23 ديسمبر، 2024 12:26 ص

الأنظمة الجمهورية العربية حطمت أنظمة حكم راسخة وذات تقاليد محكومة بدستور وقوانين , وما تمكنت من الإتيان بما هو راسخ ومتطور , فتحطمت وحطمت بلدانها معها.

وهذا واضح في العراق ومصر وليبيا واليمن , حيث كانت هذه البلدان ذات أنظمة ملكية وفيها قادة مولودون من رحم الحرب العالمية الأولى , ولديهم خبرات إمبراطورية ومهارات للتعامل مع القوى الأخرى , فتم إزاحتهم والقضاء عليهم والإتيان بشباب عديم الخبرة والحكمة والقدرة على إستشراف المخاطر والتداعيات , فحكم بإندفاعية ونزق ووفقا لدساتير مؤقتة أخذت البلاد والعباد إلى ما هي عليه اليوم من دوامات التفاقم والخسران.

وكان من المفروض أن تتطور أنظمة الحكم لا أن تنمحق , فتخلو البلاد من المعايير والضوابط التي تساهم بالإستقرار والإستثمار.

ففي العراق – على سبيل المثال – , منذ اللحظة التي تم فيهامحق النظام الملكي وحتى اليوم , لم تستقر البلاد على سكة ثابتة , وتعاظمت فيها الصراعات الداخلية والنواكب والحروب حتى آلت إلى ما هي عليه من الويل والقهر والفقدان المهين.

وقس على ذلك ليبيا واليمن ومصر التي تداهمها الوحوش الساعية لإفتراسها وتمزيق جيشها.

قد يقول قائل , أنها ثورات ذات إنجازات , لكنها إذا قيست بغيرها من ثورات الدنيا نكتشف بأنها إنقلابات أخذت بلدانها إلى المجهول , وما فتحت لشعوبها آفاقا للتعبير عن طاقاتهم وقدراتهم الحضارية الكفيلة بالتقدم والرقاء.

لو كانت ثورات لقدمت بدائل أفضل مما كان قائما قبل تسنمها الحكم , لكنها عجزت تماما وحولت البلاد إلى شخص , ما أن يذهب حتى يزول كل شيئ يتصل به , وكأن البلاد ما عادت بلادا ولا العباد عبادا , وإنما مركبا أو رقما أو حقيبة بل وسميها كما تشاء وترغب , لأنها صارت في مهب الرياح والعواصف , وبيادق على رقع الألاعيب النكراء.

وهذه المصائب التي عصفت بأمة العرب منذ بدايات النصف الثاني من القرن العشرين , مضت بوتيرة متصاعدة , وبخسائر تزداد فداحة وجسامة ودمارا وخرابا , مما أسهم في الضعف المتنامي والهوان المترامي.

وسببها الجوهري تهديم نظام سياسي قائم وإزالته عن بكرة أبيه , والفشل في إنشاء نظام سياسي مستقر يتفوق عليه أو يوازيه , ولا يزال ناعور الهدم يدور بطاقته القصوى , ولا يوجد مشروع تنمية أو بناء , فالبشر منشغل بتدوير نواعير الدموع!!