23 ديسمبر، 2024 9:52 ص

حــــــــــين  يتَـــــــــــأنسًن  –  الكلب .. وَيستكلًّب الانسان ؟!

حــــــــــين  يتَـــــــــــأنسًن  –  الكلب .. وَيستكلًّب الانسان ؟!

هذه المقالة من وحي قصة وفاء الكلب الياباني , الذي ضل ينتظر عودة مالكه على باب محطة القطار لعشرة اعوام كاملة .. حتى مات .. وتم عمل نصب تذكاري له .. تخليدا لوفائه !

للكلب وجود .. جسمه هذا الذي نراه , وبذات الوقت له ماهيته .. كلبيته .. التي هي خصائصه التي تتجلّى  في إدائه لما سُخَّر له .. هذا المخلوق الذي يمتاز بوفائه , وكل مخلوق عدا بني الانسان ماهيّته ترافق وجوده   حين ولادته .. الاّ الانسان , فانه موجود يولد بلا معنى  (( بلا ماهية )) .. فهو الذي يصنع ماهيته بنفسه بتقادم سنين عمره .. لان الانسان ذات شاعرة بوجودها  (( النفس )) . وهذا  الكيان الذي هو : ” النفس ” يَتألّف من جوهر الذات الآمرّة   ” القلب ” .. واداة تُفَكّر بها  وهي ” العقل ”  وهما يقومان بالعنصر الثالث  ” البدن ” .. فاذا كانت الذات في جوهرها نقية – طيبة , أَمرًت العقل بحساب الاشياء بطريقة حرة  , وان كانت الذات الآمرة  مريضة – خبيثة  .. حينئذ  تأتي حسابات العقل  بالاتجاه  الخاطىء (( النفس الامّرة با لسوء )) ..  إن هذه النفس إما ان تكون سامية كنفس البعض من النماذج الانسانية الراقية التي ، نعرف  ((محمد ذو الخلق العظيم بشهادة الحق )) .. وعلي الحكيم الزاهد , الذي يقطر انسانية ورقة .. والانسانية ..  انها واحدة من الامور التي لاتُفسًر تفسيرا ماديا … هي القيم الانسانية  , او بالاحرى هي انسانية الانسان .. وهي قضية عجيبة مُبهّرة !

إنـك عندما تنظر الى بقية مخلوقات الله ( عزوجل) , تجد ان لكل منها صفة  مُمّيًزة لا تنفصل عنها .. كالنمرية للنمر , والكلبية للكلب , والحمارية للحمار ..إذ ليس بالامكان العثور على كلب لا كلبية فيه  … لكن الانسان وحده الذي يمكن ان يكون انسانا  لآإنسانية فيه .. بمعنى ان يفقد تلك الخصائص التي تمنح الانسان خصوصياته الانسانية ,, هي ليست اشياء مادية نلمسها بحواسنا .. هي امور اعتبارية لاتصنعها الطبيعة , ولا اي صانع آخر .. بل الانسان وحده هو الذي يصنعها لنفسه .. جميع المدارس الفكرية في العالم قد بحثت في موضوع القيّم الانسانية وتوصلت الى حقيقة , ان الانسان هو الكائن الوحيد الذي يمكن ان ينفصل عن ذاته ( انسانيته ) .. فالحمار لايمكن ان يكون حمارا بغير حماريته , وكل حمار بالعالم يتصف بصفات غريزية هي التي تمنحه التسمية بـ ” الحمار ”  … انما الانسان وحده الذي لاتمنحه البايلوجيا الحياتية صفة ” الانسان ” .. لان انسانية الانسان شيء آخر .. فلا كل طفل يولد انسانا .. فكما الانسان لايولد عالما , وانما يولد عالما بــ  ” القوة ”  .. كذلك هو لايولد انسانا بل هو أنسان بـ ” القوة ” .. 

زبدة القول ختاما .. همّنا الدائم الفوضى الضاربة بين ظهرانينا , والتي يبدوا ان ليس لها نهاية .. مادام يذكي اوارها  بشر منا في مُنتهى السفالة والانحطاط والوحشية (( معدومي الانسانية )) , ولعلنا جميعا قد سمعنا , ان في الامم الغابرة , كان  أناسا قد ارتكبوا  الكثير من الاثم فمُسّخوا .. بمعنى أنهم تحولوا الى حيوانات . ..  قردة , وخنازبر , او ذئاب , او اي حيوان آخر عقابا لهم .. وان كان المسخ ليس جسميا , ولكن الذي لاشك فيه , ان الانسان يمكن ان يُمسّخ روحيا ونفسيا , بل قد يتَحول الى نوع من الحيوان ليس في عالم الحيوان أحط منه (( بل هم أضّل )) كما يقول القران الكريم .. انهم أحط من ذوات الاربع .. ونحن اليوم نتعايش مع الكثير من المسوخ , ومن كل اطياف المجتمع .. بدءا من السياسي الذي تحول الى غول في السرقة , او سفك الدماء .. الى رجل الدين الذي يُحًشّد ضعاف النفوس والبسطاء , ليًصنع منهم  جيًف متفجرة او محترفين في القتل , لم يكن مثلهم في تاريخ الانسانية .. الى من يُحسبون على الثقافة من العاملين في الاعلام الماجور , الى رجل الامن الذي يستبيح دم البريء بكل بساطة , الى المهندس الذي يبيع ضميره  برشوة من مقاول معدوم الضمير مثله  .. الى  طبيب يَغُّش مريضه .. الى الكثير من الدهماء الذين نصادفهم في الشارع وفي العمل , وهو لايحسن ان يَتَصرَّف كأنسان مُتحَضّر .. تبا لصدام الذي صيَّر الكثير منا مسوخا في بلد علي (ع) .. الخليفة الذي قضى عمره بطمر رقيع ونعل خصيف … لك الله ياعراق !

ضمير مستتر : (( لايُحب الله الجهر بالسوء من القول الاّ من ظٌلّم )) صدق الله العظيم .