بعد سقوط الموصل بيد داعش الارهابي، أظهر الواقع ان تنظيم داعش يحتل بصورة او بأخرى، اغلب مدن ومحافظات شمال وغرب العراق، بما فيها العاصمة بغداد، الذي كانت قوات داعش تحاصرها بشكل كامل، وتبعد عن مركزها مسافة لاتزيد على عشرين كيلو متر، ولاتحتاج مع خلاياها النائمة في قلب العاصمة الى ساعة من الزمن، لتفرض سيطرتها بشكل كامل على العاصمة، خاصة مع استثمار الانكسار الذي اصاب معنويات الجيش والشعب العراقي، بعد تمكن داعش من السيطرة على نينوى والزحف شمالا على حدود اربيل، وجنوبا لتحتل تكريت بشكل كامل في غضون ساعات، فضلا عن انهيار الحكومة، التي انقطعت عن الشارع ولم تتمكن من اعلان اي خطوات عاجلة، يمكنها ان تطمئن الشارع او ترفع معنوياته.
جاء يوم الجمعة الذي تلى الانهيار واليأس، لتعلن المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف، فتوى الانقاذ والانتصار وقلب الواقع رأسا على عقب، مع انتهاء خطبة الجمعة من الصحن الحسيني المطهر، حتى تبدلت الصورة بشكل كامل، امتلئت الشوارع في العراق بالرجال، تعالت الهتافات والاهازيج الحماسية، انطلق رجال الفتوى بما متوفر لديهم من سلاح شخصي، الى ساحات المواجهة.
بدأت رحلة الانتصار، من جنوب بغداد”الكراغول، شاخات اللطيفية، جرف النصر…” الى ديالى، فشمال بغداد”سبع البور، الصقلاوية، بنات الحسن” لتصل جحافل الفتوى الى شمال سامراء منطلقة من ديالى، والى تكريت، والى عزيز بلد من محور شمال بغداد، تمكنت قوات الفتوى المقدسة من تحرير مدن وقرى لم تطأها اقدام القانون والدولة منذ عام ٢٠٠٣، بل بعضها حتى قبل ٢٠٠٣كانت ملاذ امن للعصابات كجرف النصر.قوات الفتوى المقدسة، اجهضت المشروع الدولي والاقليمي في المنطقة، لذا كان هناك صراع مخفي وعلني بين هذه القوات التي تقاتل تحت راية المرجعية، وشعارها ” هيهات منا الذلة” ، وقوات التحالف الدولي الذي تشكل من “٧٠” دولة.
استمرت الانتصارات وانتعشت معنويات القوات الامنية بكافة صنوفها، لتشارك فعليا في معارك الانبار واكتفت قوات الفتوى بالاسناد، حتى تحررت الفلوجة والكرمة.
اليوم على ابواب الموصل لتختم قوات الفتوى، قصة انتصارات اذهلت العالم وغيرت المعادلة بشكل كامل وبصورة واضحة، فالملاحم الحسينية التي خاضتها هذه القوات المقدسة، تمكنت بأبسط الامكانات من التفوق على امكانات حلف الدول الكبرى والتفوق عليه في كل النواحي”التكتيك في المعركة، قلة او انعدام الخسائر بين المدنيين، التعامل مع النازحين، سرعة ودقة الحسم”، تجسد هذا بوضوح في تحرير تكريت التي كانت نسبة التدمير فيها لاتتجاوز ال”٣٪”، والانبار الذي حررها الجيش العراقي والتحالف، كان الدمار فيها” ٨٠٪”.كان سقوط الموصل فرصة لتجسيد معركة كربلاء بكل تفاصيلها، كما عجزت امكانات الدولة الاموية من طمس معالم الثورة الحسينية وتغييب انتصار الدم على السيف، عجزت المال والقوة والدس والتزوير من اخفاء ملامح معركة تحرير العراق من داعش، بمشاركة كل مكونات الطيف العراقي، وبتعامل انساني لم تشهده الحروب منذ كربلاء، فضح كل شعارات داعش واظهار حقيقتها امام كل العالم بمافيها الشعوب التي كانت تصفق وتدافع عن داعشها ومشروعها التدميري.اظهرت المواجهة مع داعش حقيقة المرجعية، ودورها الانساني والابوي لكل الانسانية والمسلمين بكافة مذاهبهم.
افرز سقوط الموصل الرجال عن الذكور، فالرجال كانوا في الميدان يتلقون رصاص الحقد والانحراف، وسقت دمائهم الطاهرة ارض العراق المحتلة لتثمر وحدة واخوة وتحرير.
الذكور فكانت بطولاتهم خلف ازرار الحاسبات او خلف شاشات الفضائيات ومواخير الفساد في جوار العراق كتركيا والاردن ودبي٠
الرجال رسموا خارطة الوطن وحفظوا وحدته، والذكور نظروا وحرضوا على الفتنة والتقسيم.
سقوط الموصل؛ وضع حد فاصل بين المعمم المجاهد الصادق مع نفسه ودينه، وانطلق الى جبهات القتال وأغاثة النازحين، والمتعمم الذي ضلل المسلمين وسعى للفتنة والخراب، واتخذ من قدسية العمامة مصدر للسحت الحرام والمتاجرة بالارض والعرض، اذن سقوط الموصل سيئة حولتها المرجعية المقدسة الى حسنة نجني اليوم وغدا ثمارها….