لي الشرف ان اتقدم بالشكر الجزيل لجميع الاخوة الكتّاب الافاضل الذين حملوا هم القضية واخذوا يساهمون في التفاعل مع الحدث فهي قضيتنا جميعاً وما احوجنا الان لموقف شعبي تاريخي في مواجهة هذا المصير كشعب حي ولا مناص من ذلك لدفع الانتكاسة وعودة الامور بيد العبث كي لا يتراجع البلد الى الوراء لاسامح الله.
نحن لانتبنى اسلوب العنف بل نتطلع الى بناء عراق متقدم يتمتع بكل مظاهر التطور ويعيش ابناءه بسلام جنباً الى جنب رغم تعدد مذاهبه واعراقه وهذا ماتعكسه سلسلة كتاباتنا بعنوان ( نحن والاسلام ).
لاندري مَن بالضبط يتولى مهمة التخطيط للحرب الاعلامية في عودت حزب البعث الشرسة هذه ولكن لايمكن وصفها بغير الاتقان والنجاح المؤثر الباهر بحيث جارت في حنكتها ما قام به جوزيف غوبلز وزير اعلام هتلر، وطبعاً لايمكن لهذا الصعلوك المعلن عنه كمسؤول اعلامي لداعش انجاز هذا المخطط لوحده.
والبعثيون متمرسون في الاعلام اساساً ومبدأهم مشهور فيه ( اكذب اكذب حتى يصدقك الناس ) وهم عندما يترجمون مبادئهم هذه فانهم يبدعون فيها وان كانت تافهه لانهم يختارون المكان والظرف المناسبين وليس كما حاول البعض ان يستفيد من هذا التحايل فلم يجلب لنفسه غير الضرر لعدم تمرسه في سيكولوجية البعد الاعلامي.
ولم يغب الصحاف عنا في براعته وتجسيده ذلك عندما كان يتحدى ( العلوج ) ان يصلوا بغداد وهم كانوا خلف ظهرانيه في شوارعها.
وهكذا وكما اسلفنا فهم يحذروننا باللجوء الى المنظمات الدولية لاننا دعونا لاستعمال الكيمياوي مجرد دعوة ضدهم لتنظيف البلد من هذا السرطان وهم يستعملون غاز الكلور في نفس الوقت في الصقلاوية ليغطوا على ما يريدون فعله ويسمحوا لانفسهم بالتمادي في مزاولة ابشع انواع الارهاب غير عابهين باي شيء وهكذا هم كانوا ولازالوا وسيبقون كذلك لاشان لهم الا الاستحواذ على السلطة لاغير.
الم يستعملوا الكيمياوي ضد اناس مساكين عزل في حلبجة؟.
وبمطالعة بسيطة لكاتبهم المشهور والذي كان يتولى امر وكالة الانباء العراقية حسن العلوي في كتابه ( العراق دولة المنظمة السرية ) يكشف لنا ستراتيجيتهم الجهنمية التي فاقت مبدأ مكيافيلي الذي اعتمده لتثبيت سلطة الحاكم ( على السلطان لتثبيت حكمه ان يكون قوياً كالاسد محتال كالثعلب ). وان المقبور صدام استطاع عملياً الاستفادة من اساليب الشر هذه للسيطرة على هذا الشعب المسكين بقوة الحديد والنار وياليته بحث عن سير المصلحين ليغتنمها في سبيل خدمة وتطوير شعبه وكسب ودهم وسندهم ولكن ما كان هذا ليحدث باي حال بسبب الضرورة التلازمية مابين الامرين كونه نشأ في احضان اعدته لغرض اذلال العراقيين وتركيعهم وجعلهم يستمرءون الخنوع حتى وصل الامر الى انهاء الشاب العراقي نصف عمره في العسكرية واحكم الحصار على بلد باكمله واغلق النوافذ الاعلامية العالمية عليه فمن يمسك بامتلاكه (للدش) معناه الامساك به متلبساً لجريمة قد تودي بحياته واصبح الشعب يحكم بالصور وهي تملئ شوارع البلد لتذكر ابناءه بوجود طاغية لايمكن المساس به مدعماً بهاجس نفسي يشكله شعار ينتشر على الجدران يقول ( للجدران آذان )، فهو بالتاكيد رعب اعلامي نفسي، ولم نر اي اعتراض شعبي على ذلك.
