حقائق صادمة كشفتها أحداث الفلوجة والرمادي عن تنظيمات القاعدة وداعش والأجهزة الأمنية في محافظة الأنبار , فهذه الأحداث الصادمة قد أيدّت النظرية التي تقول أنّ الحاضنة الأكبر لهذه التنظيمات الإرهابية موجودة داخل المدن وبين العشائر , وقطعان الجرذان التي خرجت من جحورها لم تأتي من الصحراء كما يحاول البعض أن يوهم الرأي العام ويقفز على الحقائق ويصوّر أنّ هؤلاء الأوباش لا علاقة لهم بأبناء الأنبار وهم غرباء قد جاؤوا من الصحراء , بل هم أبناء الأنبار و أبناء العشائر التي تقاتلهم الآن , وهم ليسوا بغرباء .
ومن أجل استلهام الدروس والعبر من هذه الأحداث المؤلمة والصادمة , علينا قبل كل شئ أن نقف بجرأة وشجاعة ونشخص الواقع كما هو من أجل بلدنا وشعبنا وعدم تكرار هذه الأحداث مرة أخرى في اي مدينة أو محافظة أخرى , فجميع الشواهد على الأرض تثبت أنّ هذه المجاميع الإرهابية لم تدخل مدينتي الفلوجة والرمادي من الصحراء كما يحاول البعض أن يزوّر الحقائق ويقفز فوقها , بل أنّ هذه المجاميع خرجت من داخل الأحياء والمدن , والسيارات والأسلحة التي استخدمتها هي موجودة بالأصل في هذه الاحياء والمدن , وهي مجاميع لا تتعدى بضعة مئات وليس أكثر , ودليلنا على صحة هذه النظرية , هو أنّه لو كانت هذه المجاميع من خارج المدن والعشائر , فيفترض أنّهم جميعا أمّا قتلى في الشوارع أو أسرى بيد الجيش والأجهزة الأمنية , وليس من المنطق لأحد أن يقول أنّهم هربوا إلى الصحراء التي جاؤوا منها , فهذه المجاميع قد عادت إلى أوكارها التي انطلقت منها , ولم يخرج منهم جرذا واحدا إلى الصحراء , وإذا كان هنالك بضعة نفرات من غير العراقيين قد تم أسرهم فهؤلاء موجودون أصلا في الفلوجة والرمادي ولم يأتوا من خارجها .
كما أن هذه الأحداث المؤلمة قد سلّطت الضوء على الأجهزة الأمنية في الفلوجة والرمادي , فلا يعقل أنّ بضعة مئات يجوبون الشوارع بسياراتهم يسقطون المدينتين ويستولوا على مراكز الشرطة والمقرّات الأمنية ويحرقون ويدمرون الدوائر والمنشئات الحكومية وبدون أي مقاومة على الإطلاق , دون أن يكون هنالك تواطئ واتفاق مسبق مع هذه المجاميع الإرهابية وتسليم المدينتين إليهم , فربّ سائل يسأل ويقول اين هي عشرات الآلاف من أجهزة الأمن والشرطة المحلية ؟ وأين هي معداتهم وأسلحتهم ولماذا لم يقاوموا هذه المجاميع الإرهابية بها ؟ ولماذا سلّموا لهم أسلحتهم واختبأوا في بيوتهم ؟ وهل لهذا علاقة بالفتاوى التي أصدرها السعدي والرفاعي التي دعت إلى قتال الجيش العراقي وقوات الأمن ؟ اسئلة كثيرة بحاجة إلى أجوبة من أجل كشف الحقائق واستلهام الدروس والعبر .
أنّ ما جرى من أحداث مؤلمة في مدينتي الرمادي والفلوجة قد يتكرر في مناطق ومدن أخرى , ولهذا ينبغي أن نمنع تكرار مثل هذه الأحداث المؤلمة في أي مكان آخر , ويجب أن نقف وقفة حقيقية مع النفس , ونعيد بناء الأجهزة الأمنية من جديد على أسس واعتبارات مستخلصة من دروس هذه الأحداث , ولو كانت قوات الأمن المحلية التي استلمت زمام الأمن بعد خروج الجيش , من خارج هذه المدن لما حصل هذا الهروب والاستسلام المخزي , ولما حصلت هذه الخيانة للأمانة وشرف الدفاع عن الواجب والمقدّسات , ومحاولة إنكار وجود القاعدة وداعش بين أبناء المدن والعشائر هو دعم مباشر لهذه التنظيمات الإرهابية , فالقاعدة وداعش موجودة بيننا وفي بيوتنا وهي كالورم السرطاني يسري في أجسادنا , وعلينا استئصال هذه الورم الخبيث بشجاعة وإيمان بالله والوطن والشعب .