23 ديسمبر، 2024 6:07 ص

لم تحتفل الناصرية مثل باقي المدن بالسنة الجديدة .. لم تعم الاحتفالات الشوارع ولم تضيء شجرة الميلاد في الاماكن العامة مثلما حدث في مدن عراقية اخرى رغم بعض الامل البسيط والتفاؤل .. اكتفت الناس على الاحتفالات الشخصية التي لم تتعدَ البيوت ..

هذه المدينة فيها مصاب ووجع لايدانيه وجع ..وجع يمتد بين ازقتها وشوارعها القديمة ..على الابنية وعلى الجسور تنتشر لافتات سوداء ..جميعها تبدأ “كل نفس ذائقة الموت” لم تترك تلك اللافتات مكان ولم تظهر فيه .. جسورها وجدرانها ..اي شيء هنا اصبح حائط مبكى . يحمل لافتات الموتى فقط ..
هذه المدينة المنكوبة اقترن حزنها بالرقم 1700 شاب …..حتى الحكومة لا تعرف كم عددهم الحقيقي .. هولاء تمت خيانتهم بجهود حثيثة من قبل “انفسنا” ،الاخر، الذي رحب بداعش ..هرب الشرفاء وغير الشرفاء ايضا .. وبقى الخونة الذين يقتلون كل من يدافع عن عرضهم ..

هذه المدينة لاتزال تستقبل كل يوم غير شهداء سبايكر .. شهداء الحشد الشعبي والجيش .. هل من الممكن ان يقترن بها فرح ؟.. تخيلوا معي اي شعور يصادفكم حينما تقرأون لافتات الموتى وتكتشفون بأن اغلب من استشهدوا كانوا اصدقاء لنا في المدرسة او الجامعة او جار او قريب او احد من العائلة .

كل هذا الحزن المعتق ولايزال الساسة والنواب ابعد مما نتصور عن فهم معاناتنا ،لا انسى حزن الامهات ايضا ،كل ما اكتب عن الموتى اتذكر صمتهن وهن يفقدن ابنائهن كل يوم ..
هذا الحزن الكبير ..الا يجدر ان يكون حزنا الهيا عظيما .. نحتفي به كل سنة مثلما تحتفي المدن السعيدة بذاكرتها السعيدة ايضا .. معتقا هو الحزن الذي يجتاحنا ولايترك لنا فرصة في استثمار لحظات الفرح التي تمر ..رغم اننا نستحي في اكثر الاحيان في ان نكون سعداء فيما تمضي الاغلبية في حزن طويل وصمت اطول مما نتخيله ..
ماذا تخبئ هذه السنة لنا ونحن نمتلئ بالبكاء .. نمتلئ بالموت ..نمتلئ بالشهداء المؤجلين ..نمتلئ بالمجانين الذين لايخافون “داعش” وهم يقاتلونهم رغم كل التحديات وهم ينتظرون ان يكونوا لافتات سوداء على جسورنا الممتلئة بالخيبة..