هل يمكن ان ننسى؟، نعم ان ذاكرتنا قصيرة ونحن شعب عرف بعاطفيته فسرعان ما غطت الافعال السلبية لبعض من ساقهم الظرف للسيطرة على مقدرات الامور فاستغل الموقع لتمتد يده نحو ثروات الشعب ويعبث بالامر ما ادى الى اشاعة الفساد المالي والاداري على اشده فانسانا ذلك الزمن المتوحش واصبح البعض ربما لايمانع ان يعود الوضع على ما كان عليه.
ان الالية التي يوصفها حسن العلوي تنص على ستراتيجية غاية في الخباثة والذكاء وتعتمد في انجازها على امرين اساسيين،
اليد الضاربة وكيفية تتطويعها وجعلها رهن الاشارة.
والثاني اللعب على الوتر الحساس لدى الشعب لكسب موالاته، وهو كما ترى اخي القارئ تجسيد لمبدء الترهيب والترغيب ولكن بشكل بسيط وعملي.
فهو يذكر في كتابه ان ستراتيجية حزب البعث المعتمده في حال وقوعه في اي محنة ولاي سبب كان يعجز عن مجاراته خصوصاً في حال فقدانه السلطة ( وهنا يعتبرها فقدان مؤقت ) فحزب البعث لايؤمن ان تكون السلطة بيد غيره وهو ما نراه متجسداً في سوريا الآن وان انتهت سوريا عن بكرة ابيها فالى جهنم وحيث القت رحلها ام اشعب ( فانا ومن بعدي الطوفان ).
فاذا ما مر الحزب بهكذا انتكاسة فما عليه الا اللجوء الى الدين وتلبسه هذا اللبوس حتى يقوى عوده من جديد وعندها يكون لكل حدث حديث. لهذا تراهم الان يرتكزون على شماعة الطائفية والفكر المذهبي مستغلين كل ما يطالب به الاخوة السنة وهم امهر من يحسن استغلال ما يسمى ( ركوب الموجة ) والاستفادة منها من جهة وتشويه صورة الاسلام بما يفعلونه باسمه من افعال لاتطاق من خلال ممارسة الذبح واضطهاد الاخرين فهو امر يمهد لضربهم الاسلام والتوجه الديني نهائياً فيما لو قدر لهم وتسلموا السلطة اي انهم يخططون للمستقبل والاستفادة من ما يقومون به وهم بذلك يضربون اكثر من عصفور بحجر.
والا الم يكن اول من استشهد على يد حزب البعث هو الشهيد الكبير الشيخ عبد العزيز البدري (ره ) ذلك السني الذي لم يطق مجيء حزب البعث من اول وهلة فاعلن اعتراضه عليه؟.
اما تطويع ذراعهم الضاربة فيقول العلوي لقد جعل صدام حسين من الضابط العراقي عبارة عن معادلة تقول :
الضابط العراقي = كاس + سيف + امرأة ، هذا ماكان عليه الضابط العراقي زمن البعث باعتراف كاتبهم العلوي فهو كأس وسيف وامرأة واغدقوا عليه المكاسب المادية وسمحوا له باستلام الرشاوي الامر الذي جعل من الضباط القدامى يعيشون حالة من النشوة رغم انهم بهذا اصبحوا آلة طيعة بيد الطاغية حيث الى جانب هذه الصياغة كان صدام يلوح بالعصا الغليضة لمن عصا. تطويعهم على تلك التركيبة جعلتهم لايستسيغون الوضع الجديد باي حال.
فبعد ان كان الضابط يشعر بذلك التمييز الطبقي والاستعلاء الواضح على ابناء الشعب العزل بات ليس من السهل تقبل وجوده كفرد عادي مثله مثل غيره في الوسط الاجتماعي تحتم عليه مهنته خدمة ابناء بلده.
