18 ديسمبر، 2024 8:19 م

حقاً نحن في أمّ المعارك !

حقاً نحن في أمّ المعارك !

بتناغمٍ غيرِ متناغم , ومتوائم وليس بملائم , فالعراق وحكومة العراق يخوضونَ غمارَ معاركٍ دفاعيةٍ – هجوميةٍ على كافة الجبهات والمحاور وبنسبة 180 درجة , بل وحتى 360 درجة .!

وإذ بنيرانٍ هادئة تندلع معركة مكافحة الفساد وبتدرّجٍ غير متسلسل , مبتدئةٍ بالفسدةِ الصغار قبل الكبار , وعلى جُرُعات ودفعات وكأنها بالقرعة .! وترافق هذه المعركة وبالتوازي والتوالي , الإستحضارات والإستعدادات المبكّرة لأنتخابات السنة المقبلة بهدف انتزاع والفوز برأس السلطة من قبل احزاب السلطة , ويبدو ووفقاً للأخبار بأنّ التحالفات الجديدة او بعضها هي ليست سوى افراز لصراعاتٍ اقليمية في المنطقة , لكنّ علائم القلق والتحسّب تلقي بظلالها على نتائج تلك الأنتخابات منذ الآن , وعمّا سيؤول اليه مصير البلد .

الجبهةُ الأخرى والتي لا يبدو او لا يراد لها أن تخمد هي وضع المجابهة مع الأقليم او مع الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة البرزاني , حيث مدفعية البيشمركة تقف متقابلة مع مدفعية الجيش العراقي , وكأنّ هنالك معركة مؤجلّة .! , ولا ريب أنّ الوضع المعلّق القائم مع الأقليم يكاد يستنزف الرأي العام العراقي نفسياً وفكرياً , بالأضافة لما يضيفه من هموم لحكومة العبادي , ومما يزيد هذه الهموم تعقيداً هو كميات النفط التي تتهرّب من الأقليم الى تركيا ودون تمكّن الحكومة من وضع حدٍ لهذا الخلل بسبب المداخلات السياسية الدولية والأقليمية على الأقل .!

وبجانبِ هذا وذاك , فتكادُ كلّ وزارةٍ من وزارة الدولة تشكّل ازمةً مشتعلة وصداعاً فكرياً ونفسياً للمجتمع .! ولا ندري كيف يغدو توصيف مهزلة فكّ ارتباط المستشفيات من وزارة الصحة وربطها بمجلس محافظة بغداد ! والمستشفيات تخلو من معظم العلاجات والأدوية , وتحوم في اروقتها اسراب الحشرات وتفترشها القاذورات .! ويعزز الأزمة أنّ المختبرات الأهلية والصيدليات امست تجارة غير شرعية ومربحة على حساب المواطن .! , كما كلّ امرءٍ يسخر من وجود وزارة تسمى بوزارة البيئة , والبيئة في العراق هي الأكثر تلوّثاً , ويسخر ايضاً من وجود وزارة العلوم والتكنولوجيا , بينما ” الفصل العشائري ” والتلاعب بقانون الأحوال الشخصية هي تكنولوجيا العملية السياسية في العراق .!

وحربٌ شعواءٌ اخرى هي حرب المياه المندلعة بين بعض المحافظات في تجاوز الحصص المائية المقررة , ولا من حلّ في الأفق .! , والى ذلك فمن الصعوبةِ بمكان تصوّر اولويات الحكومة في معالجة الأزمات والأوضاع المترديّة في عموم البلاد , فعدا الجانب الأمني والمعارك التي جرت مع داعش , فمن المعيب اخلاقيا وانسانياً بقاء او الإبقاء على مئات الآلاف من العوائل في الخيم ومعسكرات اللاجئين مع نقصٍ مدقع في تقديم الخدمات الحياتية البسيطة اليهم , كما أنه أمرٌ لا يتقبّله العقل والمنطق في منع اعدادٍ كبيرة من العوائل في العودة الى مناطق سكناهم ! وهذه سابقة لم تسبقها سابقة بتأريخ العراق ودول العالم .!

وعن ايةِ وزارةٍ اخرى نتحدث .! هل نقول أنّ بوابة استيراد المنتجات الزراعية مفتوحةٌ على مصراعيها لمحاربة المنتوج الوطني ! والأمر مسحوب على المنتوجات غير الزراعية ايضاً , أمْ نتحدث عن نظام التعليم المصنّف بأنه الأسوأ عالمياً , ومن يتابع ما يجري من تفاصيل التجاوز في الكليات والجامعات فيشيب له الرأس مبكّراً .! , ولا يمكننا هنا التوسّع اكثر فأكثر , ولا نتطرّق الى النظام المصرفي البائس ! ولا نشير الى الدولة إذ تبيع احتياطها من العملة الصعبة في المزاد العلني .! , ولا نومئ أنّ رواتب الموظفين والمتقاعدين تتباين بين وزارةٍ واخرى , والأستقطاعات تتزايد بينما انخفضت نفقات ومتطلبات الحرب مع داعش بأنتهاء داعش , ولا مجال لمزيدٍ من السرد في هذا البرد .

لكنه اذا ما تركنا ” هنا ” منظومة ” القيادة والسيطرة ” المفقودة لدى احزاب الأسلام السياسي التي تحكم البلد , وفي تخبّطها في ادارة شؤون كلّ العراق , فأنّ مَنْ يتأمّل الجمهور العراقي يملأ المولات والكافيتيريات و” الكوفي شوبات ” والنوادي الترفيهية , ومَنْ يلحظ الأستعدادات المبكّرة لإحتفالات رأس الميلادية القادمة , فسيدرك مسبقاً معنى التحدّي الجماهيري المتدفّق لكلّ ما افرزته العملية السياسية واحزابها منذ نشوئها ونشوبها ولغاية الآن .! إنّه تحدٍّ للطائفية وللفكر والنهج الظلامي المشابه للفكر الداعشي , انّه تحدٍّ لإعتناق وعناق الطبيعة والحياة , ودونما تطرّق لنبال النقد اللائي تزخر بها السوشيال ميديا لأداء حكومات ما بعد الأحتلال او مع الأحتلال .!