ونفوس العراقيين ، ليس في كرة القدم فقط بل في كل الألعاب الرياضية من خلال برنامجه الأسبوعي (الرياضة في الأسبوع) الذي قدمه على مدى 30 عاما بلا أنقطاع وبنجاح كبير، والذي تربت عليه أجيال وأجيال، فكانت الساعة التاسعة مساء من يوم الثلاثاء من كل أسبوع موعد تقديم البرنامج ، أشبه بحظر التجوال في عموم العراق !! ، حيث يتسمر الجميع أمام شاشات التلفزيون نساء ، رجال ، شيوخ، صغار كبار ليشاهدوا ويسمعوا محبوب الملايين محبوب العراقيين ، وهو ينقل لهم أخبار الرياضة محليا وعالميا بطريقة جميلة وسهلة وبلا تكلف أو تصنع وبتلقائية وبصوته الرخيم الذي يأسر القلب! ، فكان لبرنامجه أثر كبير في نشر الثقافة الرياضية لدى عموم العراقيين. وكان صوت مؤيد البدري وبرنامجه وتعليقه على المباراة الكروية، هو من ينسي العراقيين آلامهم وأوجاعهم من السياسة وأخبارها وحماقات وتهور رموزها!. كان صوت مؤيد البدري هو صوت الوطن الواحد والعراق الواحد فبقدر ما فرقت السياسة وأحزابها العراقيين، كان صوت البدري وتعليقه على المباراة هو من يجمعهم تحت خيمة العراق الواحد!. أبا زيدون ليعلم أهلك وذويك بأنك لم تمت! فأنت باق في قلوبنا وعقولنا وتبقى صورتك مرسومة في أعيينا لأنك أنت العراق والعراق هو أنت، فأنت من علمتنا وجمعتنا على حب العراق! ، من خلال تعليقك على أية مباراة يخوضها ويلعبها الفريق العراقي . ويبقى صدى صرخات صوتك عندما فزنا ببطولة شباب أسيا عام 1977!!، في قلوبنا وعقولنا وأرواحنا تتناقله الأجيال جيل بعد جيل ، لأنه يمثل حب العراق الواحد والشعب الواحد والوطن الواحد، فنم قرير العين ، بدعاء كل العراقيين لك بأن تكون الجنة مثواك ، لأنك أدركت محبتهم ورضاهم جميعا بلا أستثناء. وأنا لله وأنا أليه لراجعون.