سوء طالع العراقيين في هذا الزمن إنهم وقعوا بين نجومية حسنة ملص وشهرة عباس بيزه .. فهذه تفتي وذاك يحشد بساحات التحرير يطالب بالإصلاح , فالكل يعلم إن بعد ثورة 14 تموز انقسم البغداديون إلى معسكر الشيوعية بقيادة عبد الكريم قاسم , والى معسكر القومجية البعثية المناصر لجمال عبد الناصر , وقد دارت بينهم معارك إعلامية كبيرة وتأزمت العلاقات بين البلدان , ويومها تم إرسال خبر من المعسكر الشيوعي إلى المذيع الأشهر في إذاعة صوت العرب المصرية احمد سعيد مفادهُ إن الشيوعيين قد القوا القبض على السيدة الفاضلة العروبية المجاهدة حسنة ملص وراحوا ينكلون بها وبشرفها , كما والقوا القبض على المجاهد عباس بيزه ( وهو من أشهر قوادي المنطقة ) ؛ فما كان من الإذاعي الكبير صاحب الصوت المجلجل احمد سعيد إلا وان راح يطلق تعليقات صارخة بدون أن يتأكد من الموضوع عبر الإذاعة الأشهر وقتذاك يندد بحكومة الزعيم وبالشيوعيين ويردد بالنص :
كلنا حسنة ملص .. كلنا عباس بيزه .. من المحيط إلى الخليج .
– وانفجرت القنبلة قبل نهاية عام 2017 ؛ عندما أعلن صاحب الصوت المجلجل والطلعة البهية وكيل السيستاني عبد المهدي الكربلائي إن العملية السياسية قد فشلت , وجاء هذا الإعلان على لسان جمال الدين الشهرستاني رئيس قسم الإعلام في العتبة الحسينية .. الموضوع ليس مجرد إعلان مدفوع الثمن بل هو استهتار بالقيم والمبادئ والأخلاق انه تهديم للإنسان العراقي ولدولة عمرها 7000 سنة , الكل يعرف إن العملية السياسية تبناها العراب الأول ومرجع الأمة وحامي العرض وتاج الرأس والخط الأحمر ( السيستاني ) فهو من أفتى بوجوب انتخاب الحكومة العراقية الأولى (169 و 555 ) في ضلال الاحتلال المأساوي ومن ثم قنن مشروعيتها بدستور أمريكي عجيب .
– إن فشل العملية السياسية يستلزم إن مقتدى الصدر وبهلوانيات الإصلاح الذي دعا له وتظاهر من اجله هو أيضا في خانة الفشل والفساد كونهُ يملك من النواب والوزراء والوكلاء ورؤساء المجالس والمحافظين ماشاء الله منذ 2005 إلى هذه اللحظة .
– العجيب بالأمر إن عبد المهدي ينتقد الإلحاد ويقر انه استفحل وأصبح ظاهرة منتشرة بالمجتمع , ولا ادري أين ذهب قول الرسول صلى الله عليه واله وسلم [ إذا ظهر في زمانكم البدع والفتن فعلى العالم أن يظهر علمه وإلا عليه لعنت الله والملائكة والناس أجمعين ] , فلماذا لا يتصدى السيستاني للإلحاد لإنقاذ الشباب من الضياع .. لماذا لا يخرج للشعب ويكلمهم ويدفع الشبهات والفتن ومضلات الفتن عنهم … فشبابنا بين نيران وطاحونة الحشد والموت الزعاف وبين فكي افتراس الإلحاد والانسلاخ والتجرد الأخلاقي والاجتماعي .
– الإلحاد يعني إنكار أن هناك موجود حكيم وقادر مجرد ماوراء عالم المادة بل انه يجعل كل معارفه العلمية ورؤاهُ في افق التجربة والمختبر وبالأخير يعتبر إن المادة هي مصدر الحياة .. ومن باب أولى أن يتصدى للإلحاد وإمراضه المشرع اللاهوتي صاحب الرؤية الإلهية الكونية والمدافع عنها بالأدلة الشرعية والعقلية والذي يعتقد بواجب الوجود ينتهي إليه الخلائق كلها وفق براهين عقلية أصلها القانون القائل كل معلول يحتاج إلى وجود علة .. ولهذا السيستاني يتحمل إلحاد الشباب وانحدارهم و تسافلهم كونه صمت وسكت عن الفساد والإفساد بالأرض والإنسان ,فكثرت الملاهي والبارات وانتشار المخدرات وظاهرة الايمو لم يكن في العراق لولا الحكومات المتعاقبة في ظل الاحتلال التي بارك وجودها وأيدها بقوة الكهنوت الأعظم بفتواه التي حرمت الرجل على المرأة … فلا الشرف يدرك ولا الله يــُعرف , فإلحاد حسنة وزندقة عباس جعلت من الثور يرى الحقيقة حمراء .