23 ديسمبر، 2024 4:03 م

حضر العيد وغابت الافراح

حضر العيد وغابت الافراح

-1-

فرحةُ العيد مضربُ الأمثال ، والناس تنتظر العيد بفارغ الصبر ، لاسيما عيد الفطر الذي يأتي بعد أيام من الصيام ، المجهد في غمرة القيظ وانقطاع الكهرباء …

-2-

ولكنّ العيد في هذا العام لم يكن الاّ موسماً موحشاً ، بعد ان عاثت عصاباتُ التكفيريين فساداً في البلاد والعباد .

-3-

كيف يلذ لنا طعم العيد، والعراق الحبيب مقطّع الأوصال ؟!

كيف نجد نكهة العيد، ومئات الآلاف من العراقيين يهيمون على وجوههم في البراري والقفار، بعد اخراجهم من منازلهم، ومصادرة أموالهم بحثاً عن مأوى يُظلهم ؟

كيف يكون العيد مُبهجا، وأطفالنا يتضورون جوعاً وعطشاً وأَلَماً ؟

-4-

لا عيدَ عندنا الاّ اذا استرجع العراق عافيتَه ، واستقرت أوضاعُه الأمنية، وزالت عنه كوابيس الرعب …

-5-

كانت الزيارات المتبادلة بين الأحبّة، هي احدى أبرز السمات في العيد .

والسؤال الآن :

هل بقيت هذه الزيارات على ما كانت عليه من الفاعلية والحرارة ،أم أنها آلتْ الى الضمور والانكماش ؟

والجواب :

انها انحسرت الى حدّ بعيد ، بعد ان اهتّز الاستقرار والأمان ، بفضل الهجمات البربرية ،والأعمال الاجرامية الانتقامية التي تمارسها عصابات داعش واضرابها، من الاوغاد الحاقدين على العراق وعلى الانسانية .

اننا حُرمنا حتى من لذة اللقاء بالأحبة والأعزاء من أهلنا واصدقائنا في العيد، فماذا بقي لنا من فرحة العيد ؟

-5-

ان مشاهد العوائل النازحة من ديارها –بفعل الاجرام الداعشي- تنخلع لهولها القلوب، فهي مشاهدُ مأساوية، تحفر خنادق اللوعة في الأعماق، وتثير العديد من ألوان الغصص اللاهبة ، وبالتالي فلا مكان للفرح مع هذه الأمواج المتلاطمة من الاحزان ….

-6-

ومأساة مسيحيي الموصل – الذين اغتصبت داعش عقاراتهم وممتلكاتهم وأجبرتهم على مغادرة بلدهم – هي احدى المواجع والفواجع التي تزامنت مع اطلالة العيد، فصبغَتْهُ بلونها القاتم …

في سابقةٍ خطيرة لا يُقرّها دين ولا قانون ، ولا يستسيغها عقل ولا عُرْف…

-7-

فاذا أضفتَ الى ذلك سلسلة التفجيرات لمراقد الانبياء – عليهم السلام – في الموصل ، والمساجد والمعابد والكنائس وأضرحة الأولياء ، ازدادت الصورة وخامةً وقتامة .

كيف يتاح لانسان ذي ضمير حرّ ، ونزعة انسانية، أنْ ينأى بنفسه عن التفاعل مع كل هذه الشجون والألام ؟!

وأين معنى عنده للنشوة والفرح بالعيد، وهو مغمور بهذه الأمواج المتلاطمة من الرزايا والمصائب ؟!!

-8-

كل ذلك على مستوى العراق .

إما اذا تجاوزناه الى (غرّة) الذبيحة في فلسطين، والتي تطايرت أشلاء أطفالها ونسائها والآمنين من أبنائها بفعل الهجمة الساحقة الماحقة للعدو الصهيوني، فحدّث ولا حرج عما تحدثه هذه المجازر الدموية الرهيبة بأهلنا في (غزة) من تمزيق لنياط القلب …

وليس الحال (طرابلس وبنغازي) في ليبيا بأحسن كثيراً من حال (غزّة)، فلقد بلغ الأمر الى حد إحراق خزانات الوقود لإحداث الكوارث البيئية الفظيعة التي تُهلك الحرث والنسل …

وملايين النازحين السوريين هي الشريحة الاخرى التي تملأ القلوب جراحاً وآلاما .

وما الاشتباكات المرّوعة التي تقع بين انصار (مرسي) المخلوع والقوات الحكومية المصرية عنا ببعيد …

انها هي الأخرى مشاهد محزنة مؤسفة .

وهكذا تلوح الفواجع هنا وهناك، على امتداد أرجاء الوطن العربي، ناهيك عما تشهده الديار المسلمة من أهوال وأحوال .

فأين هي فرحة العيد في ظّل هذه المشاهد الدامية ؟!!