وهذا احد الاسباب الكبرى لخيانة الضباط القدامى التي نعاني منها الان فهم يشعرون بانهم مغدورين وانهم فقدوا تلك السطوة وذلك التمييز فلابد من الانتقام من هذا الحكم الجديد بدلاً من التعاون معه او عدم المبالاة على اقل تقدير واعتبارهم نصرة الوطن كانما نصرة الحكم، لهذا اصبحوا لايكترثون ولايملكون الاستعداد
للتضحية في سبيل البلد وان كان احدهم لايتجول الا بمصفحة ضد الرصاص ومنهم على سبيل المثال احدهم برتبة لواء ركن اتذكر جيداً كيف كان يلومني حيث اتجول بدون مصفحة وهو يملك ذلك رغم انه كان عضواً في وفد من ستة وزارات انا كنت اترأسه ولكن كان ردي حاسماً له بان الامور لاتحسمها المصفحات وقت المحنة وسبحان الله هكذا كان الامر فيما بعد حيث ترك القاطع كما هو معلوم للدواعش ولا ادري ان كان يتذكر ذلك الان ام لا.
وها هو البغدادي من ناحية اخرى كيف يتقلد عمامة سوداء وقد رتبها على الطريقة الشيعية وكانه من نسل بني هاشم وعلى طريقة السادة الشيعة ليوهم نظر الشيعي وكانه ينظر الى سيد حيث من المعروف ان شكل عمائم اهل السنة يختلف عن ربط العمامة الشيعية وان كانت بذؤابة. ان الامر مرتب باخراج اعلامي عالي الجودة وما زاد ويزيد دهشتي يوما بعد آخر ان ماكينتهم الاعلامية هذه مستمرة في براعتها واستفادتها من تاثير العامل النفسي فقد قرأت قبل بضعة اسابيع عنوان احد المقالات ان البغدادي برشلوني من الطراز الاول فتصور ماذا سيكون احساس شبابنا الرياضي وهم يقرأون هذا العنوان!!!.
اننا وكما ذكر الكثير من الاخوة نفتقر الى ابسط مقومات الاعلام المؤثر ولاتوجد اي مقارنة بيننا وبينهم في هذا المجال ويجب ان نقر بذلك.
هكذا هم البعثيون يجهدون انفسهم في استغلال اي شيء لتحقيق الوصول للسلطة رغم غبائهم الملموس وعدم استطاعتهم التخلص من امراضهم النفسية ليكونوا حزباً حضارياً ينشد البناء على طراز الاحزاب الديمقراطية في العالم المتطور كي يبني لتواجد اصيل محبوب قبل ان يكون محترماً في الوسط العراق الامر الذي انعكس حتى على علاقته بحزب البعث الام في سوريا والامر معروف لما انتهى اليه بميشيل عفلق وشبلي شميل.
فالتركيبة التي جاءوا بها مؤخراً قد اعد لها اعداداً حثيثاً وان كان متسارعاً.
واعد لها اعداداً اعلامياً يتضمن شبكة انترنت وتواصل اجتماعي واسع وبمشاركة فضائيات عديدة من جهة ولم تترك الاعتماد على جانب استغلال الخيانة والخدعة ( فالحرب خدعة ).
وقد بدأوا بالتمهيد لذلك من اول يوم لسقوط صدام حيث ركزوا على الجانب الامني وشغلوا البلاد بسلسلة اعمال امنية ظالمة لارحمة فيها ليسلبوا عامل الامان والاستقرار من البلد من ناحية ويجعلوا العراقيين يحنون الى حالة الامان ايام صدام من ناحية اخرى، وكذلك اسهاماً لعرقلة تطور البلد.
وان هذه السرعة جاءت لتجاوب الاطراف العربية وتخصيص الاموال الطائلة لانجاح الامر وخصوصاً من قطر والسعودية . ولكن اللاعب الاكبر هي الاردن في لعبها دور تدمر الذي كان يمثل ملتقى القوافل آنذاك فهي ملتقى رحب لهذه الاطراف ولايفوتنا ما للاردن من وضع خاص في لعب الادوار المطلوبة حين يتطلب الامر وبما يخدم المصلحة الاسرائيلية والامريكية ولاننسى كيف ان الملك حسين اول من ضغط على زناد المدفع باتجاه ايران آذاناً ببداية الحرب العراقية الايرانية وكاني به يقول كما قال عمر بن سعد وعلى خطاه ( اشهدوا لي عند الامير بن زياد انني اول من رمى ).
