ولد النائب (حسن السنيد) في رحم التديّن والإيمان ، وفي أجواء الثقافة والأدب ، حتى قوي عوده وأشتد ساعده ، فراحت أنامله الصغيرة تمسك بقلم الشعر الكبير ، لتخط أصدق القصائد الإسلامية الوطنية القومية الثائرة .
أتذكر ـ حسن السنيد ـ وهو شاباً يافعاً يحمله طلبة الثانوية على الأكتاف وهو ينشد قصائده الحماسية في التظاهرات الجماهيرية ضد الإحتلال الصهيوني خلال حرب حزيران وحرب تشرين .
ولم يفتأ (حسنُ) هذا عن مواصلة نضاله الوطني بمحاربة الحكم الصدامي الدكتاتوري ، متحدياً الأهل والعشيرة ..متحدياً المدينة والريف ، وهو يصنع من بين الفلاحين عمالاً في المشاريع التي كان ينفذها كمهندس مدني للري في مدينة سوق الشيوخ ، مؤهلاً أولئك العمال في مطلع السبعينيات ليكونوا مشاريع جهاد وثورة على الظالمين في القابل من الأعوام ، وقد أستحضرهم جميعاً في الأهوار .. هور الحمّار و هور الأزيرج و هور النواشي إتصالاً بأهوار الأحواز ليستكمل مشروعه الجهادي في أهوار الحويزة بإيران الإسلامية ، ولم يقف عند الجهاد المسلح ، بل ؛ واصل جهاده الثقافي من خلال بث قصائده الوطنية والإسلامية القومية التي كانت تستنهض في الإنسان العرابي والعراقي والمسلم روح التمرد على الطغاة ، وقد حاول أن يواصل كلمته وموقفه الشريف المكشوف في دمشق ولندن وبيروت والكويت باسم آخر لجسد وروح واحدين ـ جواد جميل ـ لأنَّ ـ حسن السنيد ـ أصبح مكروهاً لدى نظام الحكم الصدامي ، وهو شرف له ، أن يقتله صدام أنّى يثقفه ، فهو دعاء إمامه موسى بن جعفر الكاظم (ع) : اللهم أجعل قتلي على يد أظلم خلقك ! .. فلم ينله صدام حسين ، ولم ينله رجالاته في سوق الشيوخ ، نعم ؛ لم ينله أحد منهم ، لأنه كان خارج حدود سلطانهم الظالم ، فنالوا ظله الظليل .. أخاه ـ حيدر السنيد ـ ( اللؤلؤة الشابة ) .. نعم ؛ لقد ثقبوا قلبه ، كما ثقب يزيد قلب الإمام الحسين بمصرع أخيه العباس (ع) ! وظنوا بأنهم أترعوه السّم ، لكنهم ؛ أترعوه العزم ، فراح ينثر قصائد الياسمين على صدور الشهداء الباسمين من أبناء حزب الدعوة الإسلامية وأبناء الانتفاضة الشعبية الشعبانية الباسلة .
حسن السنيد ؛ شخصية رسالية قيادية منذ نعومة أظفاره ، كان يجمع التلاميذ ويؤسس بهم فريق لكرة القدم ، ومسيرات جماهيرية وطنية ، وكراديس عزاء حسيني فتياني في الستينيات ، كان محبوباً ومحباً للجميع .
وسرعان ما كبر ـ حسن السنيد ـ وأصبح مهندساً مدنياً ، آثر العمل في القطاع الخاص .. بعيداً عن التعيين الحكومي ، مع قلة المهندسين وحاجة المحافظة لاختصاصه الهندسي ، لكن ؛ ترفـّع عن الإغراء الحكومي بالولاء الرسالي لدينه ومذهبه المقدس ، فراح يخدم مدينته من خلال القطاع الخاص المكشوف الواضح وليس من خلال القطاع الحكومي المشوب بالريبة.
( حسن السنيد ) شاعر سياسي ، وسياسي شاعر بهموم الأمّة والوطن ، حاول أن يحتوي المواقف التي تريق الدماء ، فبذل جهوداً كبيرة لأجل الحد من تصفية البعثيين ، وكان أبناء الشهداء من أبناء حزب الدعوة يتمنون أن يأخذوا بالثأر من البعثيين الذي كتبوا التقارير ووشوا على آبائهم وأخوانهم المعدومين ، لكنه؛ كان يقول : إنهم عراقيون مسرقو الضمائر أعيدوا ضمائرهم العراقية الطيبة إلى عقولهم ، لا تقتلوهم ، فيخسر العراق أبناءه المغرر بهم ، الله هو الحاكم يوم الدين.
لقد عاش ـ حسن السنيد ـ فقيراً وما زال فقيرا ، يغدق بما يأتيه عطايا سخية للأرامل والأيتام ، ليس اليوم ـ والله ـ حتى عندما كان مهندساً يعمل مع مقاولي القطاع الخاص . ولا زال ـ حسن السنيد ـ فقيراً ولا زال ابن الفقراء والمستضعفين ، ولم يكن يوماً متجبراً أو متعاليا ، لكن مشكلة الشعب العراقي ، أن كل واحد يريد أن يكون وزيرا، ومن لم يمكنه ـ حسن السنيد ـ كي يكون وزيرا، يكون موضع سخطه وكرهه !!!
ماذا يمكن أن يقدم ـ حسن السنيد ـ أكثر من أن يتبنى على عاتقه مسؤولية مسك الملف الأمني في البرلمان العراقي .. أخطر الملفات في المرحلة السياسية للعراق منذ 2003 لحد الآن ؟!!
ماذا يمكن أن يقدم ـ حسن السنيد ـ أكثر من أن يتعاطف مع كافة القرارات التي تحقن دماء العراقيين ؟!!
هل تبنى ـ حسن السنيد ـ ملفات مالية ؟!!
هل تبنى ـ حسن السنيد ـ قرارات تقتل العراقيين ؟!!
إنصفوا هذا الرجل النبيل ، لأنَّ أمثاله قليل ـ يرحمكم الله !