وقد بٌذلت جهوداً استثنائية في اقناع القوى البريطانية للتعاون معهم حيث كان من اشد العاملين على وتر الطائفية ومظلومية السنة هو صباح المختار واخيراً زيارات عبد الملك السعدي وغيره امام مجلس اللوردات البريطاني بعد ان وصلت الجهود الماضية الى هذه النتائج حيث اكتملت الطبخة واصبحت بوابة تركيا جاهزة لدخول المتطوعين في جموع داعش بعد وصول تفاعل تركيا الى ذروته اثر احتضانهم لطارق الهاشمي.
وكانت طريقة الدعوة للتطوع تتماثل والطريقة التي تبناها الممثل المعروف ال باجينو وهو امريكي من اصل ايطالي ينحدر من المافيا الايطالية في فيلمه الامريكي عندما تعهد بتدريب وارسال الجواسيس المتطوعين، وكان يلعب دور الضابط في ال CIA ويقوم بتجنيد الكوادر المختاره للعمل ويدربهم ويراقبهم مراقبة لصيقة ويلقنهم التعذيب المصطنع لاختبار قدرة التحمل ويخبرهم بانهم سيذهبون الى هناك متحملين كل شيء على عاتقهم الخاص حتى التحاقهم بالجبهات واذا ما مسك احدهم فهو لاعلاقة له باحد لذلك من الممكن ان يموت وحيداً .. وهكذا.
وقضية اقناعهم لهذا العمل لم تكن صعبة فقد تم تشكيل شبكة رهيبة في دول الخليج والبلاد العربية الاخرى وهؤلاء يرتبطون بمن له جذور “اسلامية ” في البلاد الاوربية وله اسبابه للاستعداد لهذا العمل اما متطوعي العرب فهم اما من المتطرفين الناقمين على الشيعة او ممن كان يعشق صدام ونرجسيته، لهذا فاقناعهم بوجوب الوقوف الى جانب الخير ضد الشهر امر واجب الى جانب التمتع بكل ما يمكن ان يقع بين يديه وتجاوب الحواضن الموجودة في العراق واستعدادها للانفتاح معه الى آخر الخط.
من هنا جاءت “فتاوى” حارث الهاري والسعدي بجواز نكاح من يريدون المجاهدين نكاحها حتى وصل الامر الى تقديم البعض بناتهم طوعاً استجابةً للامر وحباً لمحاربة الروافض وتطلعاً لعودة البعث للسلطة.
لقد تم عقد العزم لدى الجانب السني منذ بدء التظاهرات قبل عامين على ان يكون البعث هو اليد الضاربة لاستعادت السلطة من الشيعة باي ثمن كان.
وقد تم تبني الاسلوب العباسي في هذه الخطة باعتبارهم الاشد ظلماً وقساوة في طريق تحقيق المطلب ،
( فلم يفعل بني امية مثقال مثقال مافعلوا بنو العباس )، من هنا جاء اختيار اللون الاسود والعلم العباسي الاسود
وهم لم يخفوا ذلك حيث اطلوا بنواياهم هذه من خلال فضائية اختاروا لها اسم ( العباسية ) كوجه واضح لمشروعهم المتبنى واخذ محمد ماهود وهو يطل من هذه الفضائية متحاملاً على حكام الشيعة وكيله السباب عليهم ويتوعد بالويل والثبور وعظائم الامور التي ستقع عليهم قريباً وسيعلمون حينها ماذا اعددنا لهم تماماً كما كان يتوعد المقبور عدنان خيرالله عندما كان وزيراً للدفاع كما اشرنا في الحلقة السابقة.
ولايفوتني هنا الى ان حسن العلوي اشار في احد لقاءاته قبل بضعة اسابيع على احدى الفضائيات ويعذرني الاخوة القراء عن ذكر اسمها لانني لم اتذكره ، الى ان من ضمن الانجازات التي حققها اوجد عملاً لابن محمد هارون وهي اشارة واضحة الى من يعنيه الامر بانه على الخط.
وهكذا فلا شيء يدلل على ان داعش خارج نطاق الخط البعثي جملةً وتفصيلاً.
والله تعالى من وراء